الإدارة وإعطاء الحقوق لأصحابها، فواز عبد الحق الزبون أنموذجاً. / د. ظاهر محمد الزواهرة

الإدارة وإعطاء الحقوق لأصحابها، فواز عبد الحق الزبون أنموذجاً.
د. ظاهر محمد الزواهرة – الجامعة الهاشمية ،الزرقاء.

عندما تكون الأمانة غاية المسؤولية،وتكون المسؤولية أمانة، ولا تقتصر الأمانة على مفهومها الضيق،وتحصر في المتاع والدينار والدرهم، سيعرف العاقل تماما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، واد الأمانة إلى من أئتمنك ، ولا تخن من خانك، وتدرك عندئذ عظم الأمانة والرعاية؛ولذا كان قول معلمنا الأول النبي _ صلى الله عليه وسلم _ :وإنها يوم القيامة خزي وندامة.
أفكر دائماً في هذه المعاني العظيمة،وأسأل نفسي : هل يمر المسؤولون في وطني على مثل هذه الأسس والمبادئ قبل قبولهم بالمسؤولية والرعاية، ولبسهم ربطات باريس الفاخرة؟ وهل يدركون هذه المعاني؟
وهل يقدرون الظلم الذي يمكن أن يقع على بعض الضعفاء والمستضعفين، وحتى الأقوياء؟
في حقيقة الأمر نحن دائما نبحث عن العدالة، وإعطاء كل ذي حق حقه،وهذا أصل في تشريعنا الإسلامي، ومعنى أن تعطي كل ذي حق حقه أنك تبني قاعدة في الانتماء ،والعمل والنماء،والتضحية والفداء،ولا يمكن أن تهزم،أو تفشل أو تهدم، بل تحقق الراحة النفسية والجسدية والفكرية للإنسان، ومن ثم سيعمل بجد واجتهاد وإخلاص وتفان، ولم يكن قول ابن خلدون مجرد ذكرى تستعاد،أو حروف تقرأ وتعاد، حين قال : الظلم مؤذن بخراب العمران، بقدر ما هو ركيزة تعني أساس العمل والرعاية.
فكم من عامل ظلم!وكم من موظف أهدر حقه!وكم من غيرهم من أخذ حقا ليس له! ومرجع ذلك علاقات شخصية مع المسؤولين، فتكون المخرجات في أمرين اثنين :إما صلة ومعرفة ، ورقي وترقية،وإما قطيعة وتجاف وإبقاء، وربما انتقام وإقصاء،وليس ذلك في قول المثقب العبدي من شيء حين قال:
– فإما أن تكون أخي بحق … فأعرف منك غثي أو سميني
-وإلا فاطرحني واتخذني … عدوا أتقيك وتتقيني.
إنها الأمانة التي نرتجيها في كل قاسم قسم اليمين بأن يؤديها على أكمل وجه، إذ تستقيم المعاملات بين الناس في شتى شؤون الحياة، وتعرف يومها معنى العدالة الحقيقية،ومعنى أن ترتاح في عملك فتنجز وتعطي، وتصبح النماذج التي نقرأها في عالم بعيد عن عقيدتنا – للأسف – في حياتنا،والأصل أن تكون جوهر حياتنا كما كانت :لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها.
وفي وطني العزيز، الأردن الذي نحب ونفتدي ،نريد أن تكون كل القيادات ،ومن تناط بهم المسؤولية على قدر الأمانة؛لأن الأردن نموذج يحتذى ،ولأن الأردن يستحق منا أن نكون على قدر العزم،ومن هنا ننتظر دائما إلى كل ما فيه العز والإدامة والعطاء، وننظر إلى خير العمل والأداء.
إن النماذج التي تقدر وتحترم، ونتمنى أن تستمر كثيرة وموجودة رغم ما تواجه من معضلات وحوافز لإعاقة عملها، نماذج تدخل في القلب والعقل معا؛لأنها تشعر وتحس،وتدرك قيمة العمل والعطاء؛ولذلك تعطي وتنتظر الإنتاج والمخرجات،وتعمل بكل جد وإخلاص وحكمة، وتستمد عملها من سمو التشريع ، ومن تميز القيادة العليا في الوطن، من ملك شاب يقدم العطاء والعمل في بناء أردن حضاري.
ويأتي في فكرك وأنت تكتب في هذا الموضوع العميق عشرات الأسئلة،وربما كان أشدها ألما ما يكون في أعلى مستويات المؤسسات ،وهي التعليم العالي والجامعات، إذ كيف تنتظر من أكاديمي تحجز معاملة ترقيته سنة أو يزيد في أدراج المقت والروتين،ثم تطلب منه عطاء وتميزا ومخرجات بحجم المأمول؟ في حين تقدم بعض الترقيات كلمح بالبصر، وتبقى أخرى زمنا طويلا! وكيف يؤخر موظف مستضعف في التثبيت و التصنيف خمسات الأعوام،ويبقى تحت التجربة ضغطا وتوترا وقهرا؟ وفي غالب هذه النماذج يعود الفيصل فيها للمزاج،أو الاقتصاد وتوفير بعض الدنانير والدراهم على حساب العدل والتميز والعطاء والإنتاجية.
ومن باب الأمانة فنحن نقر -إنصافا -لعطوفة الأستاذ الدكتور فواز عبدالحق الزبون بالريادة في هذا المجال، فهو من النماذج التي نطمح أن نراها في مؤسسات الأمانة والمسؤولية في بلدنا الحبيب، وهو يقدم كل أسبوع على الأقل درسا في إعطاء الحقوق لأصحابها، من ترقيات للعلماء الأجلاء المناط بهم رفعة الوطن وازدهاره،أو تصنيف وتثبيت للموظفين الذين يناط بهم قوام المؤسسة التعليمة،وكل شيء بمقدار،ويرتبط بالبحث والعلم والعمل والإنجاز، والحفاظ على الصرح العلمي ،ودخول الجامعة الهاشمية عالم التميز؛لتكون النموذج المراد في العلم والرفعة على مستوى العالم.
وليس غريبا على عطوفة الرئيس الأستاذ الدكتور فواز عبدالحق الإنسانية التي يحملها، وقد قدمها بداية في التعامل مع قضايا الطلبة ،وهم أساس العملية التعليمية والأكاديمية في الجامعة،فكان الأب الحنون والعطوف على طلبته، فباب التواصل بين الطالب وعطوفة الرئيس بلا حواجز، وقد حلت بعض مشاكل الطلبة ،وحققت بعض مطالبهم عبر تعليق في رسالة على منشور للأستاذ الرئيس، فيأتي الجواب مباشرة بلا كتابة استدعاء أو المرور بحلقات الروتين في الإرسال والانتظار ،وخاصة في القضايا التي تحتاج سرعة في الرد والاستجابة.
لقد قدم عطوفته للطلبة من تسهيلات دفع الرسوم ما خفف العبء الثقيل عن كاهلهم شعورا بظروف الأهل والمجتمع، مما خفف عن الطلبة وأهلهم التوتر والقلق والخوف،فتفرغ الطالب للدراسة إذ هيأ له كل ما من شأنه الاستقرار بدافع الإبداع والتميز.
نعم ،لقد ارتاح الطالب من عبء دفع الرسوم مرة واحدة وقبل التسجيل، وإمكانية الدفع على مراحل تنجز قبل نهاية الفصل الدراسي، مما ساهم في راحة الطالب ،وتخفيف العبء عن أهله إحساسا بواقع المجتمع،وحفاظا على أموال المؤسسة،فكان حافزا للطالب للجد والدراسة.
فالمسؤولية تحتاج إلى رحمة،وتحتاج إلى حزم وقرارات حكيمة تراعي جميع المصالح،وتعطي كل ذي حق حقه،وتحافظ على مكتسبات المؤسسة وحقوقها، ولا تحتاج المسؤولية إلى تزمت وقسوة فتؤدي إلى نتائج غير محمودة .
لقد جلست يوماً مع زميل في جامعة ،وقد ترقى إلى الأستاذية وهو يتحدث لي عن معاناته؛مما جعلني أكتب لعل من يقرأ يعرف معنى أن تعطي الحقوق لأصحابها،ومعنى أن تزرع قيمة العمل والانتماء، والتميز والإنتاج ومعنى أن تكون المسؤولية أمانة.
يقول الأستاذ: مكثت ترقيتي سنة ونصف قبل البت فيها،ولا تعرف أين وصلت؟وهي غير منقوصة ورقة ولا شرطا،وإنما التأخير يرجع إلى باب التوفير المالي، من تأخير ما يمكن أن يترتب لي من مستحقات مالية،ولسان حاله يقول : ليتهم طلبوا مني التنازل عن علاوتي المالية لعامين في سبيل الحصول على حقي، وتذكرت قول الأستاذ الدكتور فواز عبدالحق في أول لقاء في الجامعة مع كادرها حين قال : سأعطي كل ذي حق حقه، والمؤوسسة غالية تحمل اسما غاليا أمانة في رقبتي،والإدارة تشاركي.ة،نعم هي الإدارة التشاركية سبيل الإنجاز والانتماء والإخلاص في العمل.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى