البشير .. إذ يخطب باتحاد العمال ( وعودٌ ووعيد) وخطابٌ بطعم العلقم /ديما الرجبي

لم أرى في خطاب البشير اليوم الذي وجهه لإتحاد العمال بعد أن شهدت السودان توترات واحتجاجات تطالب بالخروج على “ولي الأمر” ومنها تطالب بالاصلاح ورد الحقوق العمالية، والتي استمرت 14 يوماً على التوالي و”هدأت” بعد ان حصدت 50 قتيلا واصابات واعتقالات وتدخل من الجيش لفض “الفوضى”.

لم أرى بهذا الخطاب إلا حديث سياسي مستهلك بإمتياز، وهو ما حفظناه سابقاً بخطابات عربية كثيرة أذكر منها ” خطابات السيسي” المثيرة للجدل وربما استطاع البشير أن يتفوق على خطاب الأخير و “ثلاجة الريس” بتلك القصة “المؤلمة” التي سردها على العمال حول تحمله للعمل حينما كان عاملاً بأجرة يومية وإصابته التي لطخت فاهه بالدماء فآثر أن “يتمضمض” ويبصق الدم ويتجاهل طلب حقه بالاصابة ويوميته لحرصه على “رزقه” وبلده من الاحتجاجات ؟!

رغم ترتيب الكلمات التي افتتح بها البشير خطابه بتذكير ” القوم” بما تعانيه السودان من اتهامات عدة منها أنها_ دولة مارقة وارهابية_ على حد وصفه، وتذكير الشعب السوداني بأهمية الوقوف إلى جانب القيادة رغم قسوة الظروف الإقتصادية، مراعياً احتياجات العمال والمواطنين الحياتية واعداً إياهم “بالاصلاحات ” التي ستبدأ الشهر المقبل ومتوعداً المندسين الخارجين عن القانون والذين يحاولون إفساد أمن وأمان السودان بالملاحقة وبترّ يد الفوضى الداعية للانقلاب، طالباً من شعبه أن يمده بالوقت للإصلاح الإقتصادي مشيراً إلى أن الدول المجاورة لن تترك السودان بأزمته الإقتصادية وحيداً دون مساعدة، وهي التي “قدمت” ابناءها جنود في الحرب على اليمن.

لذلك يثق البشير بأن القروض الميسرة ستأتي خلال فترة زمنية وجيزة وسيلحظ المعارضين والمحتاجين مدى التحسن المعيشي الذي سيطرأ على الإقتصاد السوداني وذلك بإعتبار أن ما قدمه للدول المجاورة سيأتي عليه بالمنفعة في ظل أزمته الشعبية التي تأبى أن يحافظ البشير على سدة حكمه فيها .

مقالات ذات صلة

ما تزال الخطابات الرئاسية العربية مشبوحة بالوعيد والوعود فإما البقاء وإما الفناء ، أصبحت الخطابات للدول المأزومة شبيهة بقصص الأشباح التي تتربص بأصحاب القلوب الضعيفة من، من يؤمنون بأن هذه السلطة باقية إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً ، ولا مقامرة هنا بدمائهم.

ولا ننسى أن لغة الوعود الجاذبة والتي صفق وهلل وزغرد لها الحضور ما هي الا دليل قلق “الرئيس” من المرؤوس وإن كان بقاؤه بدعم من دول مجاورة أو بدعم من جيشه فهذا يدل على افلاس الحاكم العربي في قيادة شعبه ، وربما الربيع العربي يفيق من سباته العميق فها هي دول الشرق الأوسط تعاني الأمرين ما بين مديونية عالية وأزمات سياسية وهبات شعبية والتزامات لقوى خارجية .

لذلك ما هو مقروء من قبل الشعوب هو “الخطاب” وليس “الخطيب” .

الله المستعان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى