الاعتراف بالآخر والحوار البناء هذا ما يحتاجه أردننا اليوم

الاعتراف بالآخر والحوار البناء هذا ما يحتاجه أردننا اليوم
د. محمد يوسف المومني

عن أيّ ولاءٍ تتحدثون يا زُمرة السفهاء, عن أيّ ولاءٍ وأنتم تبيعوننا أنفاس الهواء, عن أيّ ولاءٍ ونحن ندفع لكم ثمن بطاقة الانتماء, عن أيّ ولاءٍ تتحدثون عن حب الأوطان من الإيمان, والوطن عليل وقد عماه الوباء, عن أيّ ولاءٍ وأنتم تمتصون الدماء, عن أيّ ولاءٍ يا زُمرة الخُبثاء, وقد أفقرتمونا ولكم فاحش الثراء, عن أيّ ولاءٍ وأنتم أصل الداء، تمتصون الدماء وقد صار للفقر شهداء, والأحياء يحيون أسفل الحذاء, فلتشهدوا أني لست منكم ولا من هؤلاء, وأني مزقت جميع أوراق الانتماء, نعم سأدّعي الجنون، أنا لست من العقلاء, سأصيح في وجوهكم، عن أيّ ولاء تتحدثون يا زُمرة الفساد, أزلام خُدع للغرب تُبّع، سجداً رُكعاً, نحن جياع وأنتم شُبّع ، يمقتكم الشباب والشيوخ والرُضّع, لا… لا… فأصواتنا بعد اليوم لن تُقمع.
الديمقراطية معروف أركانها وأبعادها وآلياتها، أيّة قيود عليها تهيأ الجو للدكتاتورية, هكذا وصف أحد القادة السياسيين (الديمقراطية), وفي هذه الحالة لا أظن أن هنالك من لا يؤيد فكرة هذا الشعار .. نعم إن الديمقراطية معروفٌ أركانها … والجميع يعرفون أين الخلل في تطبيق الديمقراطية بوجهها الناصع وليس بالكلام والترهات والشعارات الفارغة … إياكم والتحدث باسم الديمقراطية المزيّفة, ما نشاهده ونسمعه اليوم ليس له أية علاقة بتلك الممارسة, إنها تسمية أخرى كـما شاهدنا في مسرحية( حارة كل من إيدو إلوا ) للفنان دريد لحام.
وحينما ( أدلو بدلوي ) في هذا المجال وفي هذه المرحلة بالذات لكوني أرى وأسمع العجب العجاب وكلها باسم حرية التعبير والوطنية والديمقراطية، ولكن يا تُرى أيّة ديمقراطية وأيّة حرية وأيّة وطنية؟؟؟ من أين نستنتج ونخوض غمار المناقشة حول هذه المسألة؟؟ بالتأكيد من خلال الأخبار والصحف وبقية الأجهزة وتصرفات المسؤولين والناس العاديين وفي المقدمة الشريحة الواعية والمثقفة والسياسيون والتي هي الأسوأ وبجميع ألوانها وأشكالها .
هنالك ولغاية اليوم من يفسر الديمقراطية على ( هواه ) ويريد أن يفرضها علينا بالقوة! بالمناسبة تذكرت هذه الطرفة : لاحظ أحد أفراد الشرطة في إحدى المدن الأردنية بأن أحدهم لم يمتثل لإشارة الوقوف بل قاد سيارته أسرع في الوقت الذي كان عليه الوقوف! أسرع رجل المرور وتناول دراجته النارية ولحق به وأوقفه وجرى بينهم الحوار التالي :
ـ لماذا لم تمتثل لإشارتي ؟؟ ألم تراني رافعاً يدي؟ لا بالعكس لقد شاهدتك! إذن لماذا لم تتوقف, نظر السائق الى الشرطي وقال : يا أخي لماذا العصبية؟ ألسنا في زمن الديمقراطية والحرية الفردية؟ ضحك الشرطي المسكين وعاد الى واجبه!
هكذا ينظر ويريد كل واحد أن يتمتع بالحرية ( التي رسمها لنفسه ) وكما يشاء! ذلك السائق يعتبر أن الديمقراطية هي الفوضى وعدم احترام القوانين والأنظمة! الآخر يأتي وبكل وقاحة وقلة أدب… يتهجم على المتميزين و الرموز الوطنية والمخلصين للوطن والشرفاء ومن غير حق، وحينما تسأله بلطف عن السبب يرد عليك بوقاحة : وَلِمَ لا ؟ ألسنا في زمن الحرية والديمقراطية؟
أعطوني شخصاً متميزاً ووطنياً ومحترماً ورضي عنه الأردنيون بعد وصفي… اليوم لا يرضون إلا عن الذي يسرقهم ويذلهم ويستعبدهم, عن أية ( حرية وديمقراطية ووطنية ) تتحدثون؟ هل ما يطرح على صفحات الصحف وأثناء المقابلات والتفوه بكلمات ومصطلحات( سوقية وقلة آدب ) تدخل في خانة الديمقراطية والوطنية والحرية؟ حاشى لله إن كانت تلك أية نوع من أنواع الديمقراطية والوطنية, إنها الجهل والحقد والحسد والغيرة والتزييف وتصفية حسابات قديمة!
بعد هبّة نيسان أطل علينا العشرات من الأحزاب الديمقراطية والوطنية والدينية ومن النوع الممتاز وغير القابل للتقليد والصدأ والتآكل, والجميع رافعون شعار الديمقراطية, وينشدون الوطنية ويصدرون الصحف باسم الديمقراطية, والديمقراطية براء كبراءة الذئب من دم يوسف! العجيب والغريب هنالك أميّون يقودون العديد من هذه الأحزاب وكأنها سوق لبيع الخضار والفواكه! الجميع ينادي بالحرية والوطنية والديمقراطية وكل جماعة تعتبر نفسها ( هي وبس ) وهي التي ستعيد مدخرات الوطن المسلوبة وتعيد للمواطن كرامته وتنشر العدل وتُحارب الفساد وتقضي على المحسوبية والشللية, والبقية ليست لهم أية صلة لا بالديمقراطية ولا بالوطنية ولاهم يحزنون، بل ما في الأمر أنهم مراهقون سياسيون جدد ، لذلك ( جيب ليل وخذ عتابة) والانتقادات متبادلة …الجميع خونة وأصحاب أجندات خارجية ألا هم… وطنيون وديمقراطيون حتى العظم … اللهم زد وبارك!
والأهم أن لهذه الأحزاب العشرات من الصحفيين والكتّاب… كم واحد منهم كاتب وصحفي بمعنى الكلمة؟ هل كل من انتمى لحزب معين ومعه ( نصف قلم ) ويتهجم على الناس الشرفاء، أصبح كاتبا وطنياً؟ أمْ صحفياً ديمقراطياٌ؟ يا أخوة، الصحافة مهنة شريفة ورسالة سامية، ما نراه ونسمعه هنا وهناك ليست بصحافة إطلاقاً، إنها تهريج بمعنى الكلمة، لم أرَ ولم أقرأ ما أراه إلا على يد الوطنيين الجدد وديمقراطيتهم المستوردة الفوضوية! وحتى ما يسمونها بالصحف، هذه نشرات وليست صحفاً إطلاقا!
أنا وغيري لا نعرف كيف يفسر هؤلاء وكيف يتصرفون ويمارسون الديمقراطية والوطنية ؟ هل هذه الفوضى من كثرة الأحزاب والصحف ومحطات التلفزة والإذاعات وقلة الأدب ممكن تسميتها بالديمقراطية؟ لا وألف لا, أين هذه الفوضى من الديمقراطية؟ إنها فوضى وما بعدها فوضى … للأسف ولغاية الآن لا نعرف نحن معشر العرب والمسلمين التعريف الحقيقي للديمقراطية لا بالكلام ولا بالتطبيق, وإذا استمرت الحالة هكذا وبغض النظر عن هذه ( الديمقراطية المزيفة ) لن نصل إلى نصف ربع دولة الصومال أو جيبوتي, ولن تقدمنا الحدائق ولا العمارات الشاهقة ولا الفنادق ولا الميني جوب ولا الأغاني الغربية والهمبرجر ولا البيف برجر ولا السيارات الحديثة والتعددية الحزبية, ولا كثرة الصحف والقنوات الإعلامية ولا الإنترنت ولا القصور الشاهقة ولا المزارع ولا حتى جنات عدن, وأخيراً رحم الله من قال:
الأوطان لا تبنيها عقلية الانتقام والتشفي وردود الأفعال، بل إنها تبنى بعقلية الانفتاح والتسامح والاعتراف بالآخر والحوار البناء وهذا ما يحتاجه أردننا اليوم, أقول هذا والأيام بيننا … أيها السادة المسؤلون عن الأردن ويا من تدعون الوطنية ويا أصحاب الأحزاب الدينية والوطنية والديمقراطية جداً, هل تدرون أي مثلٍ أردني ينطبق عليكم جميعاً ومن دون استثناء:
دخانك عَماني وطبيخك ما جاني !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى