الأردن هو الدولة العظمى عندما يتعلق الأمر بتسوية او تصفية القضية الفلسطينيه ، والملك مطالب بالإنقلاب الآمن على من انقلبوا عليه ويسنون سيوفهم لذبحه وذبح الاردن والقضية. *
فؤاد البطاينة
انضمت السعودية بقوة الى المعسكر الصهيوني في سياسة دفع قيادة الاردن للتموضع بين خيارين ، إما ترك موقعه ودوره التقليدي على صعيد القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي والاستسلام الكامل طوعا ، وإما الاصطفاف مع المعسكر الايراني المستهدف ليبدأ استهداف الاردن كدوله . وفي كلا الحالتين نفهم بأن هناك قرارا بانتهاء دور السياسة الاردنية وبعزل النظام الهاشمي . لكن الأعوص هو أن الأردن بنظامه الذي ما غرد خارج السرب بل طرد منه ، أصبح ايضا خارج نطاق التجاذبات الاقليمية والدولية ، وحتى سوريا ليست مهتمة بجذبه .*
نحن في هذه المرحله في غنى عن القول أن السياسة الاردنية فاشلة وفشلت في الملفات الداخلية والخارجية . وأن الدبلوماسية الأردنيه فاشله وفشلت في الحفاظ على مكانة الاردن الطبيعية والحيوية على صعيد الحراك المستجد على ملف القضية الفلسطينيه . والأهم هو فشل النظام في ترتيب اولوياته عندما جعل وما زال يجعل من البحث عن المال فتاتا بمختلف الطرق هدفا وحبدا له ، بلغ مسامع دول العالم حتى باتت لا ترى في الاردن الا متسول أو بائع مواقف ” على الدفتر ” لا صاحب قضيه ومبادئ ، أقول أن النظام عندما جعل من ذلك اولية وترك التحدي السياسي لبلد هو الوحيد في العالم مستهدف كيانه ، ومستهدفة ارضه كوسيلة لتصفية أقدس قضية ، فإنما هو قد ارتكب ويرتكب خطأ استراتيجا وأعطى رسائل خاطئة ومدمره ،,*
لكن ما لم يحسب حسابه أبطال التحالف الثلاثه ، ترمب – نتنياهو- والأمير ، هو أن الأردن بشعبه وكائنا من كان يتربع على عرشه ، هو الدولة العظمى عندما يتعلق الأمر بأية تسوية أو تصفية للقضيه الفلسطينية . وهو القادر يسلوكه وقراره أن يفرض نفسه وارادته ، ويرفض ويُفْشل كل ما يحاك من ورائه أو من أمامه ، فشعب الأردن سواء من غربي او شرقي النهر كان ، هو صاحب القضية والمصلحة ولا يمكن تجاوزه . وإن من يختطف مكانه او مكانته هو متطفل على حقوق الاردنيين والفلسطينيين وعلى حق الشعب العربي بالمجمل . وإن خمسة عشر مليون فلسطيني في الداخل والشتات يملكون مع الاردنيين قضية واحدة عصية على اختطافها وبيعها من قبل حكام خونة او طامعين أجانب . *
الصورة الأن أمامنا تقول إن المؤامره مختمرة على القضية الفلسطينية والاردن ، من خلال صفقة تتجاوز الشرعية الدولية وحل الدولتين وقبلها المبادره العربيه ، وتتجاوز الحقوق الفلسطينية ومكونات القضية الرئيسية بما فيها اللاجئين والقدس والسياده . . ، والخيار الاردني هو المحصله المطلوبة صهيونيا ، والأردن مُغيب ورده هو الصمت دون حراك ويبدو لهم بأنه صمت العاجز محصلته الاستسلام . أما لنا فإن استمرار سياسة الملك بإعفاء الفعل من ردة الفعل يعطي رسالة عجز خاطئة تشجع على التمادي وصولا لعواقب وخيمة .
ماذا عسى النظام الأردني فاعلا فيما يواجهه ، فنحن لا نعتبر استمرار صمته كافيا للدلالة على أنه استجابة لخيار الاستسلام . أما لجوءه للخيار الثاني المتمثل بالاستجابة لدفعه الى الاصطفاف مع المعسكر الايراني المستهدف ، فقد أصبح شركا بل وطريقا مسدودا . فعلاوة على أن غاية هذا الخيار واضحة في جر الاردن دولة وقيادة للاستهداف المباشر كهدف سهل ومطلوب ، فإنه خيار يجيء متأخرا بتوقيته وسيكون الأردن فيه بمثابة ال “دو” في ورق اللعب بعد أن كان سيكون ” قص ” قبل التطورات الاخيرة . فالأردن الان نظامه بلا وزن سياسي ، ويمثل عبئا على أي حليف . ولا حماية له من دولة او معسكر إن طلبها ستكون على قاعدة استراتيجية .*
المنطق التاريخي والعلمي يقول أن الجبهة الداخلية عندما تكون متماسكه فلن تستطيع القوة الغاشمة عسكرية كانت او سياسية كسر ارادة الشعب ولا تمرير مخططات العدو . والحاكم في المحصلة لا يحميه إلا شعبه ولا يُبتز الا بعزلة شعبه عنه ، والاوطان لا يحميها الا شعوب متماسكه . إلا أن الجبهة الداخلية في الاردن وفي فلسطين مفككة ، وسياسة النظامين هو العامل الرئيسي في ذلك . والعمل جار على ايقاع الفرقة بين النظامين . *
الطريق المستقيم واضح أمام القيادتين الاردنية والفلسطينية . إنه طريق التكامل في المواجهة المستنده على أساس فعال . وهذا لا يكون الا بالعودة للخيارات الشعبية الوطنيه وهي واضحة على الساحة الفلسطينية ، قوامها الرفض السياسي لاختطاف القضية وبيعها ، والعودة لمربع ما قبل اوسلو واعتماد نهج المقاومة . أما في الاردن فليس أمامه الا النهج السياسي الثالث الذي يلتقي فيه الملك مع الشعب وقراره الوطني . *
النظام الاردني الذي يتابع كوشنر وهو يتنقل بملف الصفقة بين دول المنطقه ولا يرى اردن من حوله ، أمامه اليوم وقتا ينقلب فيه على كل من انقلبوا عليه وسنوا سيوفهم لذبحه وذبح الاردن والقضية ، ولديه الامكانيات المحلية والحاضنة الوطنيه لذلك ، فالكل في الاردن في مأزق ، وإن رفعنا المظلات فوق رؤوسنا في بلادنا عندما تمطر في عواصمهم عهد انتهى . والملك مطالب اليوم بإنهاء كل مسلسلات الهروب والإلهاء والتفرد والتهميش ، ولا مناص من المباشرة بإعادة ترتيب البيت الاردني السياسي على اسس وطنية تبدأ بتشكيل خلية ازمة لحاضر ومستقبل الأردن ، ينبثق عنها نهج جديد وطني يكون الشعب فيه سياج الحماية ، فجيوشنا اليوم ليست مؤهلة الا لصنع الهزيمة وتقنينها سياسيا .