الإرهاب سياقات مختلفة ” الحالة الفرنسية ” / د.رياض ياسين

الإرهاب سياقات مختلفة ” الحالة الفرنسية ”
تشهد فرنسا مجابهات حامية بين بعض الاتحادات العمالية والمتظاهرين المتحمسين لإنهاء حالة الطوارئ المفروضة على البلاد حسب مطالبة الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان الحكومة الفرنسية بوقف العمل الفوري بحالة الطوارئ المطبقة في فرنسا بعد الاعتداءات الإرهابية التي وقعت في باريس في تشرين الثاني من العام الماضي ،حيث أن حالة الطوارىء أدت إلى تراجع الحريات الفردية في فرنسا،وهذه الحالة تسببت بمواجهات بين المتظاهرين والشرطة أخيرا بصورة مباشرة.
فرنسا كانت على موعد مع عهد الإرهاب الذي تبع الثورة الفرنسية،هذا العهد الذي تمكن فيه روبسبير من تصفية الكثير من زملائه باتباع الارهاب، وهكذا انفرد بالسلطة وفي عهده اعدم الالاف في المقصلة وبسبب ايمانه بان الغاية تبرر الوسيلة وانه يمكن المس بالحريات الاساسية للفرد بهدف انجاح الثورة والقضاء على المعارضة الداخلية والتفرغ لاعداء الخارج. واشتهرت فرنسا في عهده بحمامات من الدم وقد وصلت شعبية روبسبير الى القمة حيث انتخب رئيسا للجمهورية الاولى في فرنسا، في فترته تعاظمت الازمة الاقتصادية والارهاب بالرغم من انسحاب الجيوش الاجنبية عن الاراضي الفرنسية، اما والآن فالإرهاب العالمي مرتبط بتنظيمات مسلحة تجوب العالم في أنشطتها وكراهيتها،فالوضع متباين من حيث الموقف من الإرهاب على اختلاف سياقاته وتشابه أفعاله وترويعه.
.

ومثلما أساء روبسبير السفاح لمفاهيم الثورة الفرنسية ، هناك أصوات تنتقد حال فرنسا اليوم من استمرار حالة الطوارئ الى نهاية تموز القادم بحجة تأمين انعقاد بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم.
والانتقادات التي ساقها الاتحاد الدولي لحقوق الانسان تشير الى أن تطبيق حالة الطوارىء ألحق إساءات عميقة بالحريات الفردية وأدى إلى تراجع سيادة القانون وتفاقم عملية وصف قسم من الناس الذين يعيشون في فرنسا بسبب انتمائهم الديني أو أصولهم.

ومن المعروف أن الحكومة الفرنسية كانت لها مشاركتها على الاقل الاعلامية والمعنوية وموقفها السياسي في ضرب التنظيمات الإرهابية في سوريا وتوجيه ضربة للنظام أيضا،وفي الوقت الذي لم يستطع النظام السوري ان يضرب المصالح الفرنسية،تمكنت التنظيمات الإرهابية من ضرب باريس في الاعتداءات الدموية المزدوجة في 13 من تشرين الثاني الماضي والتي أسفرت عن مقتل 130 شخصا وإصابة مئات آخرين في حينه.
هل يمكن ان نبرر للحكومة الفرنسية استمرار العمل بحالة الطوارئ على حساب الحريات والحراكات السياسية للفرنسيين الذين يضرب العالم بهم المثل في الحرية السياسية بعد مايقرب من أكثر من مائتي عام على الثورة الفرنسية أهم ثورة في العالم الحديث.
في الوقت الذي يشهد الشارع الفرنسي حالة استياء شديدة من الإجراءات الصارمة المفروضة والمرفوضة حيث أن هناك أحكام بالإقامة الجبرية وعمليات مداهامات وحل لهيئات، وكل ذلك يأتي بقرار من البرلمان الذي يصر في كل مرة على تجديد العمل بالطوارئ في كل مرة بأغلبية ساحقة.فهل استطاع الإرهاب أن يشوش على الحالة السياسية لمركز إشعاع الحرية والدولة المدنية في العالم، ام ان الضرورات تبيح المحظورات.؟!!!
rhyasen@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى