في حوار متلفز مع الكاتب الألماني جورجن توتدنهوفر تحدث ذلك الكاتب الفذ عن دراسته لظاهرة الارهاب في منطقة الشرق الاوسط والتي تضمنت زيارة له الى سوريا حيث التقى بعدد من اعضاء ذلك التنظيم الارهابي (ومنهم أوروبيون) وخلص الى النتيجة التاليه:
-ان ما يحدث هو عمليات غسيل دماغ لشباب صغار باستعمال اساليب نفسية متطورة وان رغبة الشباب العربي وحتى الاوروبي بالانضمام للتنظيم تعود الى أن بعض هؤلاء يشعرون بالتمييز ضدهم في بلدانهم والذي يمنعهم من الاندماج في مجتمعاتهم. بالاضافة الى قدرة التنظيم على اقناعهم بأنه سيكون لهم دور في المعركة الفاصلة بين الحق والباطل والتي حدث عنها الرسول عليه الصلاة والسلام قبل الف واربعمئة عام.
-ان وجود ذلك التنظيم مرتبط بسنة العراق لأنهم يعتبرونه ذراعهم العسكري في وجه الشيعة الذين استولوا على الحكم وعاملوهم بتمييز ديني وافقدوهم مواطنتهم وعملهم وحياتهم الطبيعية كمواطنين لهم حقوق مدنية متساوية.
****** ******
من يقرأ تاريخ العرب يجد نماذج كثيرة مشابهه نشأت في ظروف من فساد الحكام وظلمهم المقترن بجهل العامة وسيادة الخرافة على التفكير المنطقي والذي يتصاحب مع توافر العامل الخارجي المتمثل بالقوى الدولية التي تبحث عن مصالحها. فالتاريخ الاسلامي يحدثنا عن عدد من الثورات التي لم تكن تحمل منهجا فكريا منطقيا بل فكرا غوغائياً منحرفا وان كان قد تم صبغه بمظهر ديني متشدد يتمركز على احتكار الفكر الاسلامي لفئة معينه.
ربما كان اول تلك الثورات، ثورة اهل مصر على حكم عثمان نتيجة شعورهم بالظلم وغياب العدالة التي جاءت بها تعاليم الاسلام والتي انتهت بالفتنة الكبرى، ثم عدد من الثورات على حكم الدولة العباسية نتيجة الظلم والفئوية والطبقية والتمييز العنصري كثورة الزنج وثورة القرامطة و الحركات الاسماعيلية المنحرفة كالباطنية والحشاشين وغيرها والتي استعملت الضعف البشري والشعور بالظلم لدى الافراد وعدم الاندماج المجتمعي وربما وسائل غسيل الأدمغه لتنتج افرادا قتلة (ارهابيون) لتحقيق مآرب سياسية طائفية او فئوية او عرقية في ظل دولة ظالمة وقائمة على اسس غير مدنية ويقودها التعصب القبلي او الديني.
ولكن في كل تلك الثورات كان المحرك الاساسي هو القوى الخارجية كالفرس والاتراك وفي احيان اخرى الاوروبيون الذين كانوا يطمعون في اراضي الدولة حيث كان ظهور تلك الحركات واختفاؤها بيد تلك القوى التي استعملتها لتحقيق مآربها واطماعها.
على أن ذلك لم يكن ليعني أن تلك الحركات لم تتمرد على محركيها وداعميها و تتمادى في اظهار قوتها وانقلابها عليهم فهناك الكثير من النماذج التي قام فيها من اوجد تلك الحركات باخمادها وانهاء وجودها.
لذا فالتاريخ يقول إن ظاهرة الارهاب ليست جديدة وإن تطورها وانتعاشها هو غالباً ما يكون على يد قوى خارجية عندما يسود الظلم والطبقية والتعصب الديني والعرقي والجهل في المجتمعات الضعيفة.
لن ينتهي ما يسمى بالارهاب الا عندما توفر الحكومات وجبة “الكباب” لشعوبها والتي مكونها الرئيسي هو العدالة لأن آخرين جاهزون لتقديم ذلك “الكباب” المحشو بالفتنه لتلك الشعوب البائسة من أجل تحقيق مصالحهم الاستعمارية.
ودمتم