#الانتصار_الأخلاقي_الفلسطيني
المهندس: #عبدالكريم_أبوزنيمة
بالرغم من ضخامة آلة الإعلام الصهيونية وهيمنتها على 80% من الإعلام العالمي ومحاولتها شيطنة حركات المقاومة العربية عمومًا والفلسطينية خاصةً عبرالعقود الماضية ووصفها بالارهاب والإجرام والوحشية إلا أن الطبيعة والفطرة الإنسانية الأخلاقية للمقاتل الفلسطيني انتصرت انتصاراً باهرًا ودحضت كل الاكاذيب والفبركات الإعلامية الصهيوغربية ، إذ لم تصمد تلك الفبركات طويلًا أمام نبل وشجاعة المقاتل الفلسطيني التي تجلت بكل وضوح خلال تسليم الاسرى ، ذلك البُعد الأخلاقي والإنساني لرجال المقاومة الفلسطينية في لحظات الوداع بين الآسر والمأسور أظهر للعالم أجمع الصورةَ الحقيقية لجيش الاحتلال وتوحشه التي تجلت في لحظات تسليم الأسرى الفلسطينين ، لقد شاهد العالم بأسره الصورة واضحة بلا تزييف وبشكلٍ مباشر وبلا مونتاج بأن الأسرى الإسرائيليين كانوا ضيوفًا معززين مكرمين عند فصائل المقاومة وأنهم قد تلقوا أفضل معاملة بالرغم من ظروف الحرب القاسية والمعاناة التي عايشها الغزيون ، حتى كلابهم حظيت على ذات المعاملة الحسنة ! وقد أكد الاسرى المُفرج عنهم عند وصولهم لمستعمراتهم بأنهم تلقوا معاملةً إنسانية لم تُشعرهم بمرارة الأسر وقسوته !
لقد تعامل المقاتلون الفلسطينيون بعقيدتهم الإسلامية وإنسانيتهم مع المأسورين ، إذ أن ديننا الإسلامي وقيمنا الأخلاقية تحضنا على تغليب الجانب الإنساني مع الاسرى مهما كانت دوافع الانتقام والثأر ، وقد اقتدى رجال المقاومة الفلسطينية بنبينا الكريم عليه الصلاة والسلام حين أمر أصحابه يوم بدر بتكريم الاسرى فآثروهم على أنفسهم في المأكل والمشرب وكذلك فعل الفلسطينيون ! فأطعموهم طعاماً مماثلاً في الجودة والكمية لما يُقدم للمقاتل نفسه او أفضل! وسقوهم ماءاً عذبًا صافيًا لم يتوفر للمواطن الذي يبحث عن شربة ماء بين الانقاض ! وقدموا لهم الرعاية الصحية والنفسية وكذلك الحلوى للأطفال وهذا ما أكدته بعض رسائل المفرج عنهم وكذلك بعض وسائل إعلام الكيان الصهيوني نقلاً عن المفرج عنهم .
بالمقابل نجد أن الكيان الصهيوني يتلذذ بطبيعته الإجرامية في تعذيب واهانة وتجويع وإذلال الأسرى والأسيرات ، فكل أشكال التعذيب التي عرفها التاريخ تمُارس على الأسير الفلسطيني من ضرب وتكسير الاطراف والصدم الكهربائي والتجويع والحرمان من النوم والتعرية وتعريضهم للبرد القارس وصب الماء البارد عليهم وجعلهم فئران تجارب للأدوية وإتلاف أعصابهم بوسائل وأساليب علمية مبتكرة ودحرجتهم فوق الزجاج المهشم… الخ ، والمُفزع في الأمر أنّ هذا العدو المجرم يتلذذ بممارسته هذا التوحش على الأطفال أكثر منه على الكبار ! وقد رافقت وزاملت أحدهم عام 1975 لمدة عام كامل أيام الدراسة وروى لي أصناف التعذيب التي عايشها في الأسر عندما كان عمره 14 عاماً، إذ بقي شبه مشلول وفاقدًا للتوازن بعد فترة علاج متواصلة دامت لمدة عامين حتى توفي العام الماضي رحمه الله .
لقد تفوق الجانب القيمي الإنساني العربي الفلسطيني الحقيقي الواقعي على على القيم الليبرالية الكاذبة المزيفة القائمة على مقولة حقوق الإنسان، شعوب العالم باتت تدرك اليوم بأنه ليس هناك ادنى فائدة تُذكر في تأمين وصيانة حقوق الإنسان! بل هناك ترسيخ حقيقي لمبدأ ازدواجية المعايير وخدمة المصالح الجشعة وتسويغ وشرعنة جرائم الحرب والابادة والتطهير العرقي والتهجير القسري ، لذلك لم يعد هناك اية قيمة لكل المؤسسات الأممية الدولية وكذلك العربية والإسلامية التي عجزت جميعها على حماية وتقديم الرعاية لأطفال ونساء وشيوخ غزة .
الحرب الوحشية القذرة للكيان الصهيوني على المرافق والبنى التحتية المدنية واستهداف المدنيين في غزه وبطلان كل الاكاذيب والدعاية الصهيونية في حقها عن الدفاع عن نفسها والانتصار الاخلاقي لقوى المقاومة الفلسطينية شكل تحولاً كبيرًا في الفهم العالمي في ترسيخ المبدأ الاخلاقي لقوى المقاومة الفلسطينية والعربية وشرعيتها في مقاومة الاحتلال كحركات تحرر وطني وليست منظمات إرهابية، وبذات الوقت أحيت في الشعوب العربية والفلسطينية خاصة روح المقاومة ودفنت إلى الأبد المسار التضليلي والتطبيعي والتآمري لسلطة رام الله وأعوانها من انظمة الحكم الرسمية العربية مع هذا الكيان اللقيط .