التقاعد المبكر للمعلمين .. انتقام حكومي وقطع للأرزاق

سواليف
لم يكن يتوقع مشرف مادة الفيزياء في وزارة التربية والتعليم الأردنية المعلم يحيى العسيلي، أن يصدر قرار إحالته على الاستيداع بشكل مفاجئ بعد خدمة 23 عاما.

القرار صدر قبل وصوله للمدة القانونية المحددة بـ25 عاما للتقاعد الحكومي، وشكّل عقوبة قاسية بحقه، وجاء على خلفية نشاطه في نقابة المعلمين، وتمثيله لنحو 7 آلاف معلم في الهيئة المركزية لنقابة المعلمين.

يقول العسيلي : بين ليلة وضحاها وجدت نفسي مفصولا من عملي في وزارة التربية بقرار من مجلس الوزراء”، ويضيف “إحالتي على الاستيداع جاء لنشاطي في نقابة المعلمين ومطالبتي بحقوق زملائي، فكانت النتيجة محاربتي في رزقي”.

وذكر المعلم أنه “بعدما كنت أتقاضى راتبا شهريا بقيمة 870 دينارا (1227 دولارا)، أصبح راتبي بسبب الاستيداع 104 دنانير (146.7 دولارا)، وسأستمر عليها لمدة عامين إلى أن أستلم مستحقاتي المالية وراتبي التقاعدي”.

حالة المعلم العسيلي تنسحب على 14 معلما تمت إحالتهم على الاستيداع خلال الفترة الماضية، بينما قرر مجلس الوزراء وبتنسيب من وزارة التربية، إحالة 62 معلما وإداريا في وزارة التربية للتقاعد بدءا من الأول من يناير/كانون الثاني المقبل، من ضمنهم نائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة و3 من أعضاء مجلس النقابة، وعدد من النقابيين والمعلمين الناشطين في نقابة المعلمين.

هل القرار انتقامي؟

قرار الإحالة على التقاعد والاستيداع شكل ردة فعل غاضبة في أوساط المعلمين الذين وصفوه بأنه يتعامل معهم بـ”عقلية ثأرية”، وبكونه قرارا سياسيا ويحمل نوايا سلبية ضدهم من حكومة بشر الخصاونة، وذلك على خلفية الأزمة بين نقابة المعلمين الأردنيين والحكومة خلال الفترة الماضية.

الناطق الإعلامي لنقابة المعلمين نور الدين نديم، قال للجزيرة نت إن القرار استهدف أعضاء مجلس النقابة والمعلمين الناشطين في الدفاع عن حقوق زملائهم العمالية، مضيفا أن القرار كان سيعتبر إجراءً قانونيا موافقا للتشريعات والقوانين لو أنه طبق على كافة العاملين وفي كافة الوزارات بعدالة ومساواة، أما أن يتم استهداف هؤلاء المعلمين بمن فيهم أعضاء مجلس النقابة بهذه القرارات، فهذا إجحاف وظلم وعقوبة للمحالين على التقاعد والاستيداع.

وحول نية نقابة المعلمين الإضراب عن العمل بداية الفصل الدراسي الثاني، أوضح نديم أنه ليس بوارد مجلس النقابة الإعلان عن إضراب عن العمل وتوقف الدراسة، خاصة في ظل الظروف الوبائية الحالية وحاجة طلبتنا للتعليم الوجاهي، مؤكدا أن المعلمين المتضررين سيقومون برفع قضايا للقضاء، ليأخذ المظلوم حقه.

وكان نائب عام مدّعي عام عمّان حسن العبد اللات قرر في 25 يوليو/تموز الماضي، كفّ يد أعضاء مجلس نقابة المعلمين وأعضاء الهيئة المركزية، وهيئات الفروع وإداراتها، ووقف النقابة عن العمل وإغلاق مقراتها في محافظات المملكة لمدة سنتين.

وقرر وزير التربية والتعليم تيسير النعيمي في 27 يوليو/تموز الماضي، تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة شؤون نقابة المعلمين إداريا وماليا برئاسة الأمين العام للشؤون التعليمية نواف العجارمة.

موقف رسمي

الناطق الإعلامي لوزارة التربية والتعليم عبد الغفور القرعان، قال للجزيرة نت إن قرار الإحالة على التقاعد والاستيداع متوافق مع أحكام القانون والتشريعات دون أي مخالفة تذكر، ولا يستهدف أعضاء النقابة، ولم يصدر للثأر من أحد أو معاقبة أي من المعلمين.

وأضاف أن كل من انطبقت عليه الشروط وبلغ المدة القانونية، فمن حق الوزارة إحالته على التقاعد.

وتابع القرعان أن الإحالة على التقاعد من شأنها أن تفتح فرص عمل للخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل، وهذا إجراء إداري معمول به في كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية.

وأوضح أن ارتفاع عدد المحالين على التقاعد من وزارة التربية، سببه كبر عدد موظفي الوزارة مقارنة مع غيرها من الوزارات.

دعوة للحوار

المركز الوطني لحقوق الإنسان عبّر عن قلقه إزاء إحالة عدد من أعضاء مجلس نقابة المعلمين إلى التقاعد المبكر، مؤكدا -في بيان صحفي صدر أمس الثلاثاء- أن الإحالات رغم استنادها لأحكام القانون، فإن القانون ذاته لم يتضمن ضوابط ومعايير كافية تحول دون التعسف في استخدام هذه الصلاحية، ناهيك عن أن تزامن هذه الإحالات مع التطورات الأخيرة المتعلقة بقضية نقابة المعلمين، يعد مصدر قلق بالغ.

ويؤكد المركز على الحق في تأسيس النقابات والانضمام إليها، وأن ذلك يحظى بحماية دستورية، وكفلته المعايير الدولية لحقوق الإنسان وفي مقدمتها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ودعا المركز الأطراف المعنية للحوار وعدم اللجوء إلى أي إجراءات وفرض قيود تؤدي إلى المساس بجوهر الحق في تأسيس النقابات والانضمام إليها.

مذبحة متعمدة؟

وزير الإعلام السابق طاهر العدوان غرّد على وسم #مع_نقابة_المعلم على حسابه في تويتر، قائلا: “لا أبالغ إن قلت إن قرار حل نقابة المعلمين -إن حدث- سيكون بمثابة مذبحة متعمدة للإجهاز على أحلام قيام إصلاح حقيقي يستحقه هذا الشعب الذي لم يبخل يوما في نصرة نظامه رغم ما يتلقاه من جحود ونكران وفساد وإفساد.. الأردنيون لا يستحقون هذا، لا تفعلوها. #مع_نقابة_المعلم”.

الناشط حسن البراري علّق على صفحته في فيسبوك قائلا: “ممنوع المطالبة بالحقوق، ممنوع التعبير عن مواقفك من حالة الاستبداد والفساد، أمامك 3 خيارات: التسحيج (التصفيق أو التملق) انتظارا لمكافأة، أو الصمت للإفلات من العقوبة، أو الانحياز إلى الوطن والمخاطرة بالتقاعد المبكر مثلا!”.

أما الناشطة الحقوقية هالة عاهد، فغردت على تويتر قائلة: “إجراءات انتقامية جديدة بحق أعضاء من مجلس نقابة المعلمين، إحالات على التقاعد رغم أن بعضهم لم يستوف المدة القانونية للإحالة. نقابة المعلمين سبابة التهديد التي يلوّح بها من يقود التأزيم ضد النقابة بوجه الأردنيين/ات”.

المصدر
الجزيرة نت
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى