الأورومتوسطي .. التصعيد العسكري على اليمن يفاقم الأزمة في المنطقة

#سواليف

أعرب المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء #مقتل وإصابة #مدنيين #يمنيين في غارات جويّة للجيش الأمريكي على العاصمة صنعاء ومحافظات يمنية عدة، مشدّدا على ضرورة الالتزام بمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، لا سيما ما يتعلق باستخدام القوة وحماية المدنيين من خطر #العمليات_العسكرية.

وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي إنّ سلاح الجو الأمريكي شنّ ليلة أمس وصباح اليوم الأحد عشرات الغارات استهدفت مواقع عسكرية لجماعة الحوثي وأخرى مدنية في محافظات صنعاء وحجة وذمار والبيضاء وتعز، ما أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات.

وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ إحدى أكثر الهجمات دموية استهدفت منطقة “قحزة” بمحافظة صعدة شمالي البلاد، حيث قتل عشرة أشخاص بينهم أربعة أطفال وامرأة، إلى جانب إصابة أكثر من 20 آخرين. كما استهدف الطيران الأمريكي محطة الكهرباء في مدينة “ضحيان” بصعدة، ما أدّى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة.

من جهتها، قالت وزارة الصحة والبيئة في الحكومة اليمنية يوم الأحد، إنّ 31 مدنيًا قتلوا وأصيب 101 آخرين، في الغارات الأمريكية على محافظات صنعاء وصعدة والبيضاء.

وعقب الموجة الأولى من الغارات، قال الرئيس الأمريكي “دونالد ترمب” إنّه أمر الجيش الأمريكي بشن عملية عسكرية حاسمة وقوية ضد الحوثيين بزعم مهاجمتهم سفنًا أمريكية وخنق حركة الشحن والتجارة العالمية في البحر الأحمر، وأعلن نيّته استخدام القوة المميتة والساحقة لإجبار الجماعة على إنهاء هجماتها على حرية الملاحة.

وشدد الأورومتوسطي على أن اللجوء إلى القوة العسكرية في هذا السياق يشكل انتهاكًا جوهريًا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الآمرة في القانون الدولي. إذ تحظر المادة (2/4) من الميثاق استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية، إلا في حالتين محددتين على سبيل الحصر: الأولى الدفاع الشرعي عن النفس وفق المادة (51)، والتي تشترط وقوع “هجوم مسلح” مباشر ووشيك يبرر استخدام القوة ردًا عليه، مع مراعاة مبدأي الضرورة والتناسب؛ والثانية تفويض مجلس الأمن بموجب الفصل السابع لاتخاذ تدابير عسكرية لحفظ السلم والأمن الدوليين.

وأشار إلى أنه حتى الآن لم تقدم الولايات المتحدة أي دليل يثبت أن هجماتها الجوية على اليمن تندرج ضمن إحدى هاتين الحالتين. إذ لم تثبت وجود “هجوم مسلح” مباشر ووشيك ضد أراضيها أو قواتها وفق مفهوم المادة (51)، مما يجعل الادعاء بالدفاع عن النفس غير مستوفٍ للمتطلبات القانونية الدولية. كما لم يصدر أي قرار من مجلس الأمن يجيز هذه الضربات الجوية أو يعتبرها تدبيرًا ضروريًا لحفظ السلم والأمن الدوليين، وهو ما يجعل التدخل العسكري الأمريكي في اليمن خارج الإطار القانوني المعترف به دوليًا، ويمثل خرقًا جسيمًا للمادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة.

ونبّه إلى أن السماح بشنّ العمليات العسكرية الأمريكية دون سند قانوني واضح لا يقتصر على كونه انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة، بل يسهم أيضًا في زعزعة النظام الدولي القائم على احترام سيادة الدول، ومنع استخدام القوة بشكل تعسفي في العلاقات الدولية. وهو ما يستوجب تحركًا دوليًا عاجلًا لضمان الالتزام بالمبادئ القانونية الدولية، والحد من الاستخدام غير المشروع للقوة، ومساءلة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين اليمنيين.

وأضاف المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ سقوط ضحايا مدنيين في الغارات الأمريكية يثير مخاوف عميقة إزاء انتهاك القوات الأمريكية لمبادئ القانون الدولي الإنساني، إذ يتضح أن القوات الأمريكية لم تتخذ تدابير احترازية كافية للحد من الأضرار على المدنيين، بما في ذلك واجب التحقق من الطبيعة العسكرية للأهداف، واختيار وسائل وطرق وتوقيت الهجوم بما يقلل من الخسائر البشرية، وواجب إصدار تحذير مسبق عندما يكون ذلك ممكنًا وفقًا للالتزامات المنصوص عليها في القانون الدولي.

وبالنظر إلى أن الغارات الجوية وقعت في ساعات الليل المتأخرةوساعات الصباح الباكر، عندما يكون معظم المدنيين في مساكنهم وأكثر عرضة للإصابة، فإن ذلك يعزز الشكوك بشأن فشل القوات الأمريكية في اتخاذ تدابير وقائية فعالة، ما أدى إلى وقوع خسائر جسيمة في الأرواح وإصابات بين صفوف المدنيين. كما أن امتداد أضرار الغارات إلى المنشآت المدنية، وعدم اقتصارها على المواقع العسكرية المستهدفة، يثير تساؤلات خطيرة حول نوعية الأسلحة المستخدمة ومدى احترام القوات الأمريكية لمبادئ القانون الدولي الإنساني، خصوصًا مبدأي التمييز والتناسب.

ونبّه إلى أنّ غياب أي مبررات واضحة من الجانب الأمريكي حول وجود “خطر وشيك” يستدعي الضربات الجوية، وعدم تقديم أدلة على تحقيق مكاسب عسكرية ملموسة من هذه الهجمات، يعززان الشكوك حول عدم تناسبها مع حجم الضرر الذي لحق بالمدنيين والأعيان المدنية. إذ لم تتطرق البيانات الرسمية الأمريكية إلى أي تهديد مباشر أو فوري استهدف الولايات المتحدة أو مصالحها، ولم تقدم معلومات تبرر اختيار هذه الغارات تحديدًا كوسيلة ضرورية للتصدي لذلك التهديد، وهو ما يشير إلى أنه كان بالإمكان اعتماد تدابير أقل إضرارًا لحماية المدنيين وتجنب الخسائر البشرية والمادية الجسيمة التي نجمت عن الهجمات.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أن الولايات المتحدة لجأت مرة أخرى إلى استخدام القوة المسلحة بشكل غير قانوني، وتصعيد غير مبرر للعنف في المنطقة بدلًا من تبني أي مسار يهدف إلى خفض التصعيد أو معالجة الأسباب الجذرية للأزمة. وأوضح أن جماعة الحوثي أعلنت بوضوح أن هجماتها في البحر الأحمر مرتبطة باستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما كان يستدعي تحركًا دبلوماسيًا لمعالجة الأزمة من جذورها، غير أن الولايات المتحدة اختارت التصعيد العسكري كخيار وحيد، في الوقت الذي زادت فيه من دعمها العسكري والسياسي لإسرائيل، ما مكّنها من مواصلة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة دون أي مساءلة. وأضاف أن هذا النهج يعكس ازدواجية المعايير الأمريكية في التعامل مع النزاعات، حيث تدّعي حماية الأمن الإقليمي بينما تساهم في تأجيج الأزمات، ما يؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية وإطالة أمد النزاعات في المنطقة.

وأكّد على أنّ الاضطرابات التي تشهدها المنطقة منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023 أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أنّ استخدام القوة العسكرية دون التقيّد بالمبادئ القانونية ذات العلاقة يؤدي بالضرورة إلى إلحاق خسائر فادحة في أرواح وممتلكات المدنيين، وأنّ خفض التصعيد وتهدئة التوترات هو الطريق الأقصر لحماية المدنيين والحفاظ على السلم والأمن على المستوى الإقليمي.

وطالب المرصد الأورومتوسطي الولايات المتحدة بالتقيّد التام بمبادئ القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة عند تنفيذ أي عمليات عسكرية، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لتجنب الإضرار بالمدنيين وممتلكاتهم. كما دعا إلى إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع الحوادث التي أدت إلى مقتل مدنيين ومحاسبة المسؤولين عنها، إضافة إلى وقف استهداف البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك مصادر الطاقة والمياه.

وطالب المرصد الأورومتوسطي الولايات المتحدة بالالتزام الصارم بالقانون الدولي وواجباتها بموجبه، والتوقف عن تواطئها مع إسرائيل في جرائمها، بما في ذلك وقف إمدادها بالسلاح والدعم السياسي الذي يمكّنها من مواصلة ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة. وأكد أن وقف الدعم العسكري والدبلوماسي غير المشروط لإسرائيل، والامتثال للقانون الدولي، من شأنه أن يسهم بشكل مباشر في إنهاء الجرائم الجارية في غزة، ويحافظ على أي فرصة لإحلال العدالة وحماية أرواح المدنيين، ويحول دون تفاقم العنف في المنطقة.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، على استخدام كل الأدوات المتاحة لممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء احتلالها غير القانوني، بما يسهم في نزع فتيل الأزمة الإقليمية ومنع تفاقم تداعياتها. كما شدد على ضرورة تفعيل آليات المساءلة والمحاسبة، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي مكّنت إسرائيل من التصرف كدولة فوق القانون، بما يضمن محاسبة جميع المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وتحقيق العدالة للضحايا والمتضررين، وفقًا للقانون الدولي ومبادئ العدالة الدولية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى