الإرتباط الجدلي

#الإرتباط_الجدلي

د. #هاشم_غرايبه

هنالك فئة من الأمة هم الأنظمة المتشبثة بكراسي الحكم ورهطها المستفيدين من أعطياتها، هؤلاء يلهثون وراء رضا امريكا، شغلهم الشاغل الفوز بمباركتها لكراسيهم العفنة، وبقاء هؤلاء هو ما يؤملها بنجاحها بتمرير خططها الأخيرة بالتمكين للكيان اللقيط عبر استعمال العصا الغليظة ضد الفئة الوحيدة من الأمة المتمردة على هيمنتها، وهي المقاومة الاسلامية في القطاع، فهي تريد انتهاز هذه اللحظة، للتخويف من عاقبة مخالفة النهج المطيع الذي واظبت الأنظمة على انتهاجه طوال القرن المنصرم.
تمردت الشعوب المقهورة على هذا الواقع المفروض بالقمع والتنكيل أول مرة عام 2011، لكن الأنظمة لما رأت كراهية الشعوب لها وأحست أن كراسيها التي اعتقدت أنها راسخة على وشك السقوط، بادرت الى الاستغاثة بالمستعمر الذي مكّن لها أصلا في بلادها لتحفظ له مصالحه، فنسق فيما بينها لنجدة من كان موشكا على الغرق.
بعدها تعلمت هذه الأنظمة أن لا تركن الى أجهزتها الأمنية، فهي على شراستها لم تستطع شيئا إزاء الشرر الذي كان يتطاير من أعين المحتجين، كما يئست أمريكا من قدرة هذا الأنظمة على تطويع شعوب الأمة وقطع صلتها بعقيدتها، فتوقفت عن محاولات التطبيع عن طريق الإختراق الشعبي، فاكتفت بالتطبيع على المستوى الرسمي، لذلك نشطت خلال السنوات الخمس الماضية في إجبار الأنظمة التي لم تكن أقامت علاقات تطبيعية معلنة مع الكيان بعد، فاستجابت بتردد وتثاقل، ليس مرده الوطنية والعقيدة، بل الخوف من ردة الفعل الشعبية وإحياء الإحتجاجات من جديد.
يدرك المستعمرون الغربيون الذين زرعوا هذا الكيان الدخيل ليكون قلعة لهم وسط ديار الأمة، ومركز انذار مبكر ينبههم لتحركات مصلحين باتجاه تحقيق النهضة واستعادة وحدة الأمة، لكي تبادر الى التحرك السريع لوأد هذه المحاولة، وهم يدركون أن الوسيلة الوحيدة لتوحيد العرب هي العقيدة الإسلامية، والتي إن تحققت سيخسروا كل ما حققوه خلال القرن المنصرم، والذي تمثل بأهم إنجازين في تاريخ صراعهم التاريخي مع الأمة: الأول بقيام أنظمة سايكس- بيكو بديلا للدولة الإسلامية الموحدة للعرب، فصنعوها متباغضة متلاعنة، لكنها متفقة على أمر واحد هو منع أي توجه إسلامي، والثاني زرع الكيان اللقيط، الذي ترعرع برعاية تلك الأنظمة وحمايتها.
من هنا وجدنا الغرب اشتد سعاره، وهرع بقضه وقضيضه لنجدة ذلك الكيان رغم شدة تحصينه واتخامه بأحدث الأسلحة والمعدات، فقد حدث أمر قد يفشل كل حذرهم، اذ ظهرت فئة مؤمنة محاصرة ومحرومة من شراء السلاح، فلا تملك القوة العسكرية الكافية، لكنها ولأنها متمسكة بمنهج الله، فقد صمدت وأفشلت هجماته.
لذلك كان هذا الهلع، والمسارعة الى طلب التفاوض لإنهاء القتال، خوفا أن تفلت الأمور، وتتوسع دائرة تأييدهم والاقتداء بهم، وفي ذلك خطر يتهدد الطرفين: الكيان والأنظمة، خاصة بعد إذ سقطت كل حجج ممانعي اتباع منهج الله في الدول الاسلامية واتهامهم بالعمالة للاستعمار، والذي يسمونه (الإسلام السياسي)، فقد انكشف من هم العملاء، وأن الهزائم المتلاحقة طوال القرن المنصرم ما صنعتها الا الأنظمة العلمانية.
فهم لايريدون التفريط بأي من هذين الإنجازين، وهما على ارتباط جدلي ببعضهما، فسقوط الكيان اللقيط سيحقق الوحدة وعودة الأمة الى منهج الله، وكذلك الأمر إن توحدت الأمة تحت راية الدولة الإسلامية الجامعة، فسيسقط الكيان اللقيط حتما.
المستقبل حتما لصالح نهضة الأمة، ومهما تجبرت قوى البغي وعلت، ورغم اجتماع كل قوى الشر على الصد عن دين الله، والتقتيل والتشريد بمسمى محاربة الإرهاب للمتمسكين به، وملاحقة من يدعون لتحكيمه في حياة الناس وتخويفهم باستهدافهم بتهمة الإرهاب، خاصة بعد انكشاف زيف اتهام الاسلام بذلك.
إلا أن مبررات العودة إليه تزداد، والإصرار على التمسك به يتعاظم.
أما أولئك الذين يشركون مع الله إلها آخر هو أمريكا، ويخشونها أكثر من خشيتهم لله، فيُسخّرون ثرواتهم الفلكية للصد عن منهجه، والتنكيل بالدعاة له، والتهديد بإعدامهم إن خالفوهم في طاعتها، سنرى وعد الله فيهم يتحقق في الدنيا قبل الآخرة: “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ” [الأنفال:36]، والله لا يخلف وعده.
قال ابن القيم:عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين، وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين.

مقالات ذات صلة

اعلان
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى