
بين الأمس و اليوم
* في الحب و الشباب
بالأمس ، كان الحب مطاردا ، بين سطوة القبيلة ، و سيف ابن العم و حقه المشروع بالتملك .. كان الحب مطاردا فيختبىء في الخافق بين الصدور .. و ينام و يغفو بين طيات الكتب و السطور ..
كانت نظرة عابرة .. أو مدبرة .. كفيلة برفغ ضغط الدم و احمرار الخدود .. و ضياع الكلمات من الشفاه
و كان العاشق يرضى بابتسامة و نظرة خجلى بطرف العين .. و انسحاب خلف الستارة ، أو خلف شجرة ياسمين ..
كان الحلم و الخيال .. رفيقي السهر و الوحدة .. و كانت التناهيد و الدموع مثل تبتلات النساك ..
كان للورد معناه .. قبل أن يصبح سجينا في مزهرية .. كان هدية مسروقة من سور الجيران ، لتستقر بين دفات كتاب ..
كان للحبر و الورق المزخرف حضوره ، شاهدا على لوعة المحبين .. و كانت الدموع احيانا تختلط بقطرات العطر الذي تتعمد به الرسالة ، تلك الذاهبة في مهمة سرية ، و قد طرزتها صور القلوب المثقوبة بسهم ” كيوبيد” ..”!!
المرسال ساع للبريد يحمل في حقيبته افراح الناس و اوجاعها ، يطرق ابوابا و يودعها ظرفا ، حبست فيه التهاني و الأشواق .. و نشيج العبرات ، التي حملت مرارة السنين ..
لله در العاشقين كم سهروا ليلهم ، يناجون قمر السماء ، و قد جفت جنوبهم المضاجع !!
لم يستطيعوا البوح ، فهم خارجون على قانون القبيلة ، و الحب في شرعهم جنون و فنون ..
لله در العاشقين كم حفظوا و كم كتبوا من الأشعار
، علها تبرد او تطفىء جمر الشوق و الحنين ..
.. .. أما اليوم ، فالحب أصبح رخيصا ، برخص كل شيء بنصف دينار .. !!
الكلمات مثل الورد ، مصنوع و مزيف ، ليس فيه حياة .. الحب أضحى مصبوغا في صالونات التجميل .. و المعشوقة صارت امرأة من جبس او طين .. تشكلها أيدي و مقصات الفنانين ..
شفاه مغلظة و خدود منفوخة .. و رموش ملصوقة .. و حواجب مرسومة ..
و الحب ما عاد عذريا ، بل تمثيل في تمثيل
و في كل يوم يذبح بسكين ..