التسول يغزو المدن العربية ؟! / بسام الياسين

التسول يغزو المدن العربية ؟!

ما قيمة الانسان مهما بلغ حسبه ونسبه،سلطته و ثروته،علمه و رتبته، ان لم يُعَمِرَ حياته بالعمل الطيب والذكرٍ الحسن ؟!. ما قيمة حياته،ان لم تكن مزرعة للاعمال الصالحة،وتأثيث قبره لملاقاة ربه بنفس راضية،وصفحة بيضاء كحمام مكة وضمير طاهر كماء زمزم ولسان رَطب بذكر الله كحلاوة رُطب نخلة سيدتنا مريم. الزهد في الحياة، ليس ان لا تملك شيئاً فيها بل ان لا تتملكك ولا تُخرج حب الله وعباده من قلبك ، لا كما يفهما ـ طلاب الدنيا وحلفاء الشيطان ـ الذين ينفقون اعمارهم بحثاً عن امجاد شخصية وركضاً وراء ملذات تهوي بإنسانيتهم الى الحيوانية.هؤلاء حريصون على تلميع انفسهم حرص المتصابيات على تلميع وجوههن بالاصباغ .

الدنيا امانة بيد العاقل،وظيفته الاساس خدمة الناس،وتقديم العون لهم اوقات الضيق والشدة :ـ {{{ بشر الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاوٍ من نار….}}}… {{{ وما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون }}} . فمن الإستحالة ان يجتمع في جوف رجل واحد حب الله و المال / حب الله والسلطة / حب الله والدنيا.ان اجمل ما في الحياة ان يتزود الانسان بالتقوى،ليلقى ربه طاهر السيرة و السريرة،فلا معنى للوجود بلا خطة طريق الى الله حتى لو امتلك بساط ريح سليمان، مال قارون، وغيمة هارون التي يأخذ خراجها اينما ذهبت.

ما مبرر وجود الانسان،ان لم يُحَصِنَ ذاته من شر ذاته،وما فائدة عمره في اللهاث خلف دنياه حتى تتقطع انفاسه،و ان لم ينتخِ لمحتاج لا يجد قوت يومه او يساهم في تعليم طالب فقير،خصوصاً اننا في زمن اطفال القمامة والتطاحن للفوز بحاوية.على الضفة الاخرى اغنياء قلوبهم كالحجارة او اشد قسوة، يديرون ظهورهم،يغمضون اعينهم عن بؤس يمزق القلوب.هؤلاء محدثو النعمة الذي قال فيهم سيدنا علي كرم الله وجهه :ـ ” ما رأيت نعمة موفورة الا بجانبها حقُ مُضيّعْ “.فالفقر مرض اجتماعي،وإدانة للكافة خاصة كبار المسؤولين.

مقالات ذات صلة

محدثو النعمة بلعوا كل شيء ولم يبق في نفوسهم من ملذات الدنيا شيء!.بينما صغار الامة تُنتهك طفولتها،مسنون تمتهن كرامتهم ممن لا يخشون الله ولا يحترمون عباده.رحلة التسول في الشوارع، نهايتها ضياع للصغار و استغلال ” بشع “. في وقت يتناطح فيه كبراؤنا كذئاب على المال والجاه.يتنازعون كقطط عمياء على رائحة شواء اللحم الادمي على الاشارات الضوئية. يتعاركون لملء جيوبهم وقد نسوا ان خلف الابواب يعشعش حرمان و شقاء، وعميت ابصارهم وبصائرهم عن مدارس آيلة للسقوط،،مراكز صحية بلا ادوية،مرضى يغسلون الكلى ثلات مرات اسبوعياً،لا يجدون اجرة الطريق للمستشفيات.اغنياؤنا احتبسوا المال وتقلبوا بالنعيم بينما حولهم الكثرة تشقى بالجحيم،وما عرفوا ان الفقر صنو الجهل،المرض،الجريمة،الحقد الاجتماعي،وما ادركوا ان الفقر يُدمر النفسية وينزع منها احياناً شروطها الانسانية.المفارقة ان تراهم في صلواتهم يرتلون:ـ اياك نعبد و اياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم.حقاً انهم منافقون.

من قُدرّ له الاحاطة بوضع العائلات،وما تعانية من مشكلات نفسية اقتصادية،صحية سيدرك مدى حاجتنا الى اصلاح اجتماعي فوري،فلا امن ولا استقرار،ما لم تنعم به الاسر كافة. وما نراه اليوم، من تمرد، فوضى ،انفلات،ما هو الا محصلة لما يجري في البيت من قلق،احباط،،وفاقة تشي بنسل يهدم ولا يبني، يقلع ولا يزرع، ينحدر ولا يعلو،لذا يحل مشكلاته بالمشاجرات المسلحة لا بالحسنى وبالمحاكم لا بالمحبة.

نقول لقد اجمع علماء الاجتماع ،النفس ،الاخلاق ،الشريعة :ـ ان افضل الفضائل الحكم العادل.هنا نسأل اليس من حقنا ان ننعم بعدل يعيد للناس الكرامة وللدولة الهيبة،مفتاحه عدم تسلط النخبة اللا منتخبة على المال والسلطة ؟!.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى