#الأقصى يلتهم #الثقب_الأسود
#إبراهيم_أمين_مؤمن/ مصر
أتمّ جاك تركيب الجهاز المعجزة الذي سوف يرافقهم طول الرحلة.
وكذلك تمّ الانتهاء من تصميم الشراع الشمسيّ للرحلة وهو الآن مثبّت في مدار حول الأرض.
أمّا محطتا الفضاء الشمسية النانويّة فتعمل على أحسن وجه.
والمشكلة الآن أنهم لم ينتهوا بعد من بناء السبع محطات الليزريّة، فما زالت ناسا ترسل خبراءها وملايين المرايا عبر المصاعد الفضائيّة لاستكمال بنائها الذي بدأوا فيه منذ نحو خمسة عشر شهرًا، لكن الخبر الجيد أنهم عثروا على كميات ضخمة من الوسط الفعّال لليزر الذي سيُثار في جميع أنحاء سطح القمر.
كذلك تمّ الانتهاء من مفاعلي الانشطار والاندماج، وتمّ حلّ مشكلة الحقل المغناطيسيّ، فقد صدق الروس فيما قالوا بشأنه.
أمّا بالنسبة لإطلاق مركبة الرحلة فسيتمّ عبر صعوده على السلم الفضائيّ شأنه شأن كلّ الخامات والروبوتات التي انتقلتْ من قبل.
حيث يوجد طابق كامل تم تشيده بجانب المصعد الفضائيّ مباشرة، ذلك الذي سيصعده جاك وروّاد الفضاء معه من خلال مركبة القيادة الرئيسة.
هذا الطابق يغطي مساحة فدانا واحدا وذلك من أجل إنتاج شعاع الليزر الذي سيدفع كبسولة القيادة للتخلص من الجاذبية الأرضية.
يتمّ في هذا المبنى إنتاج ليزر فائق القوة والتركيز وذي طاقة عالية.
وبذلك تمّ توفير كل التقنيات اللازمة لعمل الليزر الذي سيدفع الشراع الضوئي.
***
بدأ تحرك فرق الهدْم ومعهم معاولهم وعدتهم صوب الأقصى لهدمه، يتقدمهم يعقوب إسحاق بعينين مفتوحتين وصدر منشرح وعلى وجهه هالة من السعادة والحزم على هذا القرار.
قال في نفسه وهو يشاهد ذاك المشهد العظيم الذي يتوجه صوب الأقصى: الآن حانت اللحظة الفاصلة في عهدك أنت يا يعقوب، وأنا أول من يسعى إلى المسيح ويقبل يده حال نزوله، ما هي إلا بضعة أيام فحسب ويُسوّى هذا المسجد بالتراب.
كما كان يتقدمهم بعض حاخامات اليهود وأبرز القيادات السياسيّة والدينيّة منهم.
وكما أن معظم مراسلي الوكالات العالمية وقنواتهم ومنصاتهم يتوجهون بأنظارهم لرصد وتوثيق مساهمات كافة أجناس الأرض لتذليل كافة العقبات التي تواجه جاك من أجل نجاح رحلته لدحر ثقب سحابة أورط إلا أن بعضهم رافق عن بعد فرق الهدم المتوجهة نحو الأقصى ونقلوها بثا حيا إلى العالم كله.
لما وصلوا رفع يعقوب رأسه وأشار بيده نحو الهدامين كي يجدوا في هدم أول لبنة من لبنات المسجد الأقصى.
وتقدمت معاول الهدم بالفعل وكاميرات القنوات العالمية مسلطة هنا وهناك.
بينما الشعوب العربية والإسلامية في لحظات تقدمهم وحال وصولهم خرجت من كل حدب وصوب في لمح البصر لتنذر الكيان الصهيوني من مغبة هدم الأقصى عبر تلك القنوات الإعلامية.
ومن هؤلاء الذين تابعوا أخبار الأقصى جاك، جاك الذي وجد يعقوب إسحاق فجأة في طريقه نحو الأقصى لهدمه نقلا عن كاميرات مراسلي القنوات العالمية.
تقلصت ملامح وجهه، وارتسم على وجهه الغضب والخوف معا، ثم ما لبث أن رفع هاتفه وهاتف الرئيس الأمريكي وأخبره بمغبة فعل يعقوب إسحاق المجنون على نتائج رحلته الفضائية في لحظات فحسب.
بينما أوناش الهدم ترفع بفؤوسها الحمقاء الغاشمة لأعلى لتهبط على قبلة المسلمين الثانية رن هاتف يعقوب إسحاق.
نظر فيه وهو في حالة نشوة واغتباط، فتح الخط وكلمه، قال جورج على الفور: «قبل السلام أؤمر رجالك بالتوقف.»
تقلصت ملامح وجهه من فوره، وتسمر كالتمثال، لم يدر ما يدور حوله، بينما الرئيس الأمريكي يصرخ في الهاتف مكررا كلمة “توقف”.
رد عليه يعقوب بلسان لا يكاد يستطيع التكلم إلا تلعثما: «لم؟»
أجابه وقد نزلت أوناش الهدم على بعض جدران الأقصى: «أوقف العملية وأمر رجالك بالتقهقر للخلف وبعد ذلك نكمل كلاما.»
وامتثل يعقوب بالفعل لرغبة الرئيس الأمريكي وأمر رجاله بالتقهقر.
تنفس جورج الصعداء كما تنفسه جاك.
أما يعقوب ففي وجل لسماع جورج.
قال جورج بعد أن زفر زفرة الخلاص: «كدتَ أو كدنا معا أن نفعل أمرا سوف يهلك كوكب الأرض.»
فسأله يعقوب عن كيفية هلاك الكوكب بهدم الأقصى فأجابه جورج: «نحن في فترة لابد أن تتحد كافة قوى العالم البشرية والمالية، ولاسيما المعنوية والروحية منها، من أجل دعم رحلة جاك، وعملك هذا سوف يتسبب في صرف نظر كافة البلاد الإسلامية عن تدعيم رحلة جاك فضلا عن تنابذ واحتراب الأحلاف العالمية على خلفية هدم الأقصى، فتفشل رحلة جاك التي سوف تقضي على الثقب الأسود.»
قال يعقوب في يأس بالغ بعد أن استسلم: «ويستفرد ثقب سحابة أورط بالمنطقة المحيطة به فيلتهمها، ثم ما يلبث إلا أن يلتهم بلوتو ثم نبتون وأورانوس وزحل والمشتري والمريخ والأرض.»
سكت لحظة وهو يهز رأسه ثم قال لجورج الذي فضل الصمت بعد أن أدرك يعقوب إسحاق خطأه الفادح: «خسارة، إسرائيل كانت تنتظر تلك اللحظة منذ عدة عقود، ولما جاءت اللحظة وقف ثقب سحابة أورط حائلا دون حلم إسرائيل الكبرى.»
وأنزل الهاتف من على أذنه في يأس، وقع على الأرض، وظل لحظات ساكنا لا يتكلم، ثم أمر بعد ذلك بانسحاب الجميع والعودة بهم إلى أدراجهم.
***
كان يتابع مؤيد أصيل تقدّمَ فرق الهدْم إلى المسجد بعينين زائغتين وقلب مرتجف، كان يأمل أن يتراجعوا ولكنّهم تقدّموا، ومع لحظة رفع أوناش الهدم توقف قلبه عن النبض وصعدت روحه إلى بارئها.
ربما لو شاء الله أن يرى انسحاب فرق الهدم ما توقف قلبه.
ومات مؤيد أصيل ومن قبْلِه فطين ورجل المائة ألف جنيه، ورحل فهمان عبر ثقب الشيطان، كلّ الأوفياء رحلوا وما بقي منهم إلا القليل في هذا العالم البائس.
***
تشكلت لجنة عالميّة فضائيّة أعضاؤها من القارات السبع ليكونوا في رباط مستمر فينقلوا التغيرات التي تطرأ على المجموعة الشمسية وخاصة الشمس والأرض أوّلاً بأوّل.
كلّ تلسكوبات العالم سُلّطتْ على الثقب الأسود، وظهر كلّ هذا على شاشات التلفاز إلى شعوب العالم أجمع.
فكان يمثل شحنا معنويا هائلا يجعلهم في رباط مستمر نحو تدعيم رحلة جاك.