الأردن الصابر..
ترقب حذر لمُستجدات الاقليم وتوجهات العالم نحوه.
ا.د حسين محادين *
(1)
لن يستقيم الرصد والتحليل العلمي، السياسي/ الاقتصادي والصحي ايضا للموقف الاردني الداخلي والخارجي الحذر بصورته اللافتة حالياً بالنسبة للباحث في واقعه وآفاق الظروف المحتملة فيه؛ دون الانطلاق عمليا في هذا التحليل من العوامل الداخلية المتمثلة في تحديات جائحة كورونا المتزامنة مع استمرار ضغط قانون الدفاع كاستثناء وبلاغات الحكومة المستندة اليه من حيث مايلي:-
التوسع في مواقيت الحضر ونحن على ابواب شهر رمضان، الزيادة في زيادة اعداد المصابين بالكرونا ترابطا مع رفع الحكومة الجديدة-والمثقلة بخطابها وحجم الاستقالات فيها وعدد من كبار موظفيها -لقيم الغرامات على المخالفين الكثر من المواطنيين لقرارتها الصحية، واغلاق العديد من قطاعات العمل والانتاج في ظل ارتفاع نسب البِطالة والفقر، وعودة بعض الحِراكات المحدودة اردنيا منذ ايام ؛ وكلها تحديات جادة في حياة الاردنيين، من الجهة الذاتية الداخلية.
اما من الناحية الموضوعية الخارجية المتمة والمرتبطة بما سبق، فأن الرصد والتحليل من منظور علم اجتماع السياسية يقتضي توسيع دائرة هذا التحليل نحو العوامل الضاغطة والمضافة لما سبق من خارج الوطن و هي أثرا وتأثيرات متبادلة وفي ذروتها فوز الرئيس الامريكي بايدن وطبيعة اطروحاته في موضوعات الحروب وملفات حقوق الانسان وربطهما بالمساعدات المالية الامريكية للدول النامية في العالم.
اقول مجتهدا هنا لعل هذه هي ابرز المعطيات الموضوعية المؤثرة على واقع ومستقبل القرارات في الدولة الاردنية حاليا.
(2 )
لاشك ان ترقب الموقف الاردني لطبيعة واتجاه الواقع الحالي والمحتمل في سوريا الشقيقة شمالا بعد مغادرة الرئيس السوري المريض جدا لتلقي العلاج من الكورونا في ايران،كما نشرت وكالات الانباء العالمية، وترابط هذه المغادرة مع ما يجري من تصاعد للاستياء الحليف الايراني من التوافقات المستجدة بين امريكا وروسيا والمرتبطة ايضا مع ارتفاع منسوب خطاب الاتحاد الاوروبي باستحالة انتصار الاسد في استمراره بالسلطة، وبضروة محاسبة النظام السوري والكثير من قياداته العسكرية والمدنية على ما يرقى الى جرائم حرب تم ارتكابها وفقا لاطروحاتهم،
وتواصلا مع بدء أعادة تموضع القوات التركية وانسحابها المتدرج من محيط حلب، وانخفاض قيمة الليرة السورية، واعتبار المنظمات الاممية أن ما يقارب 60%من الشعب السوري يواجه ظروفا حياتية دامية..مما يُبقي القيادة الاردنية في حالة ترقب يصل حد القلق عن مآلات الوضع في سوريا لابل من طبيعة تركيبة المجلس العسكري الانتقالي الذي بدء في تشكيله في فرنسا بمباركة روسية وامريكية اوروبية مقابل سخط ايراني على هذا التحدي الجديد لها ولحفائها في لبنان وسوريا معا.
(3)
لعل مقدمات التحالفات والافترقات/الانقسامات التي اشارت لها العديد من وكالات الاعلام المحلية والعالمية معا وانعكاساتها على الداخل الفلسطيني الشقيق والمجاور على الحدود الغربية للمملكة، وتحديدا ازاء واقع ونتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقبلة بكل تداخلاتها ومآلاتها الديمغرافية، الاقليمية والعالمية، والتي لا تقل قلقا وضرورة التحسب منها في نظر ومعطيات القيادة الاردنية وبكل ما يستلزمه هذا الترقب الذي خلقه لها الوضع المتأرجح ايضا في سوريا المجاورة وطبيعة تحالفاتها الطائفية والدولية في آن.
(4)
لايمكن ان تغض القيادة الاردنية واجهزة الدولة العميقة النظر او ان تغفل من حسبانها ما نتج عن قيام دول الخليج العربي من علاقة مباشرة مع اسرائيل دون وساطات كما كان الحال عليه قبل اليوم، ولعل ارتفاع حجم الاستثمارات المالية الضخمة التي اودعت في الاقتصاد الاسرائيلي تسهيلات واستثمارات قد عبر من فوق الاردن الصابر ومواقفه الوسيطة بالسابق ، رغم انه الذي يعاني كالكثير من دول الجوار من ضغوط اقتصادية قوية على مواطنيه ومؤسساته الرسمية والاهلية خصوصا بعد ان تسيدت كورونا لكل اولوياته ويوميات الحياة فيه.
اخيرا..
لاشك في ظل هذه التحديات المترابطة الاثر والتاثير فأن الترقيب هو الاصعب في التعامل والاستعداد للتعامل مع التغيرات الاقليمية الغامضة والمحتملة للآن لهي من اصعب ما يواجه القيادة والدولة الاردنية معا على العموم رغم ما تمتعت به الدولة من حِنكة ودربة مميزة طوال المئوية الاولى من مسيرتها المستمرة على العموم.
حمى الله اردننا الحبيب واهلنا الطيبون فيه.
- عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.