الإفادة من الكوادر الطبية المتقاعدة علاجا وتدريبا

الإفادة من الكوادر الطبية المتقاعدة علاجا وتدريبا

أ.د أمل نصير

استثمر الأردن على مدى سنوات طويلة في القطاع الصحي تعليما وتدريبا في داخل المملكة وخارجها بحيث اكتسب سمعة عالية في الداخل والخارج على حد سواء، ومن سنن الحياة أن يتقاعد الإنسان مهما بلغ علمه ومهاراته، واليوم وفي ظل جائحة كورونا، ومع النقص الحاصل، والحاجة الماسة لكل خبراتنا الطبية، فقد بات من المهم الطلب إلى هؤلاء ممن تقاعدوا في ال5 سنوات الأخيرة، وممن هم ما زالوا في حالة صحية تؤهلهم للالتحاق بالمستشفيات للعمل والتدريب الميداني للكوادر الطبية غير المؤهلين تأهيلا كافيا، والمعينين حديثا لا سيما مع الأعداد الكبيرة التي تمّ تعيينها مؤخرا، أما من هم أكبر سنا، فيمكنهم القيام بالتدريب في أماكن آمنة حتى نحافظ عليهم بعيدا عن العدوى لا سيما مع خطورة هذا الفيروس على كبار السن، ويمكن أن يكون الأمر اختيارا في البداية لمن يرغب، وفي حال – لا قدر الله – زادت الحالات يمكن أن يصبح إلزاميا لأعمار معينة.
قد يقول قائل لماذا لا تسعى الحكومة لمزيد من التعيين، فالشباب أحق بذلك، وهذا صحيح، وما أتحدث عنه هو إجراء يجب أن يكون إلى جانب التعيين، فنحن اليوم لا نملك ترف الوقت لإجراءات التعيين التي تأخذ وقتا، والأهم من ذلك الحاجة الماسة لذوي الخبرات للتعامل مع الوضع القائم، ولتدريب المعينين الجدد حتى يصبحوا مؤهلين للتعامل مع هذه الحالات، وليتفرغ أصحاب الخبرة للعمل في غرف العناية الحثيثة، واستخدام أجهزة التنفس ….الخ خاصة مع ارتفاع حالات الوفيات في الأيام الأخيرة التي قد يكون أحد أسبابها عدم امتلاك كافة الكوادر الطبية الموجودة الخبرات الكافية للتعامل مع هذا الوضع، وضغط العمل، والخوف من العدوى لا سيما مع حالة الإرهاق الذي وصل إليها هذا القطاع، إضافة إلى ارتفاع حالات الوفاة بينهم- رحمهم الله جميعا- وأعان الآخرين.
إن ما تمتلكه الكوادر الطبية المتقاعدة من خبرات مقدّرة إضافة إلى ما ذكرته سابقا يسهّل على الحكومة التعامل معهم بعد انتهاء الجائحة اذ لا يلزمها بأمور مالية او وظيفية، وان كنا نتمنى الاحتفاظ بكل الكفاءات منهم لتدريب المعينين الجدد الذين تم تعيينهم على عجل في الآونة الأخيرة.
المستشفيات الميدانية التي وعدت الحكومة ببنائها بحاجة إلى ملئها من هذه الكوادر الطبية، وأظن أن ما عهدناه بالأردنيين على مر السنين القيام بالمساعدة رغم علمي بمخاطر هذا الفيروس عليهم، ولكننا أصبحنا في حالة حرب مع هذا الفيروس لا تقل عن حالة الحرب العسكرية التي يُدعى إليها كل جنود الاحتياط.
الأخبار الإيجابية التي سمعناها مساء أمس في المؤتمر الصحفي لوزير الصحة والأمين العام للوزارة من تعيينات أراحت الجميع، وهي من فضائل كورونا، فمنذ عقود لم تعمل وزارة الصحة على إنتاج طواقم طبيه عالية الجودة، ولا توجد خطه احترافية في التدريب، والطبيب الناجح بعمله يذهب للعمل في الخارج او يخرج إلى القطاع الخاص؛ لعدم وجود حافز مالي مجدٍ، ونستذكر بالخير هنا داوود حنانيا عندما عُيّن مديرا للخدمات الطبية الملكية، وطلب إليه إنشاء مؤسسة طبية، فأنتج كوادر طبية نفخر بها على مستوى العالم، في تخصصات القلب المفتوح، وزراعة القلب، والكبد، والكلى … نأمل بالحفاظ على هذا الإرث الطبي العظيم؛ ويفيدنا في تجاربنا الحالية والمستقبلية؛ لأنه لا مكان لأنصاف المتعلمين، فوزارة الصحة بحاجة لوزير صحة يستلم لمدة كافية -حسب رأي أطباء- يعاونه كادر متميز علميا وإداريا مع دعم ملكي كاف، إضافة لإنصاف الكوادر الطبية ماليا، وإرسالها للتدريب في بيوت الخبرة في العالم المتقدم، وهذه إحدى الحلول الممكنة على المستوى القريب والبعيد.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى