الآيلون للسقوط

#الآيلون_للسقوط

د. #هاشم_غرايبه

شاهدت مثل ملايين غيري مشهدا كوميديا نادرا، وهو إلقاء رئيس وزراء الكيان اللقيط – طريد العدالة الدولية كلمة أمام الكونغرس الأمريكي.
كانت المبالغة في إظهار الحفاوة والتقدير لهذا الكائن الذي حظي بلقب قاتل الأطفال، ولا يلقى أي قبول أو ترحيب في أية بقعة على الأرض، كان حرصا مضحكا ممن يمثلون مجتمع الكاوبوي، لا شك أنه مشهد يمثل قمة المأساة المحزنة المضحكة، فلقد رأينا شيوخا عليهم سيماء وقار الشيخوخة يقومون كل دقيقة أو اثنتين للتصفيق، ونساء لا يقفن عادة عند السلام، رأينا كل هؤلاء في مشهد سيرك طريف، لا يكادون يجلسون من تصفيق حتى يقومون ثانية.
حقيقة إنه منظر يبعث على الإشفاق، خاصة إذا ما علمنا أن الأمور هذه معدة سلفا ومبرمجة، فهنالك مجموعة من الآمرين بالتصفيق، منبثين في القاعة بترتيب معد بحيث يوعزون بالتصفيق بعد فقرة أو أخرى، لا إعجابا ببلاغة المتحدث، ولا اقتناعا وموافقة لما قيل، بل قد يكون أغلبهم (لكبر سنه) لم يسمع كثيرا من الحديث، لكنه يقف كما وقف من حوله، ويصفق كما يصفقون.
ذكرني هذا بمشهد في إحدى حلقات البرنامج الكوميدي السوري “بقعة ضوء”، وفيه يلتقي شخصان عادا للتو من مسيرة تأييد للزعيم الملهم، أحدهما يفرك يديه متألما من كثرة التصفيق، فيما الآخر لا يستطيع الوقوف على قدميه المتورمتين من الضرب، فيسأله الأول عن السب فيرد عليه: لأنني لم أصفقق بحرارة!.
كم هو صغير هذا العالم، وكم يتشابه العبيد من البشر، بغض النظر عن ادعائهم الحرية والديموقراطية، فكل من رفضوا منهج الله الذي أخرج الإنسان من عبادة الإنسان الى الحرية الحقيقية عندما يعبد الجميع الرب الديان، فيصبحون عبادا لله متساوين، فلا يستعبد بعضهم بعضا، كل هؤلاء حريتهم زائفة، فهم مستعبدون إما لزعيم متسلط، أو لقوة متنفذة كالماسونية أو الصـ…هـيو…نية، أو يبيعون أنفسهم لمانح المال.
السقوط الأخلاقي هو عندما لا يخجل أعضاء الكونجرس هؤلاء من الاعتراف أنهم ينالون أعطية شهرية من “اآيباك”، لقاء تغييب ضميرهم واتباع ما يملى عليهم، لتمرير قرارات لصالح الكيان اللقيط.
إنه أمر يبعث على الرثاء، عندما تجد أعلى سلطة تشريعية في أقوى بلد هو المتحكم في العالم بلا منازع، تصدر تشريعات تحمي كيانا منبوذا من الضمير الإنساني لممارساته اللاانسانية اليومية، وتغطي على جرائمه وخروجه على القانون الدولي، وتؤيد رفضه تطبيق كل القرارات الأممية الصادرة بحقه منذ تأسس والى اليوم.
فهل يعقل أن عضوية الكونغرس التي لا تتحقق إلا لمن يملكون المال، هل يعقل أن يستعبد هؤلاء بالمال ذاته الذي يعبدونه من دون المال؟.
فأية مهانة هذه التي وصلها المعرضون عن منهج الله.. أن تعبد ما يستعبدك ويذلّك ويسقطك في عين ذاتك قبل عيون الآخرين!. وتترك ما يعز نفسك ويسمو بذاتك، عندما يحررك من أية عبودية لغيرك.
أليس ذلك السقوط بحد ذاته عقوبة كافية لمن يبتغون العزة عند غير الله!؟.
فسبحان العادل الرحيم، الذي قدر فهدى، فبعد أن خلق الإنسان في أحسن تقويم وأحكم خلقته ومنحه الإرادة والحرية، جعل عليه العقل حكما، ثم هدى هذا الإنسان برسالاته، ليعين من قصر به عقله عن اختيار الصواب.
بعد كل ذلك من يضلّ فقد ظلم نفسه بيده.
فهل بعد هذه العدالة عدالة!؟.
من هنا لم يكلف الله عباده المؤمنين الذين أفلحوا باختيارهم السبيل القويم، لم يكلفهم أن يكرهوا الضالين عنه على اتباع الهدى، فقد وضع الله للبشر آية دالة على وجوده في كل شيء يرونه من حولهم، ولم يبق لمن رام المعرفة وابتغى العلم من حجة في الانحراف عن الصراط المستقيم الذي يمثله منهجه.
لذلك فالإعراض عن منهج الله، هومفتاح السقوط، لأنه ابتداء الانهيار الأخلاقي، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت…فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. وإذا أصيب القوم في أخلاقهم…فأقم عليهم مأتما وعويلا [أحمد شوقي].
هكذا عندما تشترى الضمائر ويصبح الشذوذ الجنسي والزنا وقتل الأولاد خشية الإملاق (الاجهاض) والربا وأكل أموال الفقراء، عندما تصبح قيما شائعة وأفعالا محترمة وليست فواحش منبوذة، عندها تسقط الحضارات عبر التاريخ، فلا تقيمها القوة والغلبة، بل الصلاح المجتمعي المبني على الأخلاق، أي بالمعنى التطبيقي إقامة منهج الله.

اعلان
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى