مقال الأربعاء 17-7-2019
البحّارة
ظلّ سنوات “ينقّ” على والده صباح مساء “جوّزني” يابا..”جوّزني” يابا،والأب يحاول أن يؤجل هذا المشروع لحين أن يرى الرشد من ابنه الأرعن، مما دعا الشاب إلى تكثيف الإلحاح على مسامع الوالد ، فأصبح التذكير صباحاً مساءً،ظهراً عصراً عشاء وفجراً..نفد صبر الوالد وأراد ان يعرف منسوب الرشد لدى ابنه الأهوج الى أين وصل ..فقال لابنه :” انت لويش بدّك تتجوّز”؟ فهمني؟ ..الابن: “عشان أظل أحلف على مرتي بالطلاق”!!..
حال حكومتنا لا تختلف كثيراً عن المثال السابق ، قاتلت قتالاً طويلاً ،شكّلت لجان وبعثت لجان لفتح معبري “طريبيل” و”جابر” ، معتبرة أن فتح المعبرين سيخفف من ضغط الركود الاقتصادي وينعش حركة التصدير والتجارة البينية ، الا أنها وفق ما تقوم به في معبر “جابر” من تعقيدات غير مبررة في وجه المسافرين والبحّارة تثبت تماماً أنها تسعى للطلاق لا الى الستيرة ولا إلى التخفيف الاقتصادي وانما الى الخنق الاقتصادي الكامل..
آلاف الأسر في الرمثا ولوائها تعتاش على التجارة البينية بين الحدود ، ألاف الأسر لم تطالب الدولة أن تقوم بواجباتها تجاه أبنائها المتعطّلين عن العمل والذين يحملون أعلى الشهادات، سبع سنوات من إغلاق الحدود ، الكثير من أرباب الأسر رهنوا بيوتهم وباعوا سياراتهم،وعضّوا على صبرهم ، كي يعيشوا بكرامة دون أن يمدّوا أيديهم إلى أحد ، لم نرَ مسؤولاً واحداً زار الرمثا ليخفف عن آلاف الشباب الذين انقطع رزقهم ،ولم يفكّر أي من عقول الدولة أن هؤلاء كيف يعيشون في هذه الظروف؟ ولم يتبرّع أي رئيس حكومة طيلة السنوات السبع العجاف أن يجلب استثماراً واحداً للمديونية بفتح مصدر رزق جديد للناس كنوع من ردّ الجميل لهذه الفئة التي انشغلت بتجارتها وتنازلت عن رغبتها في الوظائف والضغط على عصب الدولة الضعيف..
الآن بعد أن فتحت الحدود بعد غياب سبع سنوات ، لا يطمح الرمثاوي الذاهب شرقاً إلى جابر سوى أن يأتي بــ”حلواته ودخّاناته” يؤمن من خلالها رزقه وخبز أولاده ، الا أنه وبدون أي سبب مبرّر يمارس على الحدود كل أنواع التعقيد والإذلال والتنكيد على هؤلاء الناس البسطاء، يوم كامل وأحياناً أيام والسائقون ينامون في سياراتهم لبطء الإجراء وتعقيد المعاملات دون أي مبرر..لسنا مع التراخي في التفتيش ، لكن في نفس الوقت لسنا مع الانتقام والتنكيل في المعاملة، فكرامة أولادنا أهم من كل التبريرات غير المقنعة ..سيما وأن جل الرماثنة والبحارة يبحثون عن الرزق الحلال لا يبحثون عن الثراء ولا عن الرغد هم يبحثون عن سدّ كفاف العيش ليس الا..ومن يثبت تورّطه بغير هذه التجارة “لا ترحموه”..لكن هل يعقل أن يعامل الجميع تخوّفاً من شخص او شخصين من أصل 10 آلاف؟؟!.
هذه الحدود هي “كيس المغذّي” الوحيد الذي يجري في عروق لاقتصاد المسجّى ، اذا قطع أو سُحب ستدفعون وسندفع جميعاً أثماناً مضاعفة…اتركوا الناس تبحث عن عيشها، اتركوا الناس تطارد شمس رغيفها…لا نطلب منكم أن تحضّروا “العجنة”، فقط لا تحثوا التراب على خبزنا..
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com