#الأب #الشرطي و #القاضي و #القاتل!
هکذا بات دور الأب عندما أصبح الوطن بکل مٶسساته مجرد خرم إبرة لا حدود لها ولا جغرافيا تحدها ولا معالم تزخرف وجهها المثلم ,هکذا بات رب الأسرة عندما باتت الاحتمالات مسألة رياضية خاطٸة ومشوهة,وهکذا تحول دور الأم بعد أن کانت تعد لفافة الساندويشات ,صارت تعد لفافة الکفن بين أکناف الغرف التي احتفت بأولی خطی أطفالها ,والأخت أيضاً أضحت تمسح الدم عن الجدران بالقمصان البالية وترش کل رواٸح الأرض لتغير کل هذا الرعب,بشکله وطعمه وراٸحة الدماء بأرواحها التي باتت تعيش الموت ,وتلك الأرواح التي أماتت الحياة بوجه أمٍ وقلب أبٍ وبراءة أخت .
هکذا أصبحت عناوين أخبارنا تکتب بالصدمة والدم ,حين بات القانون کالعرجون القديم ,وعندما اتسعت داٸرة مطاط الرحمة مع التعاطي والإتجار والإدمان, عندما نجتر لعاعة الأمن والأمن لدغدغة العاطفة الوطنية,ولکن حين فقدنا بوصلة الأمن داخل الأسرة التي تأکل علی قصعةٍ واحدة ,وتشرب الماء من کأسٍ واحدة ,أيضاً باتت تشرب أحزانها بکٶوس مثلمة وأکواب مهشمة طلاٶها الدم ,وريحها الموت والکافور .
نحن من صنعنا من الأب الآمن البسيط الوادع ,شرطياً يطارد الخارجين عن قانونه وقانون وطنه ومجتمعه ,نحن من حولناه إلی قاضٍ بلا نصوص واضحة ,ولا دساتير غير مشوهة لينطق بالحکم بالموت علی من أراده ظلاً لشيخوخته وعتبةً للجنة وسورا يمنع النار عن وجهه,نحن من صيرناه قاتلاً ومجرماً حتی ولو تعاطفنا معه لنخرجه من خلف قضبان الفولاذ ,سيبقی أبد الدهر رهين قضبان صدره وذکريات حزنه الموجعة أکثر من صولجان السجان !.
الأب لم يك يوماً قاتلاً إلا بتآمرنا جميعنا علی خبزه وحلم وسادته وحاکورة بيته ,والأب أبداً لا يکون شرطياً يطارد فلذات کبده في أروقة الموت وإزهاق أرواحهم ليضع حداً لعبثيتهم التي سجنته خلف إبهام الندم ودمع القهر وأنات الحيرة,والأب الذي أصدر قرار الحياة لأطفاله من سبع مستحيلات الأرض أن يکتب صك موتهم برصاص الفقر علی لوح جدران البيت .
هکذا بات دور الأب في خضم کل هذه التشوهات الثقيلة ,يحمل الرعب والخوف والموت والندم بين دفاتر أيامه العجاف, وهکذا بات الموت غير العادي مجرد نبأ يغلي يفور ثم يبرد ,کي ننتظر وجبةً أخری ذات تفاصيل أوجع وحکايات مجانية مزاجية أفضع وأدسم , ولا نحمل من أدواتنا ما يشبه الحلول أکثر من تقاذف کرات اللوم والتنظير والعتب !.