الأردن : هل انطفأت شعلة ” الحراك”؟ أم أصبح أكثر فعالية في العالم الإفتراضي ؟/ ديما الرجبي

منذ هبة رمضان 2018 التي أحدثها الشعب الأردني ونقاباته وأحزابه إعتراضاً على قانون الضريبة المعدل _ المُطبق اليوم_ وما زال الأردن متخلفاً مئات السنوات عن الإصلاحات ولم يتقدم ولو بشق خطوة، ولم يهنأ إلا بنتاج تلك الوقفة “اللحظية” والتي تعزي أبناءها بإرادتهم في حينها و تُحلي طعم العلقم في رغيف الخبز الأردني .
بينما نام المواطن على وعود حكومية أعظمها رفض قانون الضريبة_ المعمول به_ وأصغرها تحسين الوضع الإقتصادي ومحاربة الفساد والمفسدين ، ما زالت المطالبات الشعبية تضرب بجذورها الأرض ممتدة دون ان يخضر جذعها أو تنبت ثمرة إنجاز واحدة لهذه الأرض الصبور .

ما زالت فعاليات ” الدوار الرابع ” الشعبية مستمرة في كل نهاية اسبوع ولا يقف في طريقها أحوال جوية صعبة أو تشديدات أمنية وما زالت أبواق ” المعارضة الخارجية” تلوث السمع بالحديث وتخلق الفتن بالمهاترات المرئية والمسموعة .

مما عكر صفو الحراك الشعبي في الداخل وزجهم في جدالات أقرب ما تكون للفرقة لا لشد الأزر ، وأبعدتهم بطريقة أو أخرى عن الهدف الذي خلق لتجمع المواطنين في الساحات للمطالبة بحقوقهم الإنسانية .

بينما تزداد الأقاويل والانقسامات ” الافتراضية ” وبحكم التأثير الملموس على بعض التصرفات من خلال “الطائر الأزرق والوجه الأزرق” نجد الفتور والإنسحاب يبرز من خلال إنفصال بعض المشاركين عن تجمعات ” عمان” وتفضيلهم لتجمعات ” محافظاتهم” حيث يرون بأن التأثير والرسالة ستكون أوضح وأفضل .

مقالات ذات صلة

وهو ما نعتقد بانه الهدف منذ البداية لتلك الأصوات التي منحت نفسها مسمى ” حراكات أو معارضة خارجية” .

بعضهم برر انسحابه لضرورة وجود رأس لتنظيم الحراك وصوت يتحدث باسمهم ، وآخرون وجدوا ان فتور الاعلام وتقنين الاخبار عن مشاركتهم في هذه الوقفات يمنع وصول اصواتهم للشارع من ما يقلل عدد المشاركين ويربك قوتهم بالتجمع ، وهناك من القى اللوم على مشاركة حراكيين مع رئيس الوزراء في حوار مما أفقدهم مصداقيتهم _ على حد تعبيرهم_ أمام الشعب الأردني وآخرون ما زالوا يستظلون بتواجدهم في ساحة الرابع في كل نهاية اسبوع .

بينما نرى بأن الحكومة تستبق الوقفات الاحتجاجية دائماً بخطوة وتعمل على تمرير القوانين في ظل انشغال الحراكيين في ترتيب أولوياتهم وتسابقهم على إبداء اعتراضاتهم ” على المنصات الافتراضية” ومن ثم يتفاجأ الشعب الأردني بان القوانين نفذت والأسعار ارتفعت والبطالة تفشت والجرائم استفحلت وأصحاب المبادرة الأولى في المطالبات ما زالوا يتناقشون حول تجمعهم ” الخجول” في ساحة ” الرابع” او ساحات أخرى .

قد يكون اليأس تمكن من قلوب الوافدين إلى ” الرابع” بطريقة أو أخرى، بينما يجددون ايمانهم ومطالبهم ” افتراضياً” لتحقيق ما لم يستطيعون له سبيلاً على أرض الواقع، فنرى أن الكلام على المنصات أصبح كزبد البحر والوقفات الحقيقية أمست هبةً حدثت وأحدثت تأثيراً لحظياً ومضت في حالها .

ما يحتاجه ” الرابع” هو الدعم الاعلامي والحزبي والنقابي والإبتعاد عن تلك الفضاءات التي أصبح بعض ” مؤثريها” ملوثيين ويوجهون الأداء لغاية في ” نفس ابناء يعقوب ” ، والنظر بجدية إلى الهدف من وراء التجمع السلمي وهو المطالبة بالقضاء على الفساد والمفسدين واستعادة ثروات البلاد المنهوبة وتأمين العمل والعلم والعلاج والسكن للمواطن ، والبحث عن منابر حقيقية وتجمعات مؤثرة بسلمية وديمقراطية واعتدال والابتعاد عن ركوب الأمواج والاصطياد بالماء العكر إن صح التعبير ، والنظر إلى الفقير المُعدم الذي لم يستطع الخروج مطالباً بحقوقه وحملكم صوته أمانة ليصل إلى اصحاب القرار ، فالذي حققه التجمع في كل خميس منذ انطلاقه الاحتجاجات السلمية لا يتعدى ” بوست” نقرأه أو نقفز لغيره باحثين عن الأكثر ” جدية” …

الله المستعان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى