الإعداد للحياة … أيهم وراشد

#الإعداد_للحياة#أيهم_وراشد

د. خالد حُسين العُمري

أهلا بعودتكما، وشكرًا لكما بذات الوقت،،،

                  تعلمنا في بداية حياتنا التربوية أن التربية باختصار شديد هي إعداد الفرد للحياة، وأنها تسبق التعليم نظرا لأهمية التربية ودورها في الحياة. ولكننا في غمرة اهتمامنا بالتعليم والتعلّم غفلنا عن التربية التي هي مجموعة القيم والقواعد التي تؤثِّرُ في سلوكنا ضمن السياق الذي نعيشُ فيه، فهي أي التربية موجهات ومؤثرات السلوك الإنساني في محيطه الداخلي والخارجي. ومعاذ الله أن نُلقي المسؤولية على وزارة التربية والتعليم بل هي مسؤولية المجتمع بأطيافه كافة، ولكن رُبّان سفية التربية والتعليم هي وزارة التربية ، فلقد اهتمت وزارة التربية والتعليم وكذلك المجتمع من خلفها بما فيها الجامعات بدرجات الطلاب وعلاماتهم، وأصبحت تلك الدرجات هي المؤشرات على نجاحاتها وتحقيق أهدافها، ولحقتها المدارس الحكومية والخاصة دون أدنى نظر لقياس الجوانب التربوية وتقويمها. ولقد اجتهدت المنظومة التعليمية في بلدنا بالاهتمام باستراتيجيات التعلم والتعليم، واستراتيجيات التقويم وما إلى ذلك؛ حتى غدا مُعدّل الثانوية العامة بالنسبة للطالب هو الهدف والرؤية والرسالة، بل وصل الأمر للمجتمع فأصبح الأمر محاكمة للإنسان عن نجاحه أم فشله من خلال ذلك المُعدَّل ، فمن حقق معدلا مرتفعا فهو إنسان ناجح، والعكس بالعكس،،، تبّا لها من محاكمة أوصلنا إليها ضيق الأفق لدينا، ولا أُلقي اللوم على وزارة التربية والتعليم بل كُلنا شركاء في ذلك وبذات الوقت لا أعفيها من المسؤولية لأنها ما تزال رُبّانَ سفينة التربية والتعليم والموجه العام لها.

ومن خلال خبرتي التي وصلت لأكثر من عقدين في المدارس الخاصة فإن التزاحم والتنافس محمومٌ على حجز اسم لهم في قائمة المدارس التي حقق طلبتها مقعدا أو أكثر في العشر الأوائل، لم تعد تتنافس على خريجين ذي سمات ومواصفات تتيح لهم النجاح والفلاح في الحياة بل معدلات التسعينات هي المؤشر للنجاح والتميّز، ولقد أصبح المجتمع يحاكم قوة المدارس من خلال عدد خريجيها الذين كانت معدلاتهم بالتسعينات، وكأن أصحاب المعدلات الأدنى من ذلك قد فشلوا!!! ليت لدينا دراسة عن العشر الأوائل للسنوات العشرين الماضية تفيدنا بما أنجزوه على صعيد المجتمع والصعيد الفردي لنعرف فيما إذا كانت تلك المؤشرات (مُعدل الثانوية العامة) هو المؤشر الحقيقي الصحيح والناجع لنا أم لا!!

                  أيهم وراشد دقّا ناقوس الحياة ومتطلباتها في ظل التغيرات المجتمعية التي تحدث، بل دقّا ناقوس الخطر على شبابنا واحتياجاتهم الحقيقية في ظل الألفية الثالثة وبما تحمله من تغيّرات ومتطلبات هي أبعد ما تكون عن احتياجات ومتطلبات القرن الماضي. وحقيقة نحن التربويون بحاجة إلى أن نخرج بتفكيرنا خارج محيطه المُقيّد لنا ولأبنائنا، وليس خارج الصندوق فحسب بل إلى ما وراء التفكير حيث الإبداع والابتكار والحريّة ،، نعم علينا أن نربي أولادنا لزمان غير زماننا محمّلين بالقيم والأخلاق وأن نعطي التعليم مساحة وحريّة أوسع مما أُتيح لنا. وعلينا أن نهتم بمختلف جوانب شخصية الإنسان الانفعالية والاجتماعية والجسدية وليس فقط المعرفية، وحتى في الجانب المعرفي علينا أن نعلمهم كيف يفكرون، وكيف يحللون وينتقدون -وأحسنت وزارة التربية والتعليم في هذا المجال في إدخال تدريس الفلسفة في قادم الأيام-، وعليها أيضا أن تجتهد في ابتكار استرتيجيات تربية الإنسان وإعداده للحياة في مدارسنا وأن توفر ما يلزم لذلك. حمى الله أيهم وراشد وشباب الوطن أجمعين.                                                                                                                                                                        د.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى