التكنولوجيا مِرآة لحريتنا كبشر..

التكنولوجيا مِرآة لحريتنا كبشر..
ا.د حسين محادين

1- شكرا انسانيا ضافيا للتكنولوجيا الغربية المنشأ اي “لدول المركز العولمي” منذ ثورتهم الفكرية والصناعية الاولى في القرن الثامن عشر، و شكرا للتكنولوجيا الحديثة المُصدرة لنا للآن من قِبلهم عبر ثقافة الصورة الحيّة، والمحمولة على ادوات التواصل الاجتماعي التي نوّرتنا وجعلتنا أكثر وعيا بالحقائق الشخصية والسلوكية السياسية لمسؤولينا، وبصرتنا بضرورة احترامنا لتعددية الحياة، والاقوام واللغات والفنون. هذه التكنولوجيا الفضائية الأثير والتداول، بفضلها ودون وصاية اي من السلطات، جعلتنا افراداً بكامل انسانيتنا، رغم كل اشكال الرقابات القمعية علينا، سواء الحكومية والأسرية المبالغ فيها، وحتى الدينية بتنوع مسمياتها غالبا.
هذه الرقابات التي جردتنا ولعقود سابقة، من التفكير الحرّ، وحرمتنا من فعالية وضرورة إطلاقنا لسِهام العقل الناقد على واقع حياتنا الرتيب عرببا واسلاميا كابناء “دول الهامش” والمُكبل بجبال من الممنوعات، وصولاً للأسف الى حد إستسهال البعض منا تكفير اي متنور منا، او حتى متمرد على هذه القمعيات فقط لأنه يستخدم عقله وعلمه فعلا،ودون ان يأبه بمسلمات القطيع البشري حوله في كثير من دول “الهامش” التي ما زالت مُصرة، رغم تخلفها فكراً وحقوق انسان، على عدم فحصها لصحة او خطأ الكثير من مسلماتها الذهنية اليابسة التي تُكبل تفكيرها، وسلوكياتها الحياتية منذ عقود وللآن.
2- هل اُبالغ ان قلت بأن كثيرا مما تعلمناه وما زلنا نجتره طلابا، مدرسين وعوام ، قبل تسعينيات القرن الماضي وتحديدا بعيد”ظهور نظام القطب العولمي الواحد”. وبتحديد ادق، ما يُبث ونمارسه كأفراد من حريات ومعلومات ضخمة، وعابرة لكل السلطات الدينية والحياتية معا كان الابهى في حياتنا لانه خيارتنا الحرة حقا، فقد ساعدتنا على ذلك، شعبية ادوات التكنولوجيا كحامل ومحمول للافكار، والمشاهدات الفورية والتفاعلية اللحظية مع البشر الاخرين، الى الحد الذي يمكنتا القول ان تعلمناه من تاريخ وممارسات منذ ما قبل تسعنيات القرن ” لم يعُد صالحا للتداول عموما، لابل وعلينا إعادة قراءتها وتقويم الكثير منها” كي ننجح في نيل عضوية الشعوب الديمقراطية والمتحضرة فعلا.
– اقول شكرا لكل ادوات التواصل الاجتماعي التي علمتنا ومازالت معنى وكيفية، التفاعل اللحظي مع كل من:-
أ-الحقائق الفكرية والسياسية التي تحجبها عنا حكوماتنا الهامشية التفكير والعمل ايضا منذ عقود، وما زالت تُصِر رغم انتشار هذه التكنولوجيا التي جسدت مشاعية المعارف لكل البشر وبكل الموضوعات واللغات، وبالرغم من محاربة السلطات المختلفة لانتشارها لانها كحرية للمعلومة عرّت وتُعرّي غالبا ،كذب تلك السلطات المتخلفة عن القرن الواحد والعشرين واستقاقاته الحضارية والعلمية المنافسة، بكل المعاني والممارسات البعيدة عن روحه، وحرية مواطنينه على هذه البسيطة التي غدت بفضل التكنولوجيا بحجم ومضة البصر والهاتف خلوي في آن .
ب- علمتنا التكنولوجيا كايدلوجيا ضمناً، وبصورة نسبية متنامية، كيف يكون الأنسان انسانا بغض النظر عن لونه، ومعتقده، ومكان سكنه، وان العنف الممارس عليه وبكل مسمياته، سواء اكان مصدره حكوميا ،ام جماعيا، او فرديا هو سلوك مرفوض ومدان،وان ربط المساعدات المختلفة المقدمة من قِبل دول “المركز العولمي”لدول الهامش اصبح مربوط بملفات حقوق الانسان ،والزامية القانون الدولي، وقرارات المنظمات الدولية، والاتفاقيات الدولية التي تمُثل سطوة هذه الدول على الضعاف الاخرين في عالم القطب الاقوى، وإلا لو بقيت التغيرات السياسبة والحياتية مقتصرة على قرارات دولنا الهامشية لكان التغير بطيئا، ولبقيت الكثير منها مفقودة الديمقراطية والشفافية والحريات النسبية ايضا.
شكرا..للتكنولوجيا كعلم لانها محايدة فعلا، لانها تحمل وتُحمل ما يُبث عبرها من افكار وصور وماس وافراح كما نختارها ووقت ما نقرره نحن، بكل حرية وعدالة بين البشر كمستخدمين لها، فنحن احرار بدواخلنا في ما نبث، او نشاهد بكامل مدياتنا الفردية..وهذه حريتنا المتبقية لنا ربما.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
-عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى