الانتظار موتا

الانتظار موتا
د.محمد شواقفة

لا نعلم ما الذي تريده الحكومة من اعتقال مجلس النقابة و بدون تهم حقيقية و بدون محاكمة رغم أنها قادرة على ترتيب هذا الأمر و لها باع طويل في ذلك. أعضاء مجلس النقابة تجرعوا الظلم و القهر و تصرفوا بغريزية المقاوم و تخلوا عن ما تبقى من حقوقهم بعد أن سلبوا حقهم الأول و الأغلى بالحرية و مر شهر كامل على اعتقالهم و هم لا يزالون مضربين عن الطعام!!
لا تزال عقارب الساعة تدور و رغم اصرارها على المضي قدما فقد تصل روحها إلى نهاية التوقيت و تغدو تلك آخر اللحظات لذلك الجسد الواهن الذي لم يعد يغذيه صبر أو انتظار.
بدأ البرد يسري تحت الجلد و يصل للأطراف البعيدة و يبدو أن ترانيم الحزن كتبت بحروف متناثرة و لعلها حشرجات النهاية. هل بدأ العد التنازلي لرحيل الارادة و العزيمة و لا تزال تلك العقول البليدة تراقب دون اكتراث.
لماذا غابت النخوة و تكسرت الأقلام و خرست الألسن؟ قليل من الكرامة قد تنقذ حياة سلبت حريتها بذنب أو بدون. لم يعد مهما ما الذي حدث و يحدث، المهم هو ما قد يحدث إذا ما تحطمت لحظات الانتظار و الانكسار… لتصبح موتا و دما و ارواحا تزهق بقسوة و تعنت.
ليست القسوة أن تصفعهم و تعذبهم و تهينهم و تسجنهم و لكن القسوة أن تحاول النيل من أرواحهم التي التزمت بما تعتقد أنه حق لها و لو كان انتظارا للموت جوعا أو الموت انتظارا للعدالة. ولا أفهم تلك القسوة في التلذذ بسحق المعتقلين بايادي ناعمة تراقبهم يتساقطون بأجساد واهنة تحمل أرواحا قوية ترفض المساومة و التنازل. و كأن شيئا لا و لم يحدث!
هل سيحتمل الصامتون عذابات الضمير و هم يشهدون ارواحا تزهق و تموت لأنها دافعت عن حريتها المسلوبة و كرامتها المهدورة؟ هل سيستطيع الغافلون أن يغمضوا عيونهم خوفا من نهاية المشهد المرعبة؟ هل ستلملم بقايا الأرواح المتمردة اشلاءها و تنسحب إلى غياهب الذل و الخنوع!
هل هو الموت انتظارا…. أم هو انتظارا للموت؟!
بدأ رمل الساعة بالنفاذ…

#مع المعلم”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى