البلافرة الفلسطينيون / د . ديمة طهبوب

البلافرة الفلسطينيون

كاسم الشيطان أو أنجس دخل بلفور ووعده المدنس ذاكرة الفلسطينيين والأمة جمعاء كمفتاح لشر مستطير ما زلنا نتجرع ويلاته وطنا محتلا ودما مسفوحا ومقدسات مستباحة وفرقة مفروضة علينا وسرطانا مستشرٍ فينا !
استطعنا أن نناصبه العداء وظللنا نلعن ذكراه، ربحنا معارك ضده وضد تجلياته وتطوراته وخسرنا أخرى ولكنه ظل عدوا واضحا، ظاهرا ومختلفا لا تلتبس علينا عداوته و آذاه و مؤامرته
فهم ذلك من ورثوا العقلية البلفورية ولكنهم كانوا أكثر ذكاء في احلال وكلاء عنهم بوجوه تبدو عربية تلبس قناع العروبة على جلد الذئاب فيختلط الأمر على من يقاومون هل يستلون سيوفهم ام يغمدونها؟ هل من أمامك صديق او عدو؟ ثم في غمرة التساؤل و التحسر والدهشة تجد القصة تتكرر ليكون اخوة يوسف اول من يلقونه في الجب وليطعن بروتوس صديقه قيصر بمجرد أن يدير ظهره بل يزيد بغمس يده في دمه متفاخرا!
تعب بلفور واحفاده من حربنا اذ لم تعد تجدي اساليبهم، حتى مع تفوقهم العسكري، فاستمالوا شراذم من بيننا بثمن بخس بكراسٍ مرذولة!
الا أن بلافرة العرب تفقوا على معلمهم وبزوا كبيرهم و توسعوا على ميراث جدهم فنرى وريثهم يتجرأ على عطية نبوية لصحابي جليل سكن فلسطين حتى قبل اسلامه هو تميم الداري الذي اقطعه الرسول صلى الله عليه وسلم اراضي الوقف في مدينة الخليل له ولذريته من بعده لا ينافسهم عليه أحد فجاء في حجة الوقف (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله إلى تميم بن أوس الداري، إن له قرية حبرون وبيت عينون قريتهما كلهما سهلهما وجبلهما وماءهما وحرثهما وأنباطهما وبقرهما ولعقبه من بعده لا يحاقه فيهما أحد ولا يلجمه عليهم أحد بظلم، فمن ظلمهم أو أخذ منهم شيئاً فإن عليه لعنة الله).
بالإرث والعطية النبوية وبالحق الفلسطيني وبعدالة القانون وسلطته ضرب بلفور فلسطين عرض الحائط متجاوزا الدين والتاريخ والتشريع والشعب ليهب جزءا من اراضي الوقف هبة من لا يملك لمن لا يستحق ممثلة في ارسالية الكنيسة الروسية في المسكوبية في الوقت الذي لم تستطع حكومة الانتداب ولا حتى حكومة الاحتلال فعل ذلك فقد رفعت المسكوبية قضيتين لاستملاك جزء من ارض الوقف في عهد الانتداب والاحتلال ولم تمنحها المحكمتين ذلك لعدم امكانية الاعتداء على أراضي الوقف او التصرف فيها في غير منفعة المسلمين فجاء بلفور الفلسطيني ليقوم بما لم يقم به الأعداء!!
وفي الوقت الذي يتعدى فيه بلفور الفلسطيني على سلطة وسيادة القانون و قرارات المحاكم العليا، بايقاف الاستيلاء على اراضي الوقف من قبل السلطة لمصلحة الكنيسة، نجد على الطرف المقابل حملات قوانين بالجملة يشرعنها الكيان الصهيوني ضدنا وضد شعبنا في فلسطين المحتلة عام ٤٨ والقدس والضفة تدفع بمزيد من العنصرية والتمسك بيهودية الدولة، حيث أقر الكنيست بعد الانتخابات الاخيرة ٨٢ قانونا داعما الاحتلال والاستيطان من ايار ٢٠١٥ الى اب ٢٠١٦ هذا غير ٥٧ قانونا مدرجا على جدول الاعمال!
يمتهن بلافرتنا الجدد الفلسطينييون انتهاك القانون بينما يحرص الهرتزلييون الأحفاد (نسبة الى ثيودور هرتزل) على شرعنة وجودهم واستئصال اعدائهم!
لقد استشرف الشيخ محمد رشيد رضا وجود مثل هؤلاء الخونة من ابناء جلدتنا فهذه طبيعة القضايا العظيمة تجد لها من يطعنها في الظهر من ابنائها قبل اعدائها فقال فيهم منذ اوائل الثلاثينيات من القرن الماضي: «ان من يبيع شيئا من أرض فلسطين وما حولها لليهود والانجليز فهو كمن يبيعهم المسجد الاقصى وكمن يبيع الوطن كله لأن ما يشترونه وسيلة الى جعل الحجاز على خطر فرقبة الارض في هذه البلاد هي كرقبة الانسان من جسده وهي بهذا تعد شرعا من المنافع الاسلامية العامة لا من الاملاك الشخصية وتمليك الحربي لدار الاسلام باطل وخيانة لله و لرسوله و لأمانة الاسلام».
كتب الصحفي الانجليزي هارولد بجبي عن بلفور في مذكراته « كان بلفور شخصية أنانية! كان مستعدا ان يفعل اي شيء للبقاء في السلطة، و لكنه لم يبق له أثرا طيبا يخلده في قلوب أبناء وطنه!انه كصحراء خاويه ليس فيها اي معالم و لا اثار و لا حتى شاهد قبر يمكن لصديق أن يبكي أمامه!»
هل يذكركم هذا بوصف البلفور الفلسطيني وهل يستقرأ مصيره؟!
كان بلفورا واحدا عدوا أجنبيا و اليوم صاروا بلافرة كثيرين من أبناء جلدتنا…و هم أعداء أيضا اذا باعونا كما باعنا!
كتب الشاعر خالد ابو العمرين:
كل المخازي باسمهم
باسم الوطن
كل الذي حاكوه خلف ظهورنا
اليوم يخرج للعلن
من باع شبرا من بلادي
بعته و بلا ثمن

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى