التخوف من العودة إلى العمل .. رهانات على مدى نجاح الموظف في العودة المقيدة بحكم “كورونا”/ديما الرجبي

ديما الرجبي

بعد فترة الحجر الصحي التي دامت أكثر من 3 اشهر يتسائل الفرد عن مدى قدرته على العودة التدريجية لحياته العملية مع الاخذ بالاعتبار ان العودة مقيدة بقوانين السلامة والصحة العامة التي تستوجب بالضرورة التباعد الجسدي _ الاجتماعي_ بما يحتويه من تجنب السلام والتواصل المباشر بين افراد المؤسسة من مراجعين وزملاء ، بعد اصدار الحكومة قراراً بتسيير عجلة الاقتصاد كلياً بعد عطلة عيد الفطر السعيد وبالرغم من ثقل الحجر الصحي على الموظفين الذي فرض عليهم البقاء في منازلهم على مدار الساعة إلا أن التخوف من العودة لدى نسبة كبيرة من الاردنيين جعله حديث الساعة .

مع غياب التقييم الفعلي لخطر الاصابة في الفايروس تتشكل الاشكالية في تعاطي الموظف مع احتمالية التقاطه للمرض في محيط عمله، ورغم التطمينات الحكومية التي تؤكد عدم تفشي فايروس كورونا مجتمعيا الا أن ما استحدثته هذه الجائحة يكفي بأن يجعل الفرد يتردد في استئناف عمله وحياته بالمطلق .
ولأن الخوف من الاصابة لا يبرر التغيب عن العمل خاصة في ظل قرار حكومي واضح بالرجوع الى المؤسسات فهذا يعني أن من يتغيب سيلاحق بقانون العمل بعقوبات قد تؤدي الى خسارة وظيفته التي بطبيعة الحال طالها أزمة اقتطاعات مالية كبدتها الحكومة للموظفين لأجل محاربة “كورونا” .

لم تستثني هذه الجائحة أي جانب مجتمعي الا واصابته وخلقت خللاً فرض على الافراد التعاطي معه وسد الفجوات الحاصلة من خلاله ، ليس الخوف من العودة أو التعاطي مع افراد المجتمع في نطاق العمل وغيره المعضلة الوحيدة التي تؤرق المواطنين، بل لدينا شريحة مهمة من الامهات العاملات اللاتي يعتمدن على دور الحضانات لإحتواء ابنائهن اثناء فترة الدوام ومصير دور الرعاية هذه ما زال معلقاً، لذلك تأتي المراهنات على مدى الخسائر التي ستطال الموظفين حال العودة وكيفية تحقيقهم للتوازن ما بين لقمة العيش والخوف من المجهول .

لا تستطيع الحكومة أن تأخذ قرارات تشمل جميع الجوانب الوظيفية ولن تتمكن في هذه المرحلة على الأقل من استعادة الحياة كما كانت حيث أن الجائحة لم تنتهي ولم يتم ايجاد علاج او لقاح بعد وهذا يعني بالضرورة أن الخطأ الذي اشارت له الحكومة في كل مؤتمر صحفي ” غير مسموح” حتى لا نعود للمربع الأول .
التزامات مزاحة ومسؤوليات متراكمة وخوف يقض مضجع الأفراد من العودة ومن الاستمرار بالبقاء ،وتقييد للحريات المدنية، ولا نعلم مدى نجاح هذه الرهانات التي اشارت الى قدرة المواطنين استئناف حياتهم من جديد والتكيف مع التعليمات المستحدثة للحماية من المرض .

الاولوية اليوم للالتزام الاخلاقي من الحكومة والافراد تجاه واجباتهم وامكانياتهم وتحقيق العدالة ما أمكن مع مراعاة الظروف النفسية التي صبغتها هذه الظروف الاستثنائية في نفوس الجميع ، والأهم الابتعاد عن العدائية في التعامل والأخذ بالاسباب والتسلح بالصبر حتى نتمكن من عبور مرحلة العودة المقيدة لنصل الى مرحلة التعافي التام والعودة الطبيعية ، والرهان الأجدى هنا يجب أن يكون على مدى وعي وايمان المواطن بامكانياته التي من شأنها تجسير الهوة بينه وبين مخاوفه ، لن تكون شكل الحياة على كافة الاصعدة كما كانت وما احدثته كورونا في العالم أجمع خلال فترة وجيزة لا تتعدى الخمسة أشهر بحاجة الى علاج اقتصادي ، اجتماعي ، سياسي لفترة زمنية نتمنى ان لا تطول .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى