الباحث الجعفري…يُضيء ذاكرة الكرك وبلديتها بشعاع الوثائق الدامغة.

الباحث الجعفري…يُضيء #ذاكرة_الكرك وبلديتها بشعاع الوثائق الدامغة.

.ا.د #حسين_طه_محادين*

اسم الكتاب: بلدية الكرك منذ التأسيس ،ارشيف مصور وتاريخ توثيقي لما يزيد على مئة عام 315 صفحة، الاصدار عام 2025، وهو معجم توثيقي دقيق وقاطع على ان كل من بلدية وغرفة تجارة الكرك مؤسسياً هما الأوليتان تاريخيا في مسيرة اردننا الحبيب.المؤلف،الناشر والموزع مجاناً وسام مصطفى الجعفري.التنسيق والاخراج وتصميم الغلاف، امل جمال الجعافرة، انس العساسفة.

*أقول؛ لماذا عبقرية المكان وتفرده..
يصف الرحالة الشهير ابن بطوطة الكرك “حِصن الكرك” وهي التي بناها القائد ميشع المؤابي عام 840 قبل الميلاد ، اذن ،لماذا تمثل الكرك عبقرية مكان، كيف لا..؟ وهي التي تقع جنوب الشام وعلى طريق الحاج ، وموقعها الفريد بين البحر الميت الذي كان فيه ميناء غور الحديثة الرابط المائي مع فلسطين في عشرينات القرن الماضي ، وطريق البخور التي كانت تربط مكة المكرمة مع بلاد الشام وهي ايضا اخفض نقطة على سطح الارض من الجهة الغربية،اما شرقا فالخط الصحراوي وخط الحديد الحجازي فيمثلان شواهد حية وتجارية متجددة الاهمية لاتصالها مع فضاءات الاردن الارحب ، دون ان ننسى اهمية ودلالات تنوع المكونات السكانية – عربا ومسلمين- التي تقطن بها عبر التاريخ مع ملاحظة ان الكرك المدينة الاردنية التي احتضنت اعدادا كبيرة من اهلنا الفلسطنيون تعبيرا معيشيا بليغا للاندماج والخوؤلة فيها بين اهلها، إذ لا يوجد بها واقع او اسم “مخيم” بالمعنى السائد في مدن اخرى..من هنا يمكن ان تفهم مضامين الكتاب ووثائقه الدامغة انطلاقا من مقولة شهيرة للفهم والتحليل معاً هي” تتأثر طبائع الناس لجغرافية امكنتهم-العلامة ابن خلدون”.

  • عبر واستلهامات
    -اثبت الكتاب وبالوثائق ان بلدية الكرك التي اسست ( 1893-1895) كجزء من تبعيتها الى ولاية سوريا في العهد اد والدستور العثماني ص127. وأن غرفة تجارة الكرك التي استقلت عن بلديتها عام1921- 1923..انهما الأوليتان تاريخيا ومؤسسيا في الاردن.
  • ان اخوتنا من المسيحيين في الكرك قد مثلوا كمؤشر على نضج الوعي والعلاقات المصيرية المشتركة حياتيا بين اهل الكرك عبر الاجيال منذ اول مجلس بلدي من خلال الراحل خليل افندي الصناع واحد عشيرة المدانات لاحقا…ص 128.
  • ان هناك بنية ادارية وتنظيمية لافتة استنادا الى الوثائق تمثلت في :-
  • تقسيم اداري للمناطق التابعة للبلدية عبر تعين المخاتير كمسؤولين للربط بين مركز البلدية والمناطق.
  • رصد تطور عمليات الانتخاب من غير المباشرة عبر المخاتير المنتخبين بدورهم وصولا الى الانتخاب المباشر عبر الصناديق لاحقا من قبل المواطنيبن..ص 245.
    — وجود وثائق تشير الى وجود اقسام صحية ومحاجر صحية للحيوانات ،سوق الخضار، المعونات للفقراء، الذبحية في مسلخ البلدية ، اليات قانونية لجباية الضرائب والعائدات مع وجود أقسام للرقابة الدقيقة والصارمة على المال العام بغية الحفاظ على اوجه انفاقه.
    *حضور لافت للمرأة..
  • – تشير الوثائق المتضمنة في الكتاب والتواريخ والاسماء الى وجود اهتمام خاص بالمرأة ،اذ تم تعين عدد من القابلات القانونيات وعلى اسس معلنة للمنافسة والتعيين لاحقا اي بتاريخ 1935/12/24 وهن:- الانسة خديجة عبد القادر من اهالي الكرك، روجين بنت موسى السماعين،نجلاء بنت اسحاق البنا،صابطة بنت عبد الله الزريقات.
  • التشارك بين القطاعين..كيف..؟.
    تضمنت الوثائق لعام (1927) منافسة عبر العطاءات التي كانت تطرحها البلدية للقطاع المهني الخاص تمثل في منافسة بين اشخاص مهنيين مثلا ، حيث تنافسوا على تشغيل وصيانة ومتابعة انارة الكهرباء التي كانت تُضأ عبر
    ” اللوكسات” في المدينة التى فاز بالعطاء هو السيد عيد المعطي العلاوي بقيمة 149 جنيه تقريبا .
  • طرح عطاء لبناء طابق علوي لبلدية مع تقديم الكفالات المالية من قِبل المقاول والتي قدمها حينها السيد مصطفى الجعفري-جد المؤلف..
  • كان تعامل البلدية مع البنك العثماني وفق الانظمة المالية القانونية عبر عقود الى ان اغلق البنك عام 1944.
  • تم التثبت بالصور والوثائق من وجود اختام رسمية للبلدية توضع على اخر خطوة من انجاز اي معاملة ويذيل بتاريخ اليوم الذي انجزت فيه اية معاملة رسمية .
  • اضاء المؤلف على بعض التعابير المهنية الأدوار الوظيفية التي كانت سائدة وقتها مثل:-
  • الجلواز، وهو الموظف المسؤول عن متابعة وتنفيذ قرارات وأوامر رئيس البلدية .
  • الدومري، وهو المسؤول عن متابعة شؤون الانارة في شوارع المدينة..ص198.
  • اكدت الوثائق ايضا وجود مهندسين متعددي الاختصاصات للبلدية بُعيد تاسيسها .
  • تضمن هذا الكتاب المرجع وبجد نوعي من المؤلف، مسرد/قائمة باسماء رؤساء البلدية منذ التاسيس وعددهم 32 حتى الآن، مدعما بتواقيع كل منهم مع اضاءات دقيقة عن حياة وقرارات كل منهم.
    لقد استند الكتاب الى الكثير من المراجع القديمة التي تم الافادة منها بما فيها سالنامات وكتب ومذكرات رحالة اجانب ما اضاف الى محتويات ووثائق الكتاب درجة ممتازة من الدقة والصدقية ستساهم في إغناء المكتبتين الاردنية والعربية بمادة علمية محققة لتكون معينا بين ايدي الباحثين وطلبة العلم وصناع القرار ترابطا مع تصويب العديد من المعلومات غير الدقيقة المتداولة شفاهيا في المنطوق الشعبي الاردني للأسف.
    اخيرا..
    هذه الاضاءات المكثفة لن تغني عن قراءة وزيادة نشر وانتشار هذا المرجع النوعي بجهد بحثي مقدر آمن وجسد اهمية ايمانه في المعرفة العلمية والتاريخية للبلدية التي يعمل فيها ترابطا مع الوفاء ترجم عمليا لمدينة المؤلف ومحافظته كجزء من الذاكرة التاريخية لسردية الاردن الاغر على الدوام.
    *قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى