الألوان بعلم النفس وعلم القرآن

#الألوان بعلم النفس وعلم #القرآن

د .ثروت موسى الرواشده

هل تمعنت قليلاً بألوان الأشياء من حولك ؟
ما هيتها ؟
ما شعورك نحوها؟
ما تبعثه بنفسك عن ارتدائك لونك المفضل ؟
ما أحساسك عند مرورك بحديقة متزينة بالورود الحمراء والصفراء البيضاء والوردية؟
أم أنك تعتبر ألوانها شيئاً من المسلمات ؟
ربما ظننا عندما شاهدنا لأول مره قوس المطر أنه لوحة فنية سكب (بيكاسو) ألوانه عليه .
وحين نتأمل آيات #القرآن الكريم فنجد للألوان توصيف مُحكم وتشبيه دقيق ،فنرى جماليتها بمواطن مختلفة ، وأثرها المتغلغل بالنفس البشرية .
فالأبيض على سبيل المثال لون الصفاء ، النقاء ، المصاحب للسلام والاستسلام لشعرت حين ارتدائه بالكثير من السكينة لِيُضفي على خصالك الوضوح والإخلاص .. يخبرنا علم الطاقة عن أوقات نستمد منها طاقتنا حين نُجالس الأطفال أو نتحدث مع كبار السّن وهم يحاورون بسكينة وهدوء وإستسلام فكري ..
فنشعر بسعادة عارمة لأن طاقتهم النورانية وذبذباتهم تُحيطها السكينة فهالتهم بيضاء متصالحة مع الكون ومكنوناته المعقدة .
..وجاء في قوله تعالى( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ)…
.وحين نشاهد اللون الأخضر ، لون الطبيعة الخلابة والأنتعاش فيصفه علماء النفس بأنه لون الطمأنينة و دلالاته متنوعة ليحمل بذلك سكيولوجية خاصة ، فيبعث السرور والبهجة فترى عشاقه يمتازون بالتوازن والأستقرار ، فهنالك علاج نفسي يسمى الاستشفاء بالطبيعة .
(شينيرين يوكو) هي عادة يابانية قديمه منذ ثمانينات القرن الماضي معتمده على الأستحمام بالأشجار لخصائص هذا اللون بأزاله التوتر ،القلق والاكتآب ،أما البروفيسور ..(لي) فأثبت أن المواد العطرية المنبعثة من الأشجار تقوم بحماية النظام المناعي لِتُبين دراساته أن جسم الإنسان خُلق ليعيش ويتعايش مع الطبيعة، كما أستخدمه الفراعنة والإغريق بحضاراتهم القديمة ،العريقة. …ذكر اللون الأخضر قوله تعالى..(مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ).
فالخضره ترمز للسعادة الأبدية ،حياه المكرمين ،أصحاب النفس الرضية، البهية ،المطمأنة ،أما لون الطاقة والإشراق المقترن بالدفء فيتربع الأصفر على العرش، فيُستخدم أثناء الدراسة لتعزيز التركيز وايقاظ العقل ، كما يتم طلاء الجدران به للمساعدة على توليد أفكار ابداعية ويتم استعماله بال (emoji) الرموز الضاحكه لأطلاق السيروتين. وتعتبره شركات الدعاية والإعلان لوناً وجب استغلاله للترويج لمنتجاتهم والتسويق لها ،وتجد عشاق هذا اللون محبي للمغامرة ،يمتازون بالمرح ، الأيجابية والتفاؤل الدائم ، لديهم أفكار خلاقة إبداعية على الدوام ،مختلفون بحلول مشاكلهم ذكره الله عز وجل.. ( قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) ..
فهذا دليل قاطع أنه لون التوهج ،جاذباً للعين ،يبعث بالنفس السعادة والسرور ،وحين البحر والسماء يلتقيان حيث الأزرق فتتلاشى الطاقات السلبية ،هو اللون الأكثر شعبية وروحانية ،فترى محبيه يميلون للسكينة والهدوء فيمارسون التأمل( meditation ) لِيمنحهم طابع الأكتفاء والكمال . وبالموروثات الشعبية يتم تعليق خرزة زرقاء للحماية من الحسد لما له من طاقة فظيعة بالحماية حسب التصورات .
…وقد ذكر اللون الأزرق بالقرآن الكريم ( يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً )..
أما الحُب ، القوه ،العواطف الجياشة فهنالك الأحمر أقوى الألوان على الإطلاق فيأتي رمزاً للثورة ويبعث بطاقة المكان الديناميكية فأصحابه ومعجبيه يمتازون بالنشاط ،الشجاعةه والجرأة، فهم
مجازفون فيركزون على أهدافهم ،فلون الدم المُحارب للخمول والكسل ،منشط الدورة الدموية ، يُعتبر رمزا للغضب والحرب .
…ذكره سبحانه وتعالى بتشبيه مروع بين اللونين الأبيض والأسود
بقوله ..(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ) …
أما ملك الألوان وأوضحها الأسود ، لون الأرادة ،الغموض، التمرد والأستقلالية ، يمتص جميع طاقات الألوان فلا يقبل التمازج مع غيره (لون الملوك والفخامة ) ،فيمتاز عشاقه دائماً بأنهم جادون ،مستقلون ، غامضون ، متمردون ، واثقون ، باحثون عن الكمال، رافضون المساعدة من الآخرون ، ويصنف بأنه من الألوان التي ترتبط أيضاً بالشر ، هو نهاية الأشياء ، متلاصقاً بالسلبية والموت ، رمزاً للحزن والحداد.
أما بالقرآن الكريم فاللون الأسود وصف للمنافقين والكافرين بالخزي والخسران ،قال تعالى (يوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ) .
كما أن المتمعن بهذا الكون من حوله بسمائه،أرضه ،بحوره ،انهاره أشجاره، أزهاره وحتى فراشاته بألوانها الممتزجة لوجد أن ألوانه متناغمة تناغماً عجيباً ،مقدراً ،عظيماً.
لتنظر للعالم من حولك وكأنك تراه للمرة الأولى وقد أزحت عن بصرك غشاوة العمى وترجع لتشكيل الألوان من حولك بنظره مغمورة بالحُب والسمو،فالرسامين ،المصممين بلوحاتهم العبقرية وتصاميمهم الخارجة عن المألوف استقوا الوانهم من الطبيعة فشكلوا بها ما جعلهم حديث البشرية على مر العصور .
فسبحان الله الخالق، المبدع، المصور .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى