الأردن وسوريا: فرصة تاريخية للتعاون وإعادة البناء

#سواليف

#الأردن و #سوريا: #فرصة_تاريخية للتعاون وإعادة البناء
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

تستعد المملكة الأردنية لاستقبال زيارة وزير الخارجية السوري والوفد المرافق له، في خطوة تعكس تطورًا مهمًا في العلاقات الأردنية-السورية بعد سنوات من القطيعة الناتجة عن الحرب في سوريا. تأتي هذه الزيارة في وقت حساس للغاية، حيث يواجه كلا البلدين تحديات مشتركة وفرصًا غير مسبوقة للعمل معًا على رسم مستقبل مشترك يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.

لطالما كان الأردن من أبرز الدول الداعمة للشعب السوري في أزمته، متحملًا عبء استضافة أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضيه. ومع سقوط نظام بشار الأسد، يواجه الأردن تحديات جديدة فيما يتعلق بملف اللاجئين، حيث تتطلب المرحلة الحالية تنسيقًا دقيقًا لضمان عودتهم الطوعية والآمنة إلى وطنهم. ومع ذلك، فإن هذه التحديات تفتح أبوابًا واسعة للتعاون البناء بين الأردن وسوريا، بما يضمن تحقيق الاستقرار والازدهار في كلا البلدين.

إن زيارة وزير الخارجية السوري للأردن تمثل فرصة ذهبية لتحويل اللقاءات الرسمية إلى منصة حوارية عملية من خلال إطلاق ورشة عمل مشتركة تضم الخبراء والمسؤولين من الجانبين. يمكن لهذه الورشة أن تناقش قضايا جوهرية مثل وضع خطة شاملة لتسهيل عودة اللاجئين، وضمان توفير البنية التحتية والخدمات الأساسية لهم في المناطق التي سيعودون إليها، إضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي عبر إشراك الشركات الأردنية في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، وهو ما سيوفر فرص عمل ويسهم في تنمية الاقتصاد الأردني والسوري على حد سواء.

ولا يمكن إغفال أهمية التنسيق الأمني في هذه المرحلة، حيث يمثل استقرار الحدود أولوية قصوى للبلدين. كما يمكن للأردن، بحكم موقعه ودوره الإقليمي، أن يكون جسرًا مهمًا لتواصل سوريا مع المجتمع الدولي، مما يسهم في تسهيل حصولها على الدعم المالي والتقني اللازم لإعادة البناء.

علاوة على ذلك، فإن الأردن يمتلك خبرة واسعة في إدارة التحولات السياسية والاجتماعية، وهو ما يمكن أن يكون ذا قيمة كبيرة لسوريا خلال مرحلتها الانتقالية. فقد استطاع الأردن، رغم التحديات الكبيرة، أن يشق طريقًا نحو التحديث السياسي من خلال إصلاحات شملت الانتخابات، وتعزيز مشاركة المواطنين في صناعة القرار، والعمل على بناء دولة مدنية حديثة. يمكن للأردن أن يشارك تجربته مع سوريا الحرة الجديدة، لتكون نموذجًا يلهم بناء نظام ديمقراطي موحد يحترم التنوع ويحقق العدالة لجميع مكونات الشعب السوري.

إن الأردن، الذي حمل على عاتقه مسؤولية مساندة الشعب السوري في أحلك الظروف، يفتح أبوابه اليوم للأشقاء السوريين ليس فقط لتقديم الدعم، ولكن للعمل معًا على بناء مستقبل مشترك يعزز الاستقرار والتنمية في المنطقة. فكما وقف الأردن إلى جانب سوريا في أزمتها الإنسانية، فإنه مستعد الآن للوقوف إلى جانبها في إعادة البناء السياسي والاقتصادي، إيمانًا منه بأن المصير المشترك يتطلب تعاونًا صادقًا وعملًا مشتركًا يخدم الجميع.

أهلاً وسهلاً بوزير الخارجية السوري والوفد المرافق في بيتهم الثاني، الأردن. نأمل أن تكون هذه الزيارة نقطة تحول حقيقية تسهم في تعزيز التعاون بين البلدين، وتطلق مرحلة جديدة من العمل المشترك لبناء سوريا الحرة الموحدة، وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. فالتعاون بين الأردن وسوريا ليس خيارًا، بل ضرورة تمليها التحديات المشتركة والفرص العظيمة التي يمكن استثمارها معًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى