#الاستفادة من #الخبرات .. #فرص #الأردن #الضائعة
#عبد_الفتاح_طوقان
الاردن كان دوما متقدما في القوانين والانظمة والتشريعات ولديه كفاءات وخبرات عالية اسعفت دول الخليج و أمدتها بحاجاتها التعليمية والادارية والامنية والوظيفية وساهمت في بناء قدرات ابنائها و منتسبيها في العديد من الدول ، و انتقلت الخبرات الاردنية الي العالمية بابنائها فبرز منهم كثيرون من المبدعين في مجالات كثيرة منها الطب و الجراحة و الهندسة والقانون و الرياضة و العلوم العسكرية و غيرها فكانوا منارة لغيرهم و محفزون لهم و اعتلوا المناصب في المؤسسات الدولية و الهيئات الاممية بجهدهم الخاص و تفوقهم و”بمفردهم” ودون اي تخطيط مسبق من الحكومة او مسؤولي التخطيط الاستراتيجي مثلما فعلت دول اخرى متقدمة.
و التسائل كيف كان سيكون الوضع لو اهتمت الجهات الحكومية و وزارة التخطيط بوضع استراتيجية لتلك الكفاءات و تنميتها و الاستفادة العلمية و الادارية والاقتصادية منها ؟ و كيف لو عملت علي وضع منصة للمبدعين ترعاهم و تؤهلهم ليكونوا في خدمة الاردن المستقبلي و اعادة ضخهم في الاسواق العالمية كمادة بشرية متميزة عوضا عن تركهم يسبحون في التيار بمفردهم ؟ اين هي خطة الاردن لابنائها ؟
و اليوم الاستفادة من الخبرات في بيئات العمل داخل و خارج الاردن هو أمر حتمي وعلى قدر كبير من الأهمية خصوصا مع الوضع الاقتصادي و المديونية العالية والمشاريع الكبرى المعطلة و غياب الفكر الاستراتيجي و كيفية
التعامل مع الازمات و التي تعالج بنظام “الفزعة” لا بالتحضير المسبق و الرؤي المستقبلية العلمية.
الاردن يمتاز بالقوة البشرية والخبرة و لكن الحكومات لم تستفد منهم في أوقات الأزمات وتقليل النفقات العامة أثناء الأزمات، بل اعتبرتهم عبئا في سوق العمل و البطالة !!! و عدم التعامل معها اضاع كثير من الفرص للاردن.
المؤسف أن عددًا كبيرًا من الحكومات و رؤوسائها لا يحسنون الاستفادة من هذه الكفاءات الموجودة والناجحة في بيئات العمل، وبعضهم الآخر لا ينتبهون إلى المزايا الجمة التي يمكن الحصول عليها من خلال هؤلاء الاردنيون في الخارج و ايضا ممن هم في الداخل و بقتصر اختيارهم علي وزراء ومسؤولون في وظائف عليا من “الشلة” ولارضاء اطراف في المعادلة الجيو سياسية ودون اي اهتمام بمستقبل الاردن الذي كان دوما في مقدمة الدول ثم تراجع وتخطته دويلات و ليس دول و الامثلة لا تعد ولا تحصى. وباتت عملية تدوير الوزراْ بين الحكومات لارضاء البعض و اسكات اخرين هي سمة الفشل الاساسي في انجاح الاردن علي مستويات اقتصادية و سياسية و ضياع الفرص..
وإذا كنا نتحدث عن الاستفادة من الخبرات الاردنية فمن المهم الإشارة إلى أن الأمر يشمل الأكفاء الذين عملوا في الخارج و في اكبر المؤسسات لسنوات وصاروا على قدر كبير من الخبرة وأولئك الذين بالامكان جلبهم من الخارج بغية تأهيل وتدريب الموظفين حتى تكون الاردن قادرة على التعامل مع التحديات المختلفة التي تحدث في الاسواق الاقتصادية و حتى في الامور السياسية بل تكون قادرة على اقتناص الفرص التي قد تعرض بين حين وآخر عوضا عن ضياع الفرص مثلما حدث علي سبيل الذكر لا الحصر مدينة الاعلام و التي انتقلت الي دبي و مدينة الانترنت و التقنيات الحديثة و منطقة تصنيع السيارات وكلها افكارا طموحة اردنية قتلها انكفاء الحكومات و غطرسة بعضها وضعف اخريات، ولعل الاهم الاستفاده من كون الاردن منطقة تاريخية وسطية خصصتها بريطانيا عند تأسيسها لتكون “عبر الاردن” لخدمة التجارة في الشرق الاوسط.
الاردن بلد عظيم ضم و يضم الكثير من الكفاءات و الامتيازات التي لم يستفد منها بطاقتها القصوى وسيكون الاردن اكثر جاذبية لافضل الشركات العالمية التي تبحث عن الحرية والامان و المرونة و التشريعات في الحياة الاقتصادية والعلمية ان تم التخطيط لذلك عوضا عن تركها للصدفة
.
و اقصد لو انتهجت الحكومات التخطيط للتعامل مع التحديات العالمية و حتى لا يتكرر ما حدث عند حضور اللبنانيون وقت الحرب الاهلية في الثمانينيات و لم يجدوا في الاردن البيئة التحتية و لا التسهيلات اللازمة فغادروا الي قبرص وتحديدا مدنها الساحلية مثل لارنكا و ليماسول و بافوس ، و التي زرتها مْؤخرا ووجدت الاستثمارات اللبنانية بالمليارات اتت وقت الحرب اللبنانية و نمت و تضاعفت خلال اربعين عاما عوضا عن كونها بالاردن مثل العقبة التي اراها اكثر تأهيلا ، فهناك في قبرص شركات تجارية و تقنية ومقاولات وابنية و مطاعم و سياحه باموال لبنانية لدرجة انشاء ” الجامعة الامريكية بيروت ” فرعا لها في بافوس غير فلل و شقق يمتلكها اللبنانيون كبيت ثان في قبرص، وامتدت شطارة حكومة قبرص لتشمل جذب استثمارات مصرية ومنها عائلة ساويروس في منطقة “ابيانا” حيث تم انشاء المارينا و الابراج في قبرص وشركة الاتصالات الهاتفية و لم تتوقف الاستثمارات عند العرب بل شملت الاستثمارات الاسرايئلية و الروسية بالمليارات ، بينما مجالس مشتركة اردنية عربية لم تفلح في جذب اي من الاستثمارات ولم نر من مؤسسة الاستثمار او وزارة الاستثمار ما يثلج القلب و يحقق الطموح فضاعت الفرص و
انتصرت ” الشلل” في جني مكاسب التوزير علي حساب الشعب و الوطن و دون اي محاسبة من مجلس النواب او هيئات مكافحة الفساد.
aftoukan@hotmail.com