الأمن الغذائي ضرورة عاجلة
المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
ما يشهده العالم ليس حربًا بين #روسيا و #أوكرانيا فقط، وإنما معركة كسر عظم بين قوى دولية تحارب من أجل تكريس هيمنة أحادية القطب من جهة وقوى تناضل لبناء عالم جديد متعدد الاقطاب، هذا #الصراع سيكون له تداعيات وأزمات مالية واقتصادية على دول العالم أجمع وأخطرها #الأمن_الغذائي الذي سيلحق الضرر الأكبر بالدول الفقيرة التي رهنت مصيرها بالهبات والمساعدات، عالم المستقبل عنوانه التكتل الاقتصادي والسياسي وهذا ما نحن بأمس الحاجة إليه عربيًا سيما وأننا نمتلك كل مقوماته البشرية وموارده الطبيعية وجغرافيته وبيئته المناخية وتاريخه وحضارته وثقافته ولغته ومعتقداته، كل ما ينقصنا هو فك التبعية ونبذ الخلافات والتفكير بحاضرنا وبناء مستقبلنا بأيدينا .
أمام هذه التحديات والاخطار المحدقة بنا علينا الإسراع باتخاذ مجموعة من الإجراءات سأتطرق لواحدة منها فقط وهي الأمن الغذائي، اليوم مطلوب من معالي وزير الزراعة التحضير والدعوة لعقد مؤتمر وطني للزراعة تنبثق عنه خلية طوارئ وأزمات يدعى إليه الخبراء من المختصين بالشأن الزراعي لإيجاد الحلول والآليات لمواجهة التحديات المستقبلية التي سنواجهها، من أهم أولويات هذه الحلول توجيه وفرض الزراعات لمحاصيل الحبوب والبقوليات القابلة للتخزين وتخصيص المساحات الكافية “30-40%” من الأراضي الزراعية الكفيلة بالمحافظة على توفرها كمخزون استراتيجي احتياطي لفترات كافية، مضافاً لذلك إعادة تفعيل بنود الاتفاقيات للأراضي الحكومية المؤجرة لاستغلالها لزراعة الحبوب فقط والتوسع في تأجير غيرها لأردنيين ممتهنين للزراعة وبالأخص للمهندسين الزراعيين بأسعار رمزية تشجيعية والسماح بحفر الآبار الارتوازية لحقول مشتركة لهذه الزراعات وزراعة محاصيل الأعلاف وإعادة إحياء وتفعيل البيت الريفي الزراعي وتقديم التسهيلات المالية الميسرة للأسر الريفية، كذلك تخصيص الأراضي الأميرية في المرتفعات الجبلية لمدة كافية للمهندسين الزراعيين الباحثين عن عمل مع تقديم القروض المالية الميسرة لهم لزراعتها بأشجار الزيتون فقط، كذلك المباشرة بإقامة الصناعات التحويلية الزراعية كالمربيات وصناعة الألبان وغيرها بالتشارك مع القطاع الخاص مع تقديم كافة التسهيلات والإجراءات لهم، وهنا لا بد من وضع يد الحكومة ممثلة بوزارة الزراعية بموجب قانون الطواريء على منشآت مصانع رب البندورة في مثلث العارضة وغور الصافي وإجراء الصيانة اللازمة لها لاستغلالها لصناعات رب البندورة وتعليبها وتجفيفها .
هذه المقترحات تضمنتها الخطة الزراعية المعمول بها حالياً، لكن المطلوب تعديلها بما يتواكب ومتطلبات المرحلة والظروف القائمة والمتوقعة، هذه التعديلات وما سيتمخض عن المؤتمر من توصيات ومقترحات إذا عُقد تحتاج الى موارد مالية كبيرة يمكن تأمينها من مجموعة إجراءات حكومية منها؛ إجراءات تقشف من النفقات الحكومية وتقليص عدد العاملين في السلك الدبلوماسي بالخارج وتقليص عدد المؤسسات المستقلة والشركات العامة غير الإنتاجية للحد الأدنى حيث ستنتفي أسباب وجودها مع الانكماش الاقتصادي العالمي الذي سيبرز قريباً وبدأت ملامحه تظهر للعيان ناهيك أصلاً عن أن هذه المؤسسات والشركات كانت عبئاً على الاقتصاد الوطني ودمج البقية مع الدوائر الحكومية ذات الصلة، إضافةً لذلك فإنه آن الاوان لتحديد وتطبيق سلم الرواتب لكل العاملين ممن يتقاضون رواتبهم من الموازنة العامة ، هذه الاجراءات إن طبقت ستوفر المبالغ المطلوبة والكافية لتوضع في تصرف وزارة الزراعة لتمكينها من تنفيذ خططها وبرامجها لمواجه التحديات المتوقعة مما سيخفف من الآثار السلبية التي سنواجهها ، وأخيراً فإنه لا بد من وقف الصادرات من المواد الاستراتيجية مع ضمان المحافظة على أسعارها محلياً لكي لا يتأثر المنتجين المحليين من هذا الإجراء.