#الانتخابات_النيابية ،، وحديث لا بد منه
المحامي والقاضي السابق #لؤي_عبيدات
مؤكد ان الإنسان المشتغل في العمل العام ليس بمنأى عن اشغال نفسه في التفكير بكيفية الوصول إلى المؤسسه الدستوريه الاهم في كل دول العالم الحر وهي مؤسسة (( #البرلمان )) الذي يناط به ثلاث وظائف أساسيه وهي :
١- تشكيل الحكومات التي ينبغي لها ان تأت من رحم الاغلبيات التي يتشكل منها البرلمان ( مجلس النواب ) ، حيث أنيط بالحكومة الولاية العامه على كافة ما ينوب الدولة او
يتعلق بها من انشطة وممارسات وأوكل لها مسؤولية ادارة شؤون البلاد والمجتمع الداخليه والخارجيه ، على تتحمل مسؤولية ادارة هذه الشؤون وما ينجم عنها من قصور وأخطاء امام البرلمان نفسه .
٢- اخضاع هذه الحكومة للرقابة والمحاسبة الدائمين في شتى الشؤون ، والا انفلت الحكم وترهل الاداء ، فمن دون المحاسبة لا يمكن ضمان اداء الحكومات لاعمالها ومشاريعها بالإجادة المتوقعة والانضباط المطلوب .
٣- سن التشريعات والقوانين ، وهي المهمة الأخطر ، فالقوانين هي ادوات السلطة في ادارة شؤون المجتمع ورعاية مصالحه وضبط حركته ، فإن كان التشريع جيدا ومنسجما مع المصالح الوطنيه وحقوق الانسان وحرياته ، كان تطبيقه مثمرا وايجابيا ورافدا للدوله ودافعا للمجتمع للتقدم للامام ، والعكس صحيح .
قصدت من عرض هذه المقدمه بيان اهمية الأدوار المنوطه بالبرلمانات وبالتالي اهمية اختيار صفوة الصفوه ونخب المجتمع ومفكريه ونشطائه لإشغال المواقع البرلمانية وتوليها .
ولأن الامر بمثل هذه الاهميه بل والخطورة والحساسيه ، ينبغي لكل راغب بالترشح ان يكون صادقا مع نفسه ، ومع عموم الناس وهو يجيب على الاسئلة التاليه :
اولا : هل هو قادر على النهوض بمهام الوظيفة البرلمانية والمهام التي تلقيها على كاهله عضويته في المجلس النيابي ، وهي المهام التي اشرنا لها بإيجاز شديد أعلاه ، وهل لديه الطاقه والخبرة والعلم الذي يمكنه من الوفاء بواجبات العضوية في البرلمان ، وهي واجبات خطيرة جدا ولها مساس بالمجتمع بأسره ويستمر تأثيرها وتداعياتها لآماد طويله ؟؟
ثانيا : هل النظام الانتخابي ومعه قانون الانتخاب كفيلان بإفراز اغلبيات نيابية كفؤه ، لديها رؤى وطنيه وبرامجية ، اغلبيات تفهم متطلبات العمل التشريعي ، ولديها الاستعداد لبذل الجهد للوفاء بمتطلباتها ، فضلا عن القدرة والشكيمة الصلبة على ممارسة دورها الرقابي بفعالية ، كما لديها القدرة على افراز حكومات ذات امتداد جماهيري ، ومؤهلات قياديه ، وبرامج وطنيه صرفه ، وتتحلى بالقدرة على اجتراح برامج حكم من جوانبه وأولوياته السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والعلميه ، فضلا عن وجوببة قدرتها على تطبيق هذه البرامج والمضي في إنفاذها ؟؟
ثالثا : هل أبقت التعديلات التي اجريت على الدستور أعوام ٢٠١١ و ٢٠١٤ و ٢٠١٦ و ٢٠٢٢ اي مكانه او دور للبرلمان والحكومات التي ستتشكل من اغلبياته في ظل منح الملك صلاحيات بحله دون قيود او ضوابط موضوعية محدده ، وفي ظل إناطة امر التعيين في المواقع السياديه (( قائد الجيش ،، مدير الامن الوطني ،، مدير المخابرات ،، رئيسا المجلسين القضائيين النظامي والشرعي ،، رئيس الديوان الملكي ومستشاري الملك ،، الخ )) بالملك حصرا دون تنسيب من الحكومه ؟؟ وكيف للبرلمان ان يحاسب الحكومه عن اداء المؤسسات سالفة الذكر في ظل غل يدها عن تعيين مسؤوليها والأشخاص الاوائل فيها ؟ ثم ماذا تبقى للحكومة من صلاحيات في ظل غل يدها عن الملفات الامنيه والعسكريه والاستخباراتية والشؤون الخارجيه عداك عن غل يدها فعلا عن ادارة علاقة الأردن مع الصناديق المانحة والدول المقرضه وغل يدها عن ادارة ملف الثروات الطبيعيه والتعدينيه وغل يدها عن الجامعات وتعيين رؤسائها وغل يدها عن التحكم بملف الحكام الإداريين والسفراء .
رابعا : ثم ومع الأخذ بعين الاعتبار هذا الواقع الذي فرضته التعديلات على الدستور ولو افترضنا ان هناك بعض الإنجازات والاختراقات يمكن لعدد وازن من النخبويين المؤهلين ان يحدثوها ويبدعوا فيها فيما لو جرى انتخابهم كنواب وممثلين لهذا الشعب ، فإن السؤال الاهم ، بل سؤال المليون دولار هو ؛
هل هناك احد في الاردن يستطيع ان يضمن سلامة العمليه الانتخابيه وخلوها من العبث والتزوير ؟؟ وهل يستطيع احد ان يضمن ان (( لا تعود ريما لعادتها القديمه )) بحيث تلجأ السلطة – كعادتها – إلى تزوير الانتخابات وتزوير مدخلاتها ومخرجاتها ونتائجها كما حصل ويحصل دائما بحيث تضمن وصول اغلبيات كاسحه خاضعة لسيطرتها التامه وتتمتع بالضعف وعدم الإلمام بالعمل البرلماني ومتطلباته وأهميته وخطورة مخرجاته ،، اغلبيات تدين بالولاء الكامل لها ، ويغدو معها أصوات بعض المؤهلين الذين عودتنا السلطه ان لا يزيد عددهم عن عدد اصابع اليد الواحده اصواتاً غير مؤثره ، وتتحول مع الايام إلى مجرد ضجيج لا قيمة له ولا تأثير .
اطلت عليكم اخوتي واخواتي ،،، ولكنني اعتقد — وقد اكون مخطئا — بأن من يتجه لإتخاذ قرار بشأن المشاركه بالانتخابات النيابيه — سواء كان فردا عاديا ام حزبا ام جماعه وسواء كان ناخبا او مرشحا — فإنه مدعو للإجابة على الاسئلة سالفة الذكر بصدق مع النفس ووضوح شديد.