التحديات الاقتصادية أمام حكومة الخصاونة

التحديات الاقتصادية أمام حكومة الخصاونة
أ. د أحمد العجلوني

بعد انتهاء دور الطاقم السابق بمزيد من الأداء السيء وسخط الجمهور يرفع الستار عن الممثلين الجدد على مسرح الوطن في خليط غريب غير متجانس (كحال باقي الحكومات التي سبقت) تتبدى معالم الخطوط الرئيسية المرسومة لهذه الحكومة باعتبارها حكومة انتقالية لإجراء الانتخابات النيابية والعبور بالبلد نحو مرحلة ما بعد الكورونا أو التعايش معه. ولا يستبعد بأن يطول عمر الحكومة لما أبعد من ذلك لمواجهة القضايا الأساسية من تحديات سياسية خارجية واقتصادية واجتماعية محلية.
على الرغم من السيرة الذاتية الثريّة لرئيس الوزراء الجديد في وزارة الخارجية وفترات قصيرة كوزير للشؤون الخارجية ثم القانونية ومن ثم صعوده السريع إلى سدّة رئاسة الوزراء، إلا أنه لا يعرف عنه تصديه مباشرة لأي من القضايا العامة الداخلية خاصة القضايا السياسية وليس لدى الرأي العام فكرة عن توجهه الاقتصادي الذي هو محل الاهتمام في هذا المقال.
وأرى انه من التوفيق تعيين الاقتصادي العريق الدكتور أميّة طوقان كنائب لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، حاملاً هم الملف الاقتصادي. هذا الملف الذي يحتاج إدارة وطنية شفافة ومستقلة في قرارها؛ وذات مصداقية عالية لدى الشعب أكثر من حاجته للمتخصصين الخبراء. وفي حال توفرت الاستقلالية والشفافية المطلوبة فإن هذا سيمثل بداية مقبولة يرتجى منها أن تعيد الهوية الاقتصادية التي غيّبت منذ فترة طويلة تحت عناوين مظللة استغلها الليبراليون الجدد لإفساد ما تراكم من إنجازات اقتصادية طوال عقود من عمر الدولة، واستغلت قوى الفساد هذا الضياع لتمرير الكثير من الصفقات المشبوهة التي أتت على العديد من مؤسسات البلد الناجحة ورهنت مستقبله للغير.
من الواضح لكل ذي بصيرة بأن هذه الحكومة قد ورثت إرثاً ثقيلاً من الفشل المتراكم طوال العقود الثلاثة الماضية تمثّل بمديونية قياسية، ونسب بطالة مخيفة، وتراجع حاد في النشاط الاقتصادي تضاعف في فترة حكومة “النهضة”! وفشلٍ ذريعٍ في محاربة الفساد وانحدار الثقة الشعبية بالحكومة إلى مستويات خطيرة غير مسبوقة.
إن طريقة تشكيل الحكومة البعيدة عن التمثيل الحقيقي لشرائح المجتمع والأسس الديمقراطية السليمة التي تعزّز الحاكمية الرشيدة والمساءلة الشعبية الفعّالة، إضافة إلى ما ورثته هذه الحكومة من الفشل العابر للحكومات يجعل من العبث مجرد التفكير بأنها ستحل مشاكل البلد الاقتصادية أو تحقق له الازدهار المطلوب. وهذا كله أدى إلى انخفاض سقف التوقعات من هذه الحكومة، وكل ما يمكن أن يأمله الأردنيون أن يتوقف الانحدار نحو هاوية المديونية السحيقة وأن تقف أرقام البطالة عند حدودها الحالية ويعاد للنشاط الاقتصادي بعض الحياة ليستطيع الوقوف على قدميه. ولو تمكنت هذه الحكومة من وضع الفساد على كراسي الاحتياط وتحييده ولو بشكل مؤقت خلال فترة حكمها (لأن مؤسسة الفساد باتت أقوى من مواجهتها بهكذا حكومات ضعيفة) فسيكون ذلك من الأمور الجيدة التي يمكن أن تسجّل لها.
حفظ الله الأردن؛ حرّاً آمناً مزدهراً

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى