البنوك والمستشفيات الخاصّة.. ورأسمالية الكوارث / محمود أبو هلال

البنوك والمستشفيات الخاصّة.. ورأسمالية الكوارث
محمود أبو هلال

في البداية وفي الأوضاع الطبيعية ليس لنا على قطاعيّ البنوك والمستشفيات الخاصّة، أي مأخذ طالما أنهما يعملان وفق القانون ويقدمان ما يترتب عليهما من واجبات.
قفزًا على ذي بدء.. أذهب لهذا الوباء الذي احتلّ هواءَنا وراح ينتقي فرائِسه، وللصدفة – بمحّض الصدفة- فرائِسه هي فرائِس تجار الكارثة، فبقدر ما يحّصد الوباء من فرائِس يرتفع منسوب الربح لديهم.
عودًا على ذي بدء، البنوك التي شربت من تحت الطاولة حتى تضلّعت، والمستشفيات الخاصّة التي شربت من تحت ومن فوق الطاولة ووظفت الوباء وعجز الحكومة، ودخلت بهما السوق لزيادة الأرباح في مشهد ليس بعيد عن رأسمالية الكوارث التي تحدث عنها “انتوني لوينشتاين / سلسلة عالم المعرفة 19/11/2019”.
الوباء اللعين قَلص دور القطاع الصحيّ الحكوميّ، فاتسع دور القطاع الصحيّ الخاصّ، الأمر الذي أضطر الحكومة أن تغضّ الطرف عن تجبره بنا، لعجزها عن تقديم ما يجب أن تقدمه هي لنا، جراء الوباء.
الحكومة عاجزة، وإن لم تعلن عجزها.. وبعجزها تدّفع المرضى إلى المستشفيات الخاصّة دفّعا، والمريض الذي لا يملك، عليه أن يستقبل مصيره بسكون، أو أن يستدين.. ربما من بنك إن وجَد كفيل غير عَليلّ.
بنوك ومستشفيات لم تقدم لشعبها ما يجب أن تقدمه في حدث استثنائي وحرب حقيقية، ليس ذلك فحسب، بل زادت من التهامها، أمام عين واحدة لحكومة ضعيفة، تحتاج بدورها إلى القطاع الخاص لتوفير الخدمات العامة.
لا نضن ولا نحسد أحدًا على عِلمه وعَمله وجُهده وما جناه ويجنيه، ولكن وبحدود علمنا، فإن الجيش الاحتياطيّ يستدعى في الحروب -وليس له أن يرفض- وفي حربنا ضد الوباء..كنّا نظن أن أصحاب البنوك والمستسفيات الخاصّة هم جيش احتياطنا الماليّ والصحيّ الذي لن يخذلنا ونحن في معّمعة المعركة. ظننّا أنهم سيتوقفون عن جمع المال حتى انتهاء الغمة.
إثنان وعشرون قانون دفاع لم يتطرق أي منها للبنوك أو المستشفيات باستثناء ما جادت به الحكومة، حين أقرت في إحدى بنود قوانينها أن تمنح مبلغ نصف مليار دينار للبنوك كقرض فائدته صفر!!.
بضعفها وعجزها لم تأمر حكومتنا جيشيّ المال والصّحة الاحتياطيين بنجدتنا، فأصّبحت فوق الوباءِ وباء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى