
قال #المرصد_الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ #الأحزمة_النارية العنيفة التي نفذتها #الطائرات_الحربية_الإسرائيلية على ساحة #مستشفى_غزة_الأوروبي ومحيطه في خان يونس جنوبي قطاع #غزة، وأدّت إلى تعطيله عن الخدمة ومقتل وإصابة العشرات من المدنيين، بعد وقت قصير من قصف مجمع “ناصر” الطبي، تمثّل حلقة أخرى في سلسلة الممارسات التي تهدف إلى #تدمير #سبل_النجاة وأماكن “الملاذ الأخير” للسكان في إطار #جريمة_الإبادة_الجماعية المستمرة في قطاع غزة.
وأشار الأورومتوسطي في بيان له، إلى أنّ هذه الهجمات لا تستهدف فقط البنية التحتية أو المرافق الصحية، بل تسعى عمدًا إلى صناعة #الموت_البطيء ودفع قطاع غزة نحو الانهيار الكامل، من خلال حرمان السكان من الحد الأدنى من مقومات البقاء، وتجريدهم من أي فرصة للحياة، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى استئصال الوجود الفلسطيني من جذوره في القطاع.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن الطائرات الإسرائيلية شنّت، بشكل مفاجئ ودون أي إنذار مسبق، مساء أمس الثلاثاء 13 أيار/مايو 2025، سلسلة غارات عنيفة استهدفت ساحة مستشفى “غزة الأوروبي”، بما في ذلك مدخل قسم الاستقبال والطوارئ، والمنطقة المحيطة بمباني المستشفى والشوارع والأراضي المجاورة، مستخدمة عددًا كبيرًا من الصواريخ ذات القدرة التدميرية العالية.
وتسبب القصف بمقتل أكثر من 35 فلسطينيًّا، بينهم عائلات أبيدت داخل منازلها، أو في الشوارع، إلى جانب إصابة العشرات بجروح، بينهم أربعةصحافيين.
ومنعت قوات الاحتلال الإسرائيلي أية محاولات لطواقم الدفاع المدني لانتشالوإجلاء الضحايا من الطرقات من خلال الاستهداف المباشر لأفرادها وإصابة عدد منهم بجروح. واستمرت الاستهدافات حتى صباح اليوم الأربعاء، حيث استهدفت طائرة إسرائيلية جرافة داخل ساحة مستشفى “غزة الأوروبي”، كما شنت المزيد من الغارات التي تسببت بمقتل وإصابة مدنيين، أحدهم صحافي كان يعمل على تغطية آثار القصف السابق.
وأعلنت إدارة المستشفى عن توقّف مفاجئ لأنظمة الكهرباء والأكسجين، ما شكّل تهديدًا مباشرًا لحياة المرضى والمصابين، وأكدت عدم قدرة الطواقم الطبية على إجراء العمليات الجراحية للجرحى الذين سقطوا خلال تجدد الغارات الجوية، ما اضطرها إلى نقلهم إلى مستشفى ناصر. كما أُعلن عن خروج أقسام العمليات عن الخدمة وتعرّض مباني المستشفى لتصدعات وأضرار جسيمة.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ ادعاء جيش الاحتلال بوجود بنية تحتية لفصائل مسلّحة أسفل المستشفى ومحيطه يأتي في إطار نمط متكرّر من المزاعم التي استخدمها لتبرير هجماته على المستشفيات والمرافق الطبية في قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، والتي لم يُثبت في أي منها لاحقًا وجود بنى تحتية عسكرية فعلية.
وأضاف أنه من الواضح أن تلك الادعاءات جاءت لتبرير الجريمة التي أدت إلى مقتل وإصابة عشرات المدنيين وإخراج المستشفى عن الخدمة، على غرار ما حدث سابقًا، خاصة فيما يتعلق بمجمع “الشفاء” الطبي في مدينة غزة ومجمع “ناصر” الطبي في خانيونس، اللذين لم يثبت وجود أية أهداف عسكرية فيهما.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن استهداف مستشفى “غزة الأوروبي”، جاء عقب قصف مبنى الجراحة في مجمع “ناصر” الطبي فجر اليوم ذاته، حيث قُتل في الاستهداف الصحافي الجريح “حسن عبد الفتاح اصليح”، 37 عامًا، ومدير شرطة مكافحة المخدرات “أحمد القدرة”، وأُصيب 12 آخرون من المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في المستشفى.
وشدّد المرصد على أنّ استهداف مجمّع “ناصر” الطبي يشكّل عدّة جرائمموصوفة بموجب القانون الدولي. فمن جهة، استُهدفت منشأة طبية تتمتع بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي الإنساني، ومن جهة أخرى، جرى استهداف صحافي جريح داخلها للمرة الثانية، بعد نجاته من قصف سابق قرب المستشفى نفسه بتاريخ 7 نيسان/أبريل الماضي، والذي أُصيب فيه مع صحافيين آخرين. وأشار إلى أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي برّر الهجومين بادعاءات تتعلّق بانتماء الصحافي لأحد الفصائل ومشاركته في تغطية هجوم 7 تشرين أول/أكتوبر 2023، وهي مزاعم لم تُقدَّم بشأنها أي أدلة ملموسة، فضلا عن كونها غير مبررة.
وأكّد المرصد أنّ العمل الإعلامي، بما في ذلك تغطية العمليات العسكرية، لا يُعدّ بحد ذاته مشاركة مباشرة في الأعمال العدائية، ولا يُسقط الحماية التي يتمتع بها الصحافيون بموجب المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، ما يجعل استهدافهم جريمة بموجب القانون الدولي. وبالمثل، فإنّ عناصر الشرطة الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية، بمن فيهم العاملون في وحدات مكافحة الجريمة، يظلون محميين بموجب القانون الدولي الإنساني، ما يجعل استهدافهم غير مشروع ويشكل جريمة بموجب القانون الدولي.
وشدّد الأورومتوسطي على أنّه، حتى في حال وجود أهداف عسكرية، وهو ما لم يثبت حتى الآن، فإنّ على إسرائيل التزامًا قانونيًا صارمًا بموجب القانون الدولي، ولا سيما القانون الدولي الإنساني، باحترام وتنفيذ مبادئ الإنسانية، والتمييز، والضرورة العسكرية، والتناسب، واتخاذ الاحتياطات الكافية. وهذا الالتزام مُطلق، ويقع على عاتقها خلال التخطيط والتنفيذ لكل عملية عسكرية، دون أي استثناء، ويشمل ذلك اختيار أسلوب الهجوم ونوع الوسائل أو الأسلحة المستخدمة، بما يضمن تقليل الأضرار والإصابات في صفوف المدنيين إلى الحد الأدنى الممكن.
وشدد على أنّ ادعاء إسرائيل “الاستخدام العسكري” للمستشفيات نص معد مسبقًا تُعيد تكراره لتبرير جرائم القتل والتدمير الممنهج بعد وقوعها، لكن هذا الادعاء ينهار بالكامل أمام غياب أي دليل ملموس، وتحديدًا حين يُنظر إليه ضمن سياق أوسع يكشف عن سياسة متعمدة لاستهداف البنية التحتية المدنية برمتها، مع تركيز خاص على المستشفيات التي كانت وما تزال في صميم هذا الهجوم المتعمد، دون أي أساس قانوني يجيز هذه الاستهدافات أو يرفع الحماية التي يتمتع بها هذا النوع من المرافق بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني.
وأكد الأورومتوسطي أنّ الهجوم على مستشفى “غزة الأوروبي” لا يمكن تبريره بأي حال، إذ إنّ الدمار الواسع الذي خلّفه الحزام الناري الذي نفّذه جيش الاحتلال الإسرائيلي، والمعاناة الجسدية والنفسية الشديدة التي لحقت بالمرضى والطواقم الطبية والمدنيين الذين احتموا بالمستشفى، يتجاوزان بشكل صارخ أي مزاعم بوجود مصلحة عسكرية، ويُشكّلان انتهاكًا جسيمًا لقواعد القانون الدولي الإنساني وجريمة دولية تستوجب الملاحقة والمساءلة الجنائية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ هذا الاستهداف المتكرر للمستشفيات الذي تسبب بإخراج 36 مستشفى عن العمل في أوقات مختلفة، يأتي في سياق استهداف ممنهج للمرافق الصحية، بهدف إخراجها بالكامل عن الخدمة.
وذكّر بالاستهداف الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية للمستشفى “الأهلي”في مدينة غزة وكذلك تفجير وتدمير مستشفى “الصداقة التركي” جنوبي مدينة غزة، والذي يُعد من أكبر المستشفيات المتخصصة، وكان يخدم أكثر من 12 ألف مريض سرطان، وقبلهما مستشفيات رفح وتدميرها بالكامل، ومستشفيات شمال غزة ومدينة غزة.
وشدّد على أنّ استمرار استهداف المستشفيات والبنية التحتية الصحية في قطاع غزة يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ويكشف عن الطبيعة المنهجية للعدوان الذي يهدف إلى القضاء على السكان المدنيين في غزة عبر تفكيك مقومات بقائهم الأساسي، وفي مقدمتها النظام الصحي الذي يشكل شريان الحياة الأخير للسكان المدنيين في قطاع غزة.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ هذا التصعيد يمثّل مرحلة خطيرة في استراتيجية منهجية للقضاء على أماكن “الملاذ الأخير” التي يلجأ إليها المدنيون الفلسطينيون، بمن فيهم المرضى والجرحى الذين يُفترض أن تتوفر لهم الحماية في جميع الظروف، والطواقم الطبية التي تعمل في ظروف كارثية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح، مشددًا على أنّ استهداف مستشفيات تضم مرضى في حالات حرجة هو اعتداء مباشر على الحق في الحياة، ويشكّل في سياقه الأوسع فصلًا من فصول جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، ذكّر المرصد الأورومتوسطي أنّ إسرائيل منعت، منذ بداية آذار/مارس الماضي، دخول أية أدوية أو مستلزمات طبية أو وقود إلى قطاع غزة الذي يعاني من نقص حاد فيها، رغم تصاعد وتيرة الهجمات الإسرائيلية والارتفاع المتزايد في أعداد الضحايا الناتجة عنها.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، كلٌّ على حدة وبشكل جماعي، بتحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل بكافة الوسائل المتاحة لوقف جريمة الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية المدنيين الفلسطينيين هناك، بما يشمل المرافق الطبية والطواقم الصحية والجرحى والمرضى، وبما يقطع الطريق أمام استمرار سياسة الاستئصال الجماعي بحق الفلسطينيين في القطاع.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على ضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين، داعيًا أيضا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.
ودعا المجتمع الدولي إلى تمكين دخول لجان التقصّي والتحقيق الدولية والأممية إلى قطاع غزة، منعًا لتدمير الأدلة المرتبطة بالجرائم التي ترتكبها إسرائيل هناك، بما في ذلك لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل، وكذلك فرق التحقيق التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، لتمكينها من أداء مهامها في جمع الأدلة ومساءلة المسؤولين عن الجرائم الدولية المرتكبة.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي جميع الدول والكيانات ذات العلاقة على مساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع إسرائيل في ارتكاب الجرائم، وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول التي تزود إسرائيل بأي من أشكال الدعم أو المساعدة المتصلة بارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك تقديم العون والانخراط في العلاقات التعاقدية في المجالات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والقانونية والمالية والإعلامية، وغيرها من المجالات التي تساهم في استمرار هذه الجرائم.
وطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بضرورة البدء الفوري بعملية شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة، مع إعطاء أولوية قصوى لإصلاح وإعادة بناء البنية التحتية الحيوية، وعلى رأسها القطاع الصحي الذي تعرّض لدمار واسع ومنهجي. وأكّد أنّ توفير المستلزمات الطبية، والأدوية، والمعدات، والمولدات الكهربائية، ومستلزمات الجراحة والعناية المركزة، بات حاجة إنسانية مُلحّة لا تحتمل التأجيل، في ظل الانهيار الكامل للنظام الصحي وافتقار المستشفيات لما يُمكّنها من تقديم الحد الأدنى من الرعاية.
كما دعا إلى رفع جميع القيود التي تفرضها إسرائيل على دخول مواد البناء والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، باعتبار ذلك التزامًا قانونيًا غير قابل للتصرّف بموجب القانون الدولي الإنساني، ولا يجوز ربطه بأي شروط سياسية أو إخضاعه لموافقة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يُعد أصلًا طرفًا غير مشروع في إدارة شؤون السكان المدنيين الفلسطينيين.