الإرهاب “البلاش” الذي سيكلف المليارات!

سواليف

ترسم الهجمات الإرهابية الأخيرة في القارة الأوربية صورة قاتمة عن مستقبل التعامل مع المتطرفين الذين باتوا يستخدمون أرخص الوسائل متسببين في الوقت عينه بأكبر الخسائر في أرواح المدنيين.

فأية عملية إرهابية في المدن والعواصم المكتظة، بات لا يلزمها أكثر من سكين أو ساطور، إضافة لشاحنة قد تكون مؤجرة من ألوف المكاتب المنتشرة عبر العالم بشكل عام وأوروبا بشكل خاص.

ويرى الخبير في شؤون الأمن البروفيسور دميتري يفتسافيف “أننا دخلنا في دوامة مستوى عنف جديد، بالنظر للعمليات التي نشهدها، وآخرها هجوم لندن الذي أسفر عن مقتل 7 مدنيين”.

ويؤكد يفتسافيف لـRT أن “تكرار طريقة التنفيذ البدائية البسيطة وتفصيلاتها القليلة يصعّب المهمة بشكل كبير على أجهزة الأمن في توقع وتعقب الأشخاص الذين من الممكن أن يكونوا المدبرين أو المنفذين”.

يذكر أن لندن شهدت، ليلة السبت إلى الأحد، عملية إرهابية نفذت من قبل 3 مهاجمين دهسوا بسيارة “فان” المارة على جسر لندن، وثم قاموا بطعن زوار المطاعم والمقاهي بالسكاكين في منطقة بورو ماركت.

ويضيف الخبير: أن “من الصعوبة بمكان مراقبة مشتبه فيهم أو أفراد لم يسمح شيء في تصرفاتهم بالاستنتاج أن عملا إرهابيا بات وشيكا، وهذا ما ينطبق على ما بات يعرف بالذئاب المنفردة”.

وتدعو المجموعات الإرهابية منذ سنوات مناصريها للتحرك، حيثما يقيمون، باستخدام الوسائل المتاحة وبشكل منفرد.

إلى ذلك قال إيف تروتينيون، العضو السابق في أجهزة مكافحة الإرهاب في القيادة العامة الفرنسية للأمن الخارجي، لوكالة الأنباء الفرنسية:” كلما كان العمل بسيطا كانت التحضيرات العملية أقل بالنسبة لشراء معدات وأسلحة ومتفجرات، وكان كشف هذا العمل معقدا، لأن هذا السلوك غير مشبوه”.

وأضاف أن “مكافحة الإرهاب تندرج في الوقاية”. وتابع “يتم توقيف أشخاص عندما تكون هناك أدلة وأسباب تدفع إلى الاعتقاد بأن جريمة سترتكب. الأمر ممكن عندما يكون الأفراد معروفين ومراقبين، أو عندما يظهرون فجأة على رادار الأجهزة الأمنية، لأنهم يخططون لأمر ما”.

وتابع: “علينا أن نعتاد على العيش مع هذه الأمور”.

وتجسد حالة الفرنسي الشاب عادل كرميش كيفية صعوبة منع مشتبه فيه، تم رصده أو مراقبته، من ارتكاب عمله الإرهابي. فبعد اعتقاله في تركيا لمحاولته العبور إلى سوريا أودع عادل السجن ثم أفرج عنه وأرغم على ارتداء سوار إلكتروني. ورغم ارتداء السوار الإلكتروني شارك في تموز/يوليو 2016 في عملية ذبح كاهن في الـ85 من العمر في كنيسته ببلدة سانت-إتيان-دو-روفري (غرب بلجيكا)، بمساعدة شخص آخر تعرف عليه بواسطة الإنترنت.

وإذا حاولنا النظر بشكل عملي، فإننا نجد أن مراقبة مشتبه فيه واحد على مدار الساعة تتطلب استنفار نحو 20 شرطيا، ما يعني أنه لا يمكن مراقبة جميع الأعضاء المفترضين في شبكات جهادية ومناصريهم طوال الوقت. حتى وإن كان الأمر كذلك فكيف نعرف أنه عندما يصعد أحدهم إلى شاحنة صغيرة فانه ينوي التوجه إلى وسط لندن ودهس مارة، أم بكل بساطة التوجه بغية التبضع؟.

الكلام عن صعوبة المهمة جاء أيضا على لسان ناتالي غوليه مساعدة رئيس لجنة التحقيق لمكافحة الجماعات الإرهابية بفرنسا، حيث قالت :”علينا تفادي الديماغوجية. لن تتمكن كل استخبارات العالم من منع هذا النوع من الهجمات”.

وأضافت “هذا لا يعني أنها مقبولة، ويجب عدم الاستسلام، لكن علينا أن نكون واقعيين. أن نجعل الناس يعتقدون أنه ستتم تسوية المشكلة من خلال رفض المسلمين أو إغلاق المساجد هو أمر غير حقيقي. على العكس سيعزز ذلك حجج تنظيم الدولة الإسلامية داعش”.

وتابعت “شخص يدهس بسيارته حشدا من الناس ويبدأ بطعنهم… للأسف علينا أن نعتاد على العيش مع هذه الأمور، وأن يتولى كل مواطن مهمة المراقبة”.

ولكن من جهة أخرى يعارض خبراء أمنيون الاستكانة أو الهوان في معالجة هذه الظاهرة ويرون أن على أوروبا والمجتمع الدولي عدم ادخار أي جهد أو إمكانية لقطع دابر هذه النزعة الإرهابية الجديدة الرخيصة، مهما كلف الثمن.. وهنا الدعوة لزيادة النفقات على الأمن، من أفراد وأجهزة تعقب وكاميرات مراقبة وتغيير آليات الحصول على السيارات المؤجرة.. وإلخ من إجراءات ستكون على الأغلب باهظة الثمن.

المصدر: RT + أ ف ب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى