قديما كان السحرة يجعلون على العيون غشاوة ، و يأكلون بعقول “المغفلين ” حلاوة !! فيجعلون الأبيض أسود و الأسود أبيض .. يلعبون بالبيضة و الحجر .. و البسطاء من الناس يقفون مشدوهين ، فاتحين أفواههم مما يجري .. عجباً ..!
اليوم ساحرنا الجديد إعلام أو ” ميديا ” بمختلف الاختراعات ، يصاحب الكلمة بالصورة و الموسيقا ، و مختلف الألوان ، ساحر يطلّ عليك بالصوت و الصورة ، و لا يملّ و لا يكلّ حتى يُريك ما يرى ، و يغسل دماغك و يصدّعها .. بالأبواق و الدراما و الندوات و الدعايات … و سيل من المعلومات ، منها الصحيح و أكثرها كاذب مزيّف .. و صار لهذا السلاح الجديد محطاته و وكالاته .. حتى ضاق الفضاء بهذا الضجيج ، الذي هو ممنهج عند عدونا .. و سطحي عندنا .
ففي الوقت الذي توجّه فيه إذاعات و قنوات فضائية لخدمة سياسات و فرض وقائع معينة و زرع مسلمات الانهزام عند الشعوب .. مثل cnn و bbc ، و غيرها ، نجد الأعراب عندنا افتتحوا دواوين و مجالس علك كلام ، أسموها محطات فضائية ، تتحدث عن فضائلهم و انجازاتهم .. و قد جعلوا للبعارين محطات و للقصيد محطات و للسحر و علاج الرجولة العربية المريضة… العاجزة . و غابت عن إعلامنا قضايا الوطن والإنسان و التنمية ، في عصر تتقدم فيه الأمم بالصناعة و الزراعة .. و نحن نتراشق بالشتائم و اتجاهاتنا المتعاكسة ، فعدنا لنقائض الفرزدق و جرير .! العالم يتسارع تقدما .. و نحن نتسارع نحو الهاوية ..
أين أمانة الكلمة و شرفها .. أين مسؤولية السياسي و المفكر .?
اللهم احمنا من هذا الطوفان
– أحمد المثاني –
