التحالف المدني الاردني … ليأخذ فرصته / د. عمار سليم الخوالده

التحالف المدني الاردني … ليأخذ فرصته

لا يمكن فهم رفض “الدولة الاردنية” لطلب اشهار “التحالف المدني الاردني” الا في اطار سياساتها المستمرة في تكميم الافواه وقمع حرية التعبير والرأي و تغول العقلية العرفية البائدة على مفاصل القرار … في حالة فصام غريبة بين ما تضمنته “اوراق الملك النقاشية” وما يتم تنفيذه على ارض الواقع … موحية بتناقض افتراضي مرفوض قوامه تساؤل يضر بالمكانة الدستورية المجمع عليها للملك فإما ان الملك لا بعني ما يقول (وانا استبعد ذلك جازما) او ان هنالك من يسير الامور على غير ما يريده اولو الشأن وهذا نذير خطب جلل لا يمكن السكوت عنه فليس من خيار في الدفاع عن المكانة الدستورية للملك ايا كان، ان تجرأ احد عليها بهذا الاسلوب الفج

ان فرصة الاردن الدولة وخصوصا في ظل تلاحم الموقف في قضية القدس ان يدشن لعهد جديد عمادة المواطنة النقية الخالصة دون حيف على من عارض او اغداق على من ايد …. ولينبذ من بيدهم سلطة القرار تلك السياسات العبثية التي اصبحت سيفا مصلتا على حرية التعبير والانتخاب من قوانين حيكت لتكبيل الارادة الشعبية، مباشرة او عن طريق شبكة الوكلاء المحليين التي بنيت بذكاء غثٍ خلال العقدين المنصرمين والتي تنشط وقت المواقف الحاسمة كالانتخابات و غيرها فتفعل الافاعيل دون ضجيج او جلبة … فها هي “الدولة” وقد غدر بها حلفاء الزيف لم تجد ما تتوكأ عليه الا “الناس” معارضيهم قبل مؤيديهم فلم الامعان في سياسات التهميش والانغماس في حبائل الترهيب والاستعلاء؟ … اقول هذا لا دفاعا عن التحالف المدني فليس ثمة ما يربطني به ايديولوجيا او اجتماعيا وان كنت لا اختلف مع جل مبادئه المعلنه … بل هو ذود عن الحق المقدس لحرية الرأي والتعبير اأيا كان صاحبها.

ان ظهور “تيار ثالث” على “الساحة السياسية الاردنية” امر محمود، محمودة عواقبه … فان كسب ثقلا في الشارع الانتخابي مثلا فسيطلق شعلة التنافس وسيجبر تيار الاسلام السياسي الممثل ثقلا بحبهة العمل الاسلامي والذي اصابه الخمول وتكلست مفاصله على اجتراح حلول خلاقة تناسب ادواتها عصر الانفتاح على الشباب و قضاياه … اما ان فشل او لم يحقق المراد فسيكون ذلك دليلا اضافيا ان حرية الفكر والسياسة اذ تتبناها الدولة كفيلة بأن تميز الغث من السمين فينجح من يستحق و يخفق من لا تناسب ادواته آمال الناس وما يصبون اليه … فلم تخشىى الدولة اشهار هذ التيار فتمنع ظهوره الرسمي؟

مقالات ذات صلة

ان عوامل قوة هذا التيار هي نفسها عوامل ضعفه فحجم التناقضات بين “رموزه” بيّنة صارخة فان تغلبوا عليها ترفع لهم القبعات احتراما والا فستذروه الرياح حتى يكون هباء منثورا … اذ ان من بين رموزه مؤيدين لجزار العصر مهلك الحرث والنسل في سوريا العروبة ممن يتغنون بالممانعة ورفض التطبيع في حين ان احد رموزه الاخرى هو سفير سابق للاردن فيما بعتبره الرمز المشار اليه آنفا دولة عدو … فكيف سيوفقون بين مواقفهم في هذا الشأن .. زد على ذلك ان رمزا اخر من رموز هذا التحالف يجاهر بالتغني بالخمر (وهذا حقه) وتسفيه كل ما هو ديني (وهو حق تكفله له حرية التعبير والفكر دون مساس) فكيف سيكسبون الشارع المتدين فطريا .. ومن بين رموزه كتاب مقتدرون معروفون مشهود لهم بالتميز الفكري لكنهم مغرقون في الفلسفة النخبوية التي لا تلامس نبض الشارع وهمومه … ثم ان من بين عرابي تيار “التنوير والعلمانية” من قادوا “غزوة المناهج” التي اثارت جزءا لا يستهان به من الناس (بحق او بغيره) ومن بينهم من يرفض الانضمام علنا لاشهار التحالف مرجئا ابداء الاسباب مما يطرح تساؤلات جدية عن مدى الانسجام بين اركان هذا الائتلاف… فإن توحد هؤلاء جميعا وانجزوا فلله درهم والا فرعد بلا مطر وبرق بلا غيث.

لابد من اعطاء تيار “التنوير والدولة المدنية” هذا فرصة عادلة لاثبات وجوده دونما تضييق او جور، رغم ان المرء يقف مشدوها لحجم التناقض بين ما يسعون اليه من “مبادئ” معلنة سعيا “لدولة مدنية” تُحترم فيها آدمية الانسان وبين ما يحفل به سجلهم من نصرة للعسف وتصفيق للدكتاتوريات حاضرا وماضيا اذ ان فاقد الشيئ لا يعطيه … فكثير من رموز تيار “التوير والدولة المدنية” هذا كانوا من اشد المؤيدين لانقلابات عسكرية سفكت فيها دماء كثيرة كما شاهدنا في ارض الكنانة وتركيا حديثا … وقد ولغت اقلام بعضهم بدماء البرءاء في فيحاء العروبة و قاهرة المعز .. وكثير منهم ما انفك يمجد رموز الحكم الجبري التاريخي في وطننا العربي المكلوم … فأية دولة مدنية سيأتي بها هؤلاء وتاريخهم حافل بتأييد سلطات الكبت والعسف في بقاع مختلفة من ارضنا العربية الممتدة من الجرح الى الوجع ومن الجوع الى الفاقة؟ …

ومع ذلك … فليأخذوا فرصتهم كاملة غير منقوصة … فمن يدري اذ قد يخرج الله الحي من الميت كما يخرج الميت من الحي … انه على كل شيئ قدير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى