
قال #المرصد_الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن #جيش_الاحتلال الإسرائيلي كثّف في الأيام الأخيرة من استخدام العربات (المجنزرات) المفخخة المحمّلة بأطنان من #المتفجرات لتدمير #الأحياء_السكنية المركزية في مدينة #غزة، في إطار سعيه لتحقيق الهدف المعلن بتدمير المدينة وتهجير سكانها، وضمن تصعيد خطير لجريمة #الإبادة_الجماعية المتواصلة للشهر الرابع والعشرين على التوالي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثّق #تفجير جيش الاحتلال الإسرائيلي 10 #عربات_مجنزرة_مفخخة (روبوتات) فجر اليوم الأربعاء 17 سبتمبر/أيلول، بين المنازل السكنية في “شارع 8” جنوبي حي “تل الهوا” في مدينة غزة، وهو أحد الأحياء السكنية المركزية للمدينة، كما فجّر ثلاث عربات أخرى على الأقل بين المنازل السكنية في شارع “النفق” شرقي المدينة، وعدة عربات في محيط “بركة الشيخ رضوان” شمالي مدينة غزة.
وبيّن أن الجيش الإسرائيلي كان في السابق يوجّه ويفجّر العربات المفخخة في ساعات الفجر تحديدًا، لكنه في الأيام الأخيرة بات يستخدمها على مدار الساعة، بما يضاعف احتمالات سقوط الضحايا إلى جانب الدمار الهائل الذي تخلفه.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن الجيش الإسرائيلي حوّل ناقلات جند أميركية الصنع من طراز “إم 113″، بعد إخراجها من الخدمة، إلى روبوتات مفخخة تحمل كل واحدة منها ما لا يقل عن 7 أطنان من المتفجرات، ويوجّهها لتنفجر وسط الأحياء السكنية المكتظة، في محاكاة أكثر تطرفًا ووحشية للأسلوب الذي استخدمه تنظيم داعش في سوريا والعراق، والذي قوبل حينها بإدانة واسعة وإجراءات رادعة من المجتمع الدولي، بينما يُسمح لإسرائيل اليوم باستخدام الأسلوب ذاته على نطاق أوسع وبتدمير أشمل ودون أي مساءلة، في تعبير فجّ عن ازدواجية المعايير وغياب العدالة في النظام الدولي.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الأثر الكارثي للعربات المفخخة لا يقتصر على التدمير المادي الواسع للأحياء السكنية وما يخلفه من ركام وتشريد، بل يتعداه إلى استخدام منهجي للإرهاب النفسي ضد السكان المدنيين عبر إشاعة أقصى درجات الرعب والفزع ودفعهم قسرًا إلى النزوح، إذ تُحدث التفجيرات أصواتًا مدوية تهزّ أرجاء مدينة غزة بكاملها، وترتجف المباني المتبقية تحت وطأة الموجات الانفجارية العنيفة، فيما يعيش السكان تحت وقع صدمات متكررة تحوّل حياتهم اليومية إلى حالة دائمة من الخوف والاضطراب وانعدام الأمان.
وفي إفادته لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال “خليل إسليم”: نحن شبه تكيفنا مع التفجيرات الناجمة عن القصف الجوي والمدفعي، لكن تفجير المجنزرات المفخخة مرعب، كل مرة تنفجر نشعر كأن زلزالًا ضرب المنطقة. الركام يتطاير مئات الأمتار، وسحب الدخان والغبار تملأ المكان والدمار هائل”.
أما “خديجة المصري” وهي نازحة من شمال غزة، تقيم في حي تل الهوا، فتقول: “كل مرة ينفجر فيه الروبوت أشعر أن روحي تخرج، وصراخ أطفالي ينطلق بشكل هستيري، أحاول تهدئتهم لكنني أفشل في ذلك، لأنني أحيانًا أشترك معهم في الصراخ والرعب”.
كمت أفاد الشاب “سامر عبد العال” أن انفجار أحد الروبوتات في شارع رقم 8 تسبب بدفعه مرات وتسبب بارتطامه بجدار وإصابته برضوض. ويعتقد أن الجيش الإسرائيلي يستخدم نوعيات شديدة من المتفجرات محدثًا دويًا مرعبًا، مقارنة بكل ما جربوه من أصوات ناجمة عن القصف طوال أكثر من 23 شهرًا.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ الوتيرة غير المسبوقة لتدمير ومسح الأحياء السكنية في مدينة غزة بواسطة العربات المفخخة تؤشر إلى تصميم إسرائيل على تنفيذ خطتها المعلنة بمحو المدينة عن الوجود، إذ تُظهر التقديرات أنّها قد تحتاج إلى أسابيع قليلة فقط لتدمير ما تبقّى من المدينة قياسًا على الوتيرة الحالية التي يُرجّح أن تتصاعد مع مرور الوقت بفعل الإمكانيات النارية الهائلة التي يمتلكها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفي ظل الغياب الكامل لأي عوامل ضاغطة أو مساءلة دولية من شأنها وقف هذه الجرائم المستمرة ضد الفلسطينيين.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ فريقه الميداني وبعد تقييمات أولية لنتائج عمليات النسف بواسطة العربات المفخخة، يقدّر أنّ كل عربة مفخخة كفيلة بتدمير نحو 20 وحدة سكنية بشكل كلي أو جزئي بالغ، وهو ما يعني -على المدى الزمني القريب- خسارة مئات آلاف الأشخاص لمنازلهم وأماكن إيوائهم، وإجبارهم على النزوح مرة أخرى في ظروف مميتة، ودون أدنى مقومات البقاء والنجاة.
وبيّن أن دوي الانفجارات الناجمة عن تفجير العربات المفخخة يصل في كثير من الأحيان إلى مسافات بعيدة تتجاوز مساحة قطاع غزة بأكمله، حيث يُسمع على نطاق يزيد عن 40 كم من مركز الانفجار، وهو ما يعكس التدمير الواسع الذي يخلّفه هذا النوع من الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل لمحو المدن في قطاع غزة.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ تقاعس المجتمع الدولي وتواطؤ بعض أطرافه، وامتناع الدول ذات النفوذ والكيانات الأممية والدولية المعنيّة عن محاسبة إسرائيل على جرائمها، قد مكّن جيش الاحتلال من المضي في جريمة تدمير مدينة غزة بصورة علنية، ومن دون حتى محاولة التذرّع بمبررات قانونية لإضفاء أي شرعية عليها، وهو ما يرسّخ سياسة الإفلات من العقاب ويُضعف فاعلية منظومة القانون الدولي في حماية المدنيين من أخطر الجرائم الدولية، وفي مقدمتها جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتِّب التزامات قاطعة تجاه المجتمع الدولي بأسره، بما يوجب على جميع الدول التحرّك لمنعها ووقفها ومحاسبة مرتكبيها.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ استخدام إسرائيل للعربات المفخخة محظور بشكل صريح بموجب القانون الدولي الإنساني، إذ تُعد من الأسلحة العشوائية بطبيعتها التي لا يمكن توجيهها بدقة أو حصر آثارها في نطاق الأهداف العسكرية وحدها، مؤكدًا أنه وبسبب طبيعتها الانفجارية واسعة النطاق، فهي تصيب المدنيين والأعيان المدنية بشكل مباشر وعشوائي، في خرق واضح لمبدأي التمييز والتناسب، وهما من الركائز الأساسية للقانون الدولي الإنساني.
وأكّد الأورومتوسطي أنّ هذه الأسلحة تُدرَج ضمن فئة الأسلحة المحظورة، وأنّ استخدامها في المناطق السكنية يشكّل جريمة حرب بحد ذاتها، ويشكل كذلك جريمة ضد الإنسانية طالما نتج عنه قتل واسع، أو تهجير قسري، أو حرمان من شروط الحياة الأساسية، في إطار هجوم منهجي أو واسع النطاق موجّه ضد السكان المدنيين. إلى جانب ذلك، فإنّ الاستخدام المنهجي للعربات المفخخة على النحو القائم، لتدمير الأحياء السكنية وحرمان السكان من منازلهم وشروط بقائهم، يحوّلها إلى أداة مباشرة لارتكاب فعل إبادة جماعية، فهذا النمط من التدمير يدخل بوضوح ضمن الأفعال المعرّفة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وبالأخص تعمد فرض ظروف معيشية يُقصد بها إهلاك الجماعة كليًا أو جزئيًا.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ استخدام هذه الوسائل التدميرية، وفي مقدمتها العربات المفخخة، لا يقتصر أثره على إزهاق الأرواح وتشريد السكان في ظروف قاتلة فحسب، بل يهدف أيضًا إلى محو الأحياء السكنية والبنية التحتية بشكل كامل، بما يحول دون أي إمكانية لإعادة الحياة إلى المدينة، ويقوّض مستقبل الفلسطينيين وحقهم الأصيل في البقاء على أرضهم والعودة إلى ديارهم.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ العربات المفخخة لا تمثّل سوى واحدة من الوسائل التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي لمسح المدن في قطاع غزة، إذ تندرج ضمن ترسانة متكاملة من أدوات التدمير، تشمل القصف الجوي بالصواريخ والقنابل الثقيلة، والقصف المدفعي المتواصل، وإلقاء القنابل والصناديق المتفجرة عبر الطائرات المسيّرة، فضلًا عن تفخيخ المباني مباشرة بالمتفجرات ونسفها، وأخيرًا استخدام الجرافات العسكرية والمدنية لإزالة المباني المدمّرة وما تبقّى منها.
وحذّر الأورومتوسطي من أنّ أكثر من 800 ألف فلسطيني في مدينة غزة يواجهون مخاطر وجودية على حياتهم، في ظل تمدّد عمليات التدمير الإسرائيلي وسياسات التجويع وقرارات التهجير القسري، وسط صمت دولي مدان على هذه الجريمة غير المسبوقة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الجمعية العامة للأمم المتحدة بالتحرك الفوري استنادًا إلى قرارها التاريخي رقم 377 A(V) لعام 1950 المعروف باسم “الاتحاد من أجل السلام”، الذي يخولها، عند عجز مجلس الأمن عن القيام بمسؤولياته بسبب استعمال حق النقض أو غياب التوافق، أن تعقد دورة استثنائية طارئة وتتخذ توصيات جماعية مناسبة، بما في ذلك إنشاء قوة لحفظ السلام أو اتخاذ تدابير جماعية لصون السلم والأمن الدوليين.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الجمعية العامة إلى تبني قرار عاجل بموجب هذا الإطار لتشكيل قوة حفظ سلام ونشرها في قطاع غزة، بما يكفل وقف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وضمان وصول وتوزيع المساعدات الإنسانية بلا عوائق، وحماية المرافق الصحية والإغاثية، وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار، مؤكدًا أنّ تفعيل هذا المسار يُعد واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا على عاتق المجتمع الدولي لحماية المدنيين في قطاع غزة.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بتحمّل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية.