الأفكار حلوة بس الواقع مرير

الأفكار حلوة بس #الواقع مرير

مصطفى وهبي التل
الباص السريع (عفوا الباص سريع التردد) مثالا
بلدنا الأردن متخم بالأفكار (الحلوة). لكن هذه #الأفكار، وبقدرة قادر، عند التطبيق تتحول إلى كوابيس!
السبب؟
إما أن القائمين على #الأردن يعيشون فوق السحاب ولا يدركون واقع البلد أو أنهم مدركون لكن (مش فارقة معهم) و (مش دافعين من جيبة ابوهم)، بل بالعكس (كسبانين) بالتالي، وفي الحالتين، تصطدم الأفكار(الحلوة) بالواقع #المرير الذي نعيشه بشكل يومي.
آخر الأمثلة على هذا الأفكار الحلوة والواقع المرير الذي (صدمها) ما حصل اليوم الأول للتشغيل التجريبي للباص سريع التردد. لا أعرف من العبقري الذي أعتقد أن المواطن الأردني، (الداعس بجزمته) على قوانين وتعليمات السير، سيحترم ويلتزم بإشارة مسرب الباص السريع عن دون كل الإشارات الأخرى التي (يتلذذ) بانتهاكها؟ نتيجة هذا الجهل او التجاهل عشنا فوضى ومسرحية تراجيدية كوميدية في اول أيام تشغيل الخط التجريبي للباص سريع التردد واصبح الباص والقائمين عليه (نكتة) الموسم.
حتى لا تتكرر (المسخرة) التي حصلت أول ايام التشغيل، وحتى تحفظ الأمانة ماء الوجه بعد 11 سنة وعود بأن عمان ستصبح باريس حال تشغيل الباص سريع التردد، تم الاستعانة بشرطة السير وتم وضع شرطي واحد على الاقل على كل مدخل إلى مسرب الباص سريع التردد. طبعاً هذا الحل، وبقية الاجراءات التي اتخذتها الأمانة، ليست إلا (ترقيع) وغير منطقية على المدى البعيد لأنها ستجعل الكلفة التشغيلية الحقيقية لهذا المشروع مرتفعة جداً خاصة عندما يتم افتتاح بقية خطوط الباص. بالتالي، وحتى تستعيض الأمانة عن شرطة السير، سيطلب الآمين اموال اضافية لتشغيل كاميرات مراقبة وغيرها من الاجهزة على مداخل مسارب الباص السريع وسنستمر في (الترقيع) و(التخبيص) حتى يدخل مشروع الباص سريع التردد كتاب الارقام القياسية، الذي دائما نحلم به، ليس فقط بمدة التنفيذ وانما ايضا بالتكلفة.
الواقع المرير، للأسف، لا يتوقف فقط عند شاخصة مسرب الباص فقط وإنما نجده ايضاً في مسارب السيارات الموازية لمسرب الباص والتي أحيانا يستعملها الباص في مساره. زرعت الأمانة على طول الشوارع التي يتشارك فيها الباص مع بقية السيارات شواخص ممنوع الوقوف والتوقف حتى يستمر الباص في رحلته بسلاسه. طبعا، الالتزام بهذه الشواخص (يوك)! و(عادي جدا) ان تجد ازمة والباص متوقف لأن احدهم قرر ان يتوقف لشراء ساندويش شاورما واغلق مسرب كامل. بعد امتار من (ابو الشاورما)، وبعد ان يتمكن الباص بصعوبة من تجاوزه، سيتوقف الباص من جديد بانتظار سائق تكسي توقف لشراء فنجان قهوة و(باكيت) دخان من احدى محلات القهوة المنتشرة على طول مسار الباص سريع التردد!
هنا وبصراحة تنبثق عبقرية قسم التراخيص في الأمانة ونتعرف على مدى التنسيق بين الادارات في الأمانة ونكتشف ان الأمانة ليس الا (حارة كل مين ايدو الو)! كيف نفسر إذا إعطاء تراخيص لمحلات القهوة (بالشوال) منذ بداية العمل في مشروع الباص سريع (بالزبط) في الشوارع الضيقة التي سيتشارك بها الباص مع بقية السيارات؟ وفي نفس الوقت الذي كان يتم فيه اعطاء هذه التراخيص لهذه المحلات من قبل الأمانة زرعت ادارة أخرى في الأمانة شواخص ممنوع الوقوف والتوقف في نفس هذه الشوارع!! أي عبقرية وأي تنسيق هذا؟؟
بغض النظر عن وجود بدائل كثيرة للنقل العام أقل تكلفة وعملية اكثر من الباص سريع التردد، وبغض النظر عن الزمن التاريخي الذي عانى فيه سكان عمان من وراء هذا المشروع، إلا ان “فكرة” الباص سريع التردد، وبشكل عام، (حلوة). لكن هذه الفكرة (الحلوة) اصطدمت بواقع الفوضى المرورية المرير في عمان واصطدمت ايضا بواقع سوء التخطيط والتنسيق في أمانة (كل مين ايدو الو).
آخيراً، ومع احترامي لشخص مدير ادارة السير ولشخص أمين عمان، إلا انه ليس لديهما القدرة، ولا الفكر، المطلوبان لمثل هذا المشروع (الحلو). الدليل: سنوات من التخطيط والتحضير والنتيجة تخبط في اليوم الاول و(ترقيع) حتى يتمكن الباص سريع التردد من العمل بشكل يعكس أدنى التوقعات وأدنى الوعود.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى