الأدب الاصطلاحي والأخلاقي / عارف عواد الهلال

الأدب الاصطلاحي والأخلاقي

نعود مجددا لنتحدث عن رابطة الكتاب الأردنيين، هذه المؤسسة الوطنية الثقافية التي ارتدت ثوب السياسة الفضفاض على غير رغبة منها، فخرجت عن السياق الثقافي الذي هو رداءُها ليطغى عليها الفكر السياسي الذي لا يخلو منه كل المثقفين الذين يتعاطون مختلف الأجناس الأدبية، ولكن ليس بالاتجاه الحزبي الصارخ الذي يجاهر بالانتماء اليساري أو اليميني، والرابطة العتيدة بيت الأدباء، أي أولئك الذين ينحتون من أفكارهم المحضة ما ينتج منه الشعر والنثر، وليس من جاءت كتبهم نتاجا لدراساتهم الأكاديمية التي اكتسبوا عليها رتبا في المؤسسات العلمية والتعليمية، فما بين السياسي والأكاديمي اختفت معالم الثقافة الإبداعية، بل غدت متكأً فحسب للوصول إلى مناصب الهيئة الإدارية من خلال الانتخابات التي تجري كل سنتين، وغدا الكتاب المبدعون مجرد (أصوات) تسقط في الصناديق ليرتفع غيرهم إلى سدة إدارة الرابطة.
هذا القول لا يقلل من احترام السياسيين الذي لا ننكر وجود قامات ثقافية من بينهم إلى جانب انتمائهم الحزبي، ولا ينقص من مكانة الأكاديميين الذين نعتز ببعضهم أدباء مبدعين، لكنه الحق الذي نصدح به، ولا يخالفه أولئك الحزبيون الصرحاء والأكاديميون الأصلاء، بل ويؤكدونه هم من خلال حملاتهم الانتخابية حين يتحدثون إلى الهيئة العامة بلغة الثقافة، ولا يخوضون في غمار السياسة إلا بما يتعلق بطرح الشعارات الوطنية والقومية المتفق على عموميتها، والأكاديميون لا يطرحون مشروعا أكاديميا في المعترك الانتخابي، لا من حيث توظيف مكانتهم في الجامعات لدراسة الأعمال الأدبية دراسة نقدية، أو توجيه طلابهم لإعداد مشاريع تخرجهم أو دراساتهم العليا إلى النتاج الثقافي الوطني، وإن كنت أكاد أجزم أنهم أكثر تحيزا للنتاجات الثقافية العربية والأجنبية، لأسباب عدة ليس آخرها عدم قدرتهم على مواجهة المثقف الأردني عند المعاضلة في القول.
ولما سبق، فإن نتائج الانتخابات تعلق بأعداد الأصوات من خارج الجسم الثقافي الخالص، فبالإضافة إلى أعداد الحزبيين والأكاديميين الذين هم ليسوا في عداد الكتاب الأردنيين، هنالك أصوات أخرى دخلت في عضوية الرابطة فقط لغايات منح الصوت، فتلك وفية كل الوفاء للأشخاص الذين منحوهم شرف الانتماء لرابطة الكتاب الأردنيين دون استحقاق أدبي، وليس للأسماء الثقافية التي تستحق أن تمثل الرابطة أدبيا وثقافيا.
وللأسف أقول، بأن الانتخابات الأخيرة التي جرت يوم أمس الجمعة 8 أيلول 2017 قد أساءت لمؤسسة (رابطة الكتاب الأردنيين) أيما إساءة، فالحرية الشخصية للأشخاص لا تكون في الأماكن العامة، ومن المعيب أن يبدي أحدهم سخافته على مرأى من الجميع لا سيما وأن بيننا زميلات نحن حريصون على عدم المساس بما يؤذي أسماعهن أو أعينهن، ليعطي ذلك الذي يعتبر نفسه صنما ثقافيا انطباعا سيئا يلقي بظلاله القميء على جميع المثقفين، فالمثقفون الواعون الحصيفون الكيسون يربأون بأنفسهم عن التصرف الذي يقلل من شأن المرء لنفسه، أو أن يردد ألفاظا سوقية تبدر وكأنها نكاية بزملائه… فلنكن أدباءً اصطلاحا وخلقا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى