التمثيل الشعبي أصبح ممكناً

التمثيل الشعبي أصبح ممكناً.. فما الحاجة إلى التمثيل النيابي؟
الدكتور ذوقان عبيدات

لعلّ من المسلّم به أننا لسنا ديمقراطيين، بل يميل كل صاحب سلطة إلى سلوك مغاير للديمقراطيّة، فأستاذ الجامعة لا يعكس سلوكاً ديمقراطيّا وكذلك حال الآباء والمعلمين والمديرين، فهم غالباً ما يفرضون آراءهم بحكم السلطة الشرعية الرسمية.

فالمدير يمتلك سلطة رسمية لإصدار القرار، ولذلك ينفرد به، كما أن المختص يمتلك سلطة فنية، فيتعسف في استخدامها، تحت شعار “قطعت جهينة قول كل خطيب”، فالمختص لا ينافس.

وكذلك من يمتلك سلطة شرعيّة عائلية، كزعيم العشيرة أو نائبها أو المختار، كلهم يمارسون تعسفّا، فما بالك إذا اجتمعت هذه السلطات معاً؟ إذا كان مديرك عشائريّا ومختصّا، فإن سلطته قاهرة!! هذا عن السلوك غير الديمقراطيّ، فما بالنا بالسلوك الديمقراطيّ؟

يقول حسني عايش: إن الديكتاتورية تتخذ القرارات بقطع الرؤوس، بينما تتخذ الديمقراطيّة القرارات بعدِّ الرؤوس. ولذلك تفوز الأغلبية مهما كان مستوى ثقافتها ودوافعها، وتنهزم الإقليمية مهما كان مستواها!! إن خمسين حارس عمارة كما يقول المصريون يهزمون عشرة علماء ذرّة، إذا كان القرار ديمقراطيّا فأي ديمقراطيّة هذه؟

في حديث لمروان المعشر بجمعية النهضة العربية يطالب فيه بالديمقراطيّة، سألته: لو لدينا انتخابات حرّة، وفاز الدواعش وأنصارهم ومن وراءهم هل سيسمحون لك بالحديث؟ وهل يسمحون لي ولغيري بالسؤال؟

ربما صارت الديمقراطية وسيلة لفرض الديكتاتورية، وهذه تهمة أو سلوك كسب منه إخوان مصر وغيرهم، وكسب منه وزير تربية سنة 1991 حين منع الرجال من زيارة مدارس البنات، ومنع اختلاط الموظفين في المكتب الواحد!!

وعودة إلى هدف المقالة! هل الانتخابات التمثيلية هي أفضل الوسائل؟ لقد نادى سقراط وأرسطو وأفلاطون بالتمثيل واختيار أشخاص بمستوى راقٍ لتمثيل الشعب، ذلك لعدم القدرة على معرفة رأي الشعب في ذلك الوقت! لكن الآن وفي عهد التواصل التقني فإن استطلاعات الرأي يمكن أن تتم في لحظات حيث يمكن أخذ آراء أردنيين في دقائق، يفوق عدد المصوتين في الانتخابات النيابية.

لقد صار ممكناً الآن أن الشعب يمثل نفسه دون وساطة نواب له.

بل إن المسؤولين الآن في كل العالم يعتمدون على وسائل التواصل في معرفة المعلومات والآراء التي يحتاجون إليها، بعكس آليات البرلمان التي تغوص في نقاشات طويلة وربما عقيمة.

إن التمثيل الشعبي المباشر أصبح ممكناً. فما الحاجة إلى تمثيل بالنيابة؟

في التمثيل الشعبي المباشر، يقدم كل المهتمين آراءهم، بينما لا يحدث مثل هذا في التمثيل النيابي!! هذه ليست دعوة ضد التمثيل النيابي، لكن هذا قد يحدث في كل العالم وقريبًا.

وليس سرّا أن زعماء الدول وحتى مخابراتهم يعتمدون كثيرّا على معلومات يبثها الإعلام العام أو إعلام الأفراد!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى