الاستهلاكَين القيمي والتكنولوجي في المجتمع الأردني..كيف ولماذا؟

الاستهلاكَين القيمي والتكنولوجي في المجتمع الأردني..كيف ولماذا؟
ا.د حسين محادين
(1)
#الاردنيون #عرب و #مسلمون هم أهلنا اولا؛ ولكن كي يستقيم الرصد والتحليل العلميين لطبيعة التغيرات المتسارعة التي يعيشها مجتمعنا الاردني؛ وتحديدا في منظومته القيمية الموجِهة لافكار وسلوكيات كل افراده وتنظيماته المحلية والدولية.
ولا ضير من القول ايضا ؛ بأن هؤلاء الاهل هم جزء منفعل ومتأثر كثيراً بالتغيرات المتسارعة التي يعيشها العالم، لذا يبدو جلياً تأثرنا المبالغ فيه افرادا ومؤسسات رسمية اردنية ؛ بسيادة نماذج و #قيم #الحياة #الغربية اقتصاديا واجتماعيا ولغات بقيادة الأمركة/ #العولمة التي تمثل دول المركز العالمي رغم قِلة عدد سكانها وفقا للتقسيم الجديد للعالم؛ الذي كان يصنف الدول قبل ظهور العولمة الى متقدمة ونامية.
(2)
هذا المركز الغربي العولمي والقائد للعالم الجديد كأنموذج، بعلمه واقتصاداته وثقافتة انما يدفعنا الى الاعتراف بأنه قد وظف وبنجاحات كثيرة التكنولوجيا بأذرعها المتعددة لتكريس وسيادة ما يُعرف بالثقافة البصرية التي آخذت في احتلالنا عبر قدراتها على اغرائنا ومن كل الاعمار لمشاهدتها لحظيا وربما ادمانها، ولكنها ايضا تدفعنا الى تقليدها وتجريبها في الوقت ذاته كلما خلونا الى انفسنا؛ مثل الافلام الاباحية او المصارعة الامريكية، المقتنيات ذات الشهرة من ملابس وعطور ونجوم رياضة وسياسية وفنون، فبرغم العنف الالكتروني والبصريالمتضمن بهذه الفيديوهات الا اننا كمستهلكين نحبذ مشاهدتها وتقليدها واقتناء السلع التي تسوقها لنا ، ويتجلى مثل هذا الاغواء في-

  • زيادة استهلاكنا لاعداد الفيديوهات التي نشاهدها يوميا وبتنوع محتوياتها عِوضا عن القراءة والتفكر والاحساس الانساني الوازن الذي تراجع هذه الايام بعد انتشار التكنولوجيا.
  • ألعاب الاتاريات الوهمية، عِوضا عن التجوال والتعرف الميداني على طبيعة وحضارات الشعوب والبيئات غير الغربية اي “الهامشية” وهي الاكثر عددا في العالم والتي لا تبُث شركات التكنولوجيا الغربية عنها وعن معاناة الا القليل القليل من المعلومات والافلام عنها جراء الاستغلال العالمي لهم ولمواردهم من قِبل دول “المركز” المهيمنة على كل موارد وعائدات الارباح من هذا الكوكب.
    (3 )
    اقول ان هذا النوع الطاغ من الثقافة البصرية الموجهة وفق الانموذج الغربي المعولم ، انما تمثل دكتاتورية الصورة وحتمة التقليد والمحاكاة وهذه هي الاهم والاكثر تأثيرا عولميا في حواس المتلقين لاسيما في دول الهامش من ألف كلمة؛لذا نجد ان نمذجة العالم نحو الواحدية الغربية فكرا وسلوكيات آخذ في التحقق وزيادة التابعين اليا له آخذة في الزيادة والامعان التقليد.
    (3)
    أن هذه الامركة المعولمة هي التي اعادت وما زالت تُعيد تشكيل العالم وثقافاته وفقا لنموذجها الغربي والليبرالي المُبهر للكثير من مجتمعات واقتصادات العالم الهامشي/النامي الجديد بعيد تسعنييات القرن الماضي وسيادة القطب الواحد، خصوصا بعد ان أثر هذا النموذج وبنجاح لافت وخلال مدة قصيرة نسبيا في حياتنا وثقافتنا المغلوبة حضاريا في الوقت الحالي بثقافة الغالب الحضاري لنا-وفقا لاطروحات عالم العمران البشري أبن خلدون- عبر عناوين وادوات بارزة منها :- المنظمات والاتفاقيات الدولية غربية المنشا والتأثير، انتشار وتسيّد حرية السوق ودون ضوابط، بعد ان اخذِنا بنظام الخصخصة بتسارع دون انشأ اقتصاد اجتماعي يتدرج في حماية الفقراء من الاردنيين وضعاف الاقتصاد لمدة عقدين في الاقل، لذا نلاحظ ان عقلية السوق الاقتصادية الحريصة على الربح اولا لم تحرص على توزيع مكتسبات التنمية بعدالة نسبية بين محافظات الوطن وضمن المحافظة الواحدة ايضا، بدليل تخلي الحكومات المتعاقبة عن الكثير من ادوارها التاريخية في اثامة المشاريع التنموية وتركها للقطاع الخاص، وتقليصها لاعداد وفرص طالبي العمل في القطاع الحكومي مثلا..مقاب احلال القطاع الخاص بدلا من القطاعات الحكومية.
    (4)
    بناء على ما سبق وبالترابط معه، نلاحظ بأن منظومة القيم الفردية في محتمعنا “انا وبس” اخذت تتصدر عناوين ومواقف حياتنا عِوضا عن قيم الجماعة والتكافل التاريخية، اضافة الى أن قيم المسموح فيه والمنهي عنه من افكار وسلوكيات دينيا واخلاقيا وهذه هي الضوابط الاساسية للحفاظ على استقرار البناء الاجتماعي والثقافي اي “هوية المجتمع” عموما قد ذابت الحدود الفاصلة بينهما، فأصبحت ونتيجة حتمية لهذه المعطيات الوافدة والفاعلة بكل عناوين يومياتنا قد غيرت من حضور وتأثير سلبي في قوة وحضور كل من:- الاخلاق العامة؛ الحلال والحرام؛ عِفة الجسد؛ الادوار التربوية الاسرية وقيان العلاقات غير الشرعية خارج مرسسة ؛ مفهوم الشجاعة في الدفاع عن الحقوق الخاصة والعامة؛ فقد غدت هلامية الحضور، ،غير واضحة الصدق والمعالم والتقدير. ومن الامثلة على هذا الذوبان غير العفوي للمعايير التاريخية التي كانت سائدة ومن منظور علم اجتماع القيم؛ ذوبان الحدود الفاصلة بين الهدية والرِشوة، او التداخل المقصود بين النفاق بحجة الفهلوة ، والثناء الحقيقي المطلوب كمعزز لعمل الخير، عدم الوضوح في الوعي والمواقف الجمعية بين دونية التذبذب / الوجهنة والحسم في ضرورة ادانة السلوكيات والقرارات والتجاوزات السلبية على كل ما هو مال وخلق عام.
  • عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى