الإصلاح السياسي أولاً

#الإصلاح_السياسي أولاً

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
كثر الحديث والتبشير بقدوم الايام الجميلة وكثرت بذات الوقت التحركات الحكومية وما يصاحبها من ابواق الترويج الاعلامي للمستقبل الجميل القادم ، كل هذا هو تضليل وسرقة للوقت ، فلا ايام ولا مستقبل جميل آت وكل ما نسمعه ونشاهده من بهرجات اعلامية هو حلم كاذب بأيام جميلة !
من أبسط اسس وقواعد التنمية هو وجود بيئة سياسية حاضنة أهم سماتها قدسية الحريات واحترامها وتكريس وتجذير ثقافة المواطنة المبنية على قواعد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والتداول الديمقراطي للسلطة من خلال التنافس البرامجي بين أحزاب ذات امتدادات شعبية تفضي الى فرز اصحاب الكفاءات والخبرة والمسؤولية لادارة شؤون البلاد ومن ضمنها اعداد الخطط التنموية والاستراتيجيات الوطنية للنهوض بالبلاد والتحسين المستمر للظروف المعيشية للمواطن ورفاهيته .
الصورة عندنا مقلوبة 180 درجة ، سلطة حاكمة تعين حكومات وراثية تزور الانتخابات وتعين نواباً على مقاسها ومقاس ما هو مخطط لتدمير الوطن وبذلك تأمن عدم الخضوع لاي شكل من اشكال المسائلة والمحاسبة تأتي وتغادر تعلن عن خطط ومشاريع واستثمارات وهمية – المطبلين لها يزدادون ثراء والمعارضون لها يزجون في المعتقلات والنتيجة البينة هي زيادة ارقام المديونية وزيادة التضخم والبطالة والجرائم وغيرها .
المؤشرات والمعايير العلمية تؤكد أن اوضاعنا ستزداد سوءاً ومن أهمها ارتهان الاردن سياسياً وأقتصادياً لدول الغرب الاستعماري ، زيادة التضخم السنوي لخدمة الدين مع التراجع الحاد في الناتج المحلي ، هروب رؤوس الاموال للخارج ، ارتفاع فاتورة الطاقة وكذلك ارتفاع وتعدد الضرائب ، فساد الجهاز الاداري وخاصة فيما هو متعلق بالاستثمار ، التراجع المذهل في مستوى كفاءة منظومة التربية والتعليم والتدريب المهني والتقني ، التفريط بمعظم مقدرات الوطن وموارده الطبيعية ، وجود قوى المحاصصة في الاستثمار ، صعوبة وتشعب وتعقيد الاجراءات الادارية الاستثمارية ، وهناك مؤشرات أخرى لا مجال لذكرها .
هذه المخاطر والتهديدات الطاردة للاستثمار والتنمية المستدامة لا وجود لها في الدول الديمقراطية التي تستظل بدستور محصن من العبث به وقوانين لا حصانة لأحد من سيادتها ، ونظرة سريعة لبعض الدول التي ساد بها الفساد سابقاً مثل كوريا الجنوبية سنغافوره ماليزيا نجدها قد نهضت من ركام الفساد والرشى والتخلف والفقر والجوع وأصبحت في مصاف الدول المتحضرة والمزدهرة وألآعلى دخلاً على مستوى العالم فقط بالاصلاح السياسي ! وهذا ما نحن بأمس الحاجة اليه اردنياً !
لن يتحقق أي شيء بغياب الحريات العامة وفي ظل السطوة الامنية على الحياة السياسة الحقيقية ، سنهوي للقعر ما دام المتنفذون يشكلون احزاباً هلامية بنكهات امنية في المواسم الانتخابية تقرر لاحقاً مصير الوطن ، سنعيش في سراب الايام الأجمل غير الاتية ما دام الراقصون والمهرجون والسفلة يقيمون افراح النفاق ليلاً ويقبضون الثمن صباحاً ، سنهوي أكثر ما دام النفاق والتسحيج أصبح وسيلة للارتزاق وتحقيق المنافع والمصالح الشخصية الضيقة على حساب مصالح الوطن ، سيزداد جوعنا وفقرنا وغربة وتغريب وتيه أبنائنا ما دامت طلاسم الموازنة العامة قائمة وما دامت المكارم والاعطيات بلا حسيب ولا رقيب ، لن نرى الا سود الليالي ما دام حضور اللقاءات والاجتماعات العامة يفرز على المساطر الامنية وتقتصر وتختزل كلماتهم على أهواء وبما يرضي أصحاب الشأن !
كل يوم نغرق أكثر ومستنقع الفساد يكبر ، كل أهازيج وطبول الاصلاح السياسي التي غني بها ما هي الا متاهة لن نخرج منها الا على أطلال وطن كان جميلاً ناصعاً نقياً سيداً عاث فيه الفاسدون خراباً وتدميرا ، وأخيراً هل يحق لي ولأي أردني أن يسأل : أين هو المن والسلوى وثمار السلام التي بُشرنا بقطفها عند توقيع اتفاقية العار مع دويلة الكيان الصهيوني ! أين الدشاديش التي وعدنا بلبسها ! لماذا لم نخرج من عنق الزجاجة مع نهاية عام 2016 ! أين أصبح صندوق الاجيال ! وكم حجم الاموال التي وضعت فيه ! وإن وضعت فيه؛ فكم كان مقدارها ولمن صرفت ! إن كان هناك جواب لهذه الأسئلة فحتماً ستأتي الأيام ألاجمل ! وأخيراً : أليست هذه الحكومة من نفس البكسة ! فلماذا علينا أن نصدقها ! الاصلاح السياسي الحقيقي هو فقط من سيجلب الأيام الاجمل والباقي كله كذب بكذب وهجيني لشيوخ العبايات الصيني !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى