التقاعد: ساديّة إدارية أردنية!

التقاعد: ساديّة إدارية أردنية!

د. #ذوقان_عبيدات

الأصل التاريخي للتقاعد أنه نظام اجتماعي لإسعاد #الموظف بعد نهاية خدمته، وقد تم تحديد

سن الستين عامًا لإحالة الموظف على #التقاعد، وتقدمت دول عديدة متقدمة فمددت سن التقاعد إلى خمسة وستين عامًا.

وحافظ أساتذة الجامعة في الأردن على مصالحهم ومددّوا بقاءهم إلى سن السبعين!

  أظهرت البحوث الحديثة للدماغ

 أن الدماغ البشري قابل للإبداع في أي عمر، وقال علماء النفس إنّ الشيخوخة هي بعد سن الثمانين ، وليس كما قال الشاعر:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حوْلًا لا أبًا لك يسأم

  ما يهمني أين الإدارة الأردنية من هذه التطوّرات؟ وكيف تعاملت وتتعامل مع مفهوم التقاعد!

 سأروي بعض الوقائع:

١-قرار الإحالات على التقاعد من اختصاص مجلس الوزراء، ولم يسبق لمجلس التصدي لنزوات وزير في رفض توصياته لإحالة أي موظف: صغيرًا كان أم كبيرًا، لذلك تتاح الفرصة لوزير وغير الوزير أن يمارس ساديته في القضاء على مستنيري وزارته!

٢-الإحالات على التقاعد استنسابية أحيانًا، أو بمساواة كاملة بين موظف مبدع وآخر كسول، فيكون القرار إحالة كل من مضى في الخدمة مدةً معينة.

٣- تزداد الإحالات في زمن الوزير المستبد وغير المؤهل للقيادة، كما تزداد عند الوزير الضعيف حيث يستبد الموظفون الكبار ويطيحون بمنافسيهم،

وهناك شعار يرفعه موظفو التربية وربما غيرها: لا تقترب من جحيم التميز، وإلّا قضيت على مستقبلك ومستقبل أبنائك، فالموظف المبدع يُقْطَف مبكرًا!

وهذه سادية التلذذ بالقضاء على “الأعداء” المتميزين!

         ( ٢ )

وفي ذهني نماذج مما حدث في وزارة التربية:

-في سنة ٩٠/ ٨٩ تم إحالة عشرات القيادات التربوية على التقاعد، وكانت المجزرة الأولى وفق أسس شبه حزبية.

-وفي سنة ١٩٩٢ تمت مجزرة أخرى شملت عشرين من القيادات “الأكثر وعيًا”. ذهبوا لمحكمة العدل العليا، فألغت المحكمة قرار مجلس الوزراء، وعادوا جميعًا إلى أعمالهم، وصار منهم وزيران وثلاثة أمناء عامين!

وهذا يؤكد مدى مشروعية ومنطقية وزراء الإحالات!

٣-وفي سنة ١٩٩٩ أحال وزير التربية عددًا كبيرًا من القيادات التي أُعيدت بقرار من المحكمة!

٤-وفي ٢٠٢٢ أُحيل ما يقارب عشرون قائدًا، تحدث معي معظمهم وعبّروا عن شعورهم وإحساسهم/ وإحساسهن بالظلم واليأس والاستنسابية، وكان بعضهم  تقِّلُ خدمته عن ثلاثين عامًا بشهور أو سنة وكان يمكن احتماله وخروجه دون مهانة!

   وعن تجربتي في التقاعد كي أُعزّي زملائي المديرين المحالين

فقد رفعت دعوى سنة ١٩٩٢ ضد مجلس الوزراء وكسبتها بإجماع ثلاثة عشر قاضيًا،

وفي سنة ١٩٩٧ كنت أمينًا عامًا” 

“تكرفتَ” علي وزير ممن أحيلوا معي سنة ١٩٩٧، وأُحلتُ على التقاعد، فاشتكيت على مجلس الوزراء وكانت خدمتي٣٨ عامًا

وصدر قرار المحكمة رقم ٩٨/٤٧

بتاريخ١٩٩٨/٧/٢٩ بإلغاء قرار مجلس الوزراء لأن سبب إحالتي على التقاعد هو إصراري على عدم تجاوز القانون والنظام!!!!!

 للقاريء أن يتخيل سبب إحالة أمين عام! وكم زميلًا تربويًا أو غير تربوي تعرض لمثل هذه”المنجقة” والسادية!

ولكنه لم يذهب إلى المحكمة!

-وفي سنة ١٩٩٩ أنهيت خدمة أربعين عامًا، تم تمديد سنة إضافية، ولكن وزيرًا جهبذًا طلب من مجلس وزراء إحالتي على التقاعد قبل شهرين فقط من نهاية خدمة٤١ عامًا!. ذهبت إلى مكتبي في الصباح وجدتهم بمشورة من وزراء  قد غيروا قفل الباب فجرًا!

إذًا هناك سادية وانتقام وصغار

عاملوني كقاطع طريق فقلت

هل أنا قاطع طريق أم هناك عصابة؟؟

على أحدٍ ما أن يرفع الصوت ويوقف مهزلة الإحالات الجمعية وحتى الفردية! مجلس الوزراء هو المسؤول وليس معالي الوزير!

وكلمة إلى المحالين الزملاء وغير الزملاء: اجعلوا تقاعدكم بداية

فقد بدأ عملي الحقيقي بعد التقاعد الأخير!

أتمنى أن أرى منكم ومنكنّ نوابًا يوقفون سادية بعضهم ممن جاء معظمهم بغير طريق سوي!

لا أتحدث عن أشخاص بل عن منهج ومسيرة ساديّة!

 التقاعد سواءٌ كان كيديًّا أو عادلًا

يجب أن يعاد النظر فيه، وربما

يجب أن يصدر عن محكمة تسمى محكمة التقاعد وليس أشخاص النزوة والسادية!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى