
زيت وزعتر
لم أكن من الأطفال الذين يفضلون الزيت والزعتر،ولكن العادة هي التي جعلتني اتعلق بهما ، كانت أمي تجبرني على تناول الزيت والزعتر كل صباح ، ثم تعد
شطيرة من بقايا الصحنين وتضعهما في حقيبة المدرسة وتأمرني ان اتناولها في وقت الاستراحة ،،،
غير انني صرت أشعر بالسعادة كلما فعلت ذلك
ذات صباح كان مدير المدرسة غاضب.
غاضب جدا ،،،
وكنت اتساءل هل هو كذلك لأنه لم يتناول الزيت والزعتر هذا الصباح ؟!
عندما كبرت ،،، بقي فطوري الزيت والزعتر ، ولكن امي لم تكن تعد لي شطيرة زعتر لاتناولها في الجامعه وقت الاستراحه …
وكلما دخلت الى السوبر ماركت كان اكثر ما يشغلني تلك العبوات التي تحوي الزعتر ولكن الزيت كان غائبا هذه المره.
اما الفتاه التي خطبتها واهديتها العديد من الاشياء عادت لترفضني واعادت لي كل تلك الهدايا التي اهديتها اياها …
كنت اتساءل عن سبب رفضها هل فعلت ذلك لأني لم اهدها زيت وزعتر ؟!
ولما عملت مفتشا في أحد المطارات ، اوقفت احد المسافرين بعد ان ضبطت في حقيبته كيس زعتر، حيث تم تحويل الكيس الى المختبر الجنائي ، اظهر التقرير أن المادة المضبوطه هي زعتر بلدي مخلوط بالسمسم …
شعرت بسعادة مفرطة لأني لم أنسَ بعد رائحة الزعتر ،
وفي المنطقة الحره كانت العطور الفرنسية تملأ الأسواق ،، احترت كثيرا في اختيار واحدة كي اهديها لخطيبتي الجديدة ،،،،
جميع الانواع فشلت امام ذائقتي الرقيقة حيث كنت ابحث عن عطر الزعتر في اسواق عالمية لا تعرف طعم شطيرة زعتر بالزيت تتناولها في وقت الاستراحة .
عندما دخلت المستشفى مريضا ، جاءت خطيبتي مع والدها وأمها يحملون الكثير من الهدايا ،،،
وعندما غادروا رحت أفتش في الأكياس الملونه خاصة الكيس الأخضر الذي كانت تحمله حبيبتي …
في الحقيقة لم يكن هناك اي رائحة تشي بالزعتر. …
يا ااااااه. …. كم آسفت على ذلك …
ذات جوع ،،، اشتريت شطيرة زعتر من البائع المتجول في وسط البلد ،،،، لم أكن بحاجة لمختبر جنائي لمعرفة المحتويات ، غير أن حضور الزعتر كان متواضعا جدا …
لا أدري أن كنت جائعا الآن ام هو حنين لشطيرة زعتر أخرجها من حقيبتي وأتقاسمها مع أحد زملائي في الصف الخامس ؟!
ماذا لو تقاسمتها مع المدير الغاضب ، هل سيتوقف عن شتمنا ؟!
مدهش هو الزعتر حين يضج بالحنين.