الأهالي؛ طاعة للأطباء وتمرد على التربويين
د. رمزي فتحي هارون
يتعامل المرضى وذووهم مع الأطباء بكثير من الاحترام، الذي يتبعه طاعة وتنفيذ حرفي للتعليمات والتوجيهات والنصائح. لا غرابة في ذلك، فالطبيب صاحب سلطة مصدرها معرفته بالجسم البشري وأسباب مرضه وعوامل صحته وشفائه. ومن النادر أن يتجرأ مريض أو أيٌ من ذويه على اقتراح بدائل لتوجيهات الطبيب ونصائحه. فلا يمكننا تخيّل والدين يقترحان على الطبيب طريقة ما في إجراء جراحة لازمة لابنهما المريض. يتركان الأمر بكلّيته وتفاصيله للطبيب الحكيم العارف، ويسلّمان له جسد فلذة كبدهما. صحيح أنه من المسموح في الطب أن تتم محاورة الطبيب، وقد يقدم الأهل تغذية راجعة، ولكنهم في النهاية لا ينصبون أنفسهم خبراء يقررون ويرفضون.
أما في التربية والتعليم، فنجد الأمر على النقيض تماماً. يرفض الآباء والأمهات آراء خبراء التربية والتعليم، ويتنطعون لإصدار الأحكام والفتاوى التربوية في قضايا فنية ليست من اختصاصهم. والسؤال هنا، هل يسمح أب مهندس أو قانوني لعوام الناس أن يتدخلوا في تفاصيل عمله الفني الهندسي أو القانوني؟ بالتأكيد لا. وإذا كانت النصيحة في المثل الشعبي أن “يُعطى الخبز لخبازه”، فمن باب أولى أن تترك المناهج التربوية لخبرائها من أصحاب المعرفة والاختصاص.
من المفرح جداً رصد حرص الآباء والأمهات على تعلّم أبنائهم، كما أنّ ترقبهم لكتب الفصل الثاني محل تفهم. ما يصعب تفهمه هو رفض البعض الاستباقي لكتب لم تصدر بعد، ولم يطلع عليها المعلمون ولا الأهالي.
لست بوارد الدفاع عن كتب الرياضيات والعلوم التي سيصدرها المركز الوطني لتطوير المناهج للفصل الدراسي القادم، لكن الموضوعية تدفعني لتوجيه دعوة للتأني قبل الانجرار المتسرع لإصدار أحكام مسبقة لا تستند إلى معلومة أو دليل.
الآباء والأمهات المحترمون، نأمل أن يأتي حكمكم علىى الكتب بعد مداولة حقيقية، مداولة تستند إلى الأدلة والشواهد المادية، لا إلى ما يتناقله الناس هنا وهناك.