الانتحار في الاردن …..ظاهرة وحلول / المهندس هايل العموش

ان الانتحار كبيرة من كبائر الذنوب ، وفاعلها متوعد بالخلود في نار جهنم أبداً ، ويعذبه الله تعالى بالوسيلة التي انتحر بها ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها [أي يطعن] في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ومسلم. كشفت احصائية رسمية، عن انتحار 17 شخصاً في الأردن منذ بداية العام الحالي، وإن حالات الانتحار تنوعت ما بين “إطلاق نار وحرق وشنق وشرب سموم وتناول كميات كبيرة من الأدوية، والقفز عن مرتفعات” وأضافت انه “تم التعامل مع محاولات انتحار أخرى لأشخاص في مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين.” يشار إلى أن العام الماضي شهد أكثر من 110 حالات انتحار، مقارنة مع 120 حالة في العام 2016 حالة انتحار، و388 محاولة انتحار موثقة خلال العام الماضي، بعضهم كان يبحث عن الخلاص الأخير، وبعضهم يأس من محاولاته الفاشلة بإيجاد عمل، وآخر يبحث عن لقمة عيش. وعلى الرغم من انها لم تصبح ظاهرة بعد، الا ان ازدياد عدد حالات الانتحار وعدد محاولات الانتحار بشكل لافت للنظر اصبح يستدعي الوقوف على هذه المشكلة وعلى اسبابها، والبحث عن كيفية الحد منها قبل ان تتحول الى ظاهرة يصعب ايقافه،وتشير التقارير الى ان طرق الانتحار تنوعت بين الشنق والحرق واطلاق الرصاص والقاء النفس من ارتفاع شاهق و التسمم بمختلف انواعه. وتشير ارقام منشورة وهذه الارقام هي الحالات المبلغ عنها فقط ان هناك العديد من حالات الانتحار ومحاولات الانتحار التي لا يتم التبليغ عنها لان الانتحار يعتبر وصمة عار من الناحية الاجتماعية كما أنه محرم شرعا لذا يلجأ الكثيرون الى التستر على تلك المحاولات خوفا من العار وتجنبا للمساءلة القانونية. محللون نفسيون وخبراء علم اجتماع، عزوا أسباب محاولات الانتحار المتزايدة خلال الأعوام الخمسة الماضية إلى العامل الاقتصادي وتأثيره على الفرد، وعلى قدرته لخلق فرص عمل تمكنه من تحقيق الاكتفاء المعيشي وبأن الانتحار يقسم لأنواع فبعضه يكون بدافع الخلاص، وآخر يكون بدوافع انفعالية، وظروف مؤقتة تطرأ على حياة الفرد، فتجعله يقدم على الانتحار بسبب يأسه من تحسين حياته، أو حل مشاكله، واشار خبراء ان الذين يصلون الى مرحلة الانتحار يفتقدون في الاغلب الدعم الاجتماعي والاسري ويعانون من ضعف الخصائص الشخصية مثل القدرة على التعامل الايجابي مع الضغوط وادارتها والقدرة على حل المشكلات ولكن هل فكرنا يوماً كيف ننقذ أنفسنا؟ عندما يحاول شخص أن يقدم على الانتحار أو حتى تتسلل هذه الفكرة إلى مخيلته ليبدأ بالتخطيط لها كيف ننقذه قبل أن يصل إلى هذه المرحلة؟ ! تكمن المشكلة في مجال الصحة النفسية في الأردن، بارتفاع التكلفة العلاجية للمرضى، والاستشارة النفسية لدى الطبيب الخاص، وفي حال لجأ الفرد لمراجعة المراكز الحكومية أو المستشفيات، فإن الأعداد الهائلة قد تحيل دون السماح له بأخذ حقه في الاستشارة العلاجية، وعدد كبير من هؤلاء المحاولين، يعبرون عن صرخة احتجاج بداخلهم تدفعهم للاقدام على هذا الفعل، التي يرجعها عدد كبير من الحالات التي قابلناها، إلى صعوبة الأوضاع الإقتصادية، وعدم قدرتهم على تأمين لقمة العيش، ما زاد الإحباط في داخلهم، في حين يخسر المنتحر راتبه التقاعدي وضمانه الاجتماعي، ما يزيد من تعقيد المشكلة فهو خسر مقدرته على الحياة وخسر مقدرة عائلته على الحياة من بعده أيضا ومن اهم الاسباب التي يعزي كثير من الخبراء المختصين حالات الانتحار اليها هي الاوضاع الاقتصادية وغلاء الاسعار وتفشي الفقر والبطالة التي تجعل الناس يعيشون في حالة من الاحباط توصل البعض منهم الى الانتحار خاصة في ظل ضعف الوازع الديني، ومن الاسباب الاخرى التي حددها الخبراء ضعف التوعية الدينية وضعف التكافل الاجتماعي، والظروف الاجتماعية والاسرية والعاطفية والمشكلات العائلية والفشل الدراسي ومشكلات العمل والاحباطات الحياتية العامة. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من 69 % من أعداد المنتحرين كانت لديهم ضغوط اقتصادية قاسية من فقر وبطالة، ويفسر الباحثون ذلك بأن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا التأثير النفسي على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية. وترى أغلب التحليلات ان السبب الرئيسي في هذه المشاكل بين العاطلين عن العمل، هو الافتقار الى المال، وعدم توفره لسد الحاجة، وبناءً على ذلك فإن تعطيل الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما بين الشباب الممتلئ طاقة وحيوية ولا يجد المجال لتصريف تلك الطاقة، مما يؤدي الى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة قد تنتهي بقرار التخلص من الحياة. وهو ما يفسر العلاقة بين الجانب النفسي من الانسان، وبين توفر الحاجات المادية، وأثرها في الاستقرار والطمأنينة، وأن الحاجة والفقر يسببان الكآبة والقلق وعدم الاستقرار، وما يستتبع ذلك من مشاكل صحية معقّدة، كأمراض الجهاز الهضمي والسكر، وضغط الدم، وآلام الجسم، وحول كيفية الحد من هذه المشكلة هناك بعض الاقتراحات:- يجب ان يكون هناك جهود متكاتفة لمعالجة ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتوفير فرص العمل-1 2-توسيع مظلة التأمين الصحي للمرضى النفسيين خاصة في ظل ارتفاع كلفة علاج المرض النفسي للسيطرة على الأمراض النفسية والتي تؤدي مع عوامل اخرى الى ازدياد حالات الانتحار 3-ان يكون هناك تعاون بين الجهات التي تتعامل مع موضوع الانتحار -ان تكون هناك استراتيجية واضحة لمعالجة هذه الظاهرة قبل ان تتنامى4 5-وضع برامج ثقافية واعلامية واجتماعية ونفسية تنفر من الانتحار -انشاء مركز لمعالجة محاولي الانتحار6 . ان وقف الانتحار وايجاد فرص عمل للشباب الاردني والمساعدة في تخفيف نسبة الفقر في المحافظات والعمل على ايجاد مشاريع تنموية حقيقية تلامس المشاكل على الواقع اهم بكثير من التنظير الغير مجدي ومن الموتمرات التي لا تسمن ولا تغني من جوع واهم من اصحاب البطون الذين مصوا الاموال الطائلة من خلال رواتب فلكية ومن خلال عضوية الشركات والمؤسسات الوطنية والتي كثير منها خسائره بملايين الدنانير. حمى الله الاردن وشعب الاردن شيبا وشبابا من كل مكروه وعلينا جميعا ان نقف في وجه هذه الظاهرة السلبية وان تقوم الجهات الحكومية المختصة باتخاذ كافة الاجراءات التي تساعد على الحد من ظاهرة البطالة والفقر والعمل على ايجاد فرص عمل للشباب والشابات بطريقة حضارية تلامس احتياجات الناس في كافة المحافظات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى