اقتصاديات وباء الكورونا والكرة الأرضية الجديدة

اقتصاديات وباء الكورونا والكرة الأرضية الجديدة
د.م. عبد الفتاح طوقان

ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي برعاية الاتحاد الأمريكي الدولي للتعليم و منظمة الاليسكو بمشاركة امنظمة الأمم المتحدة و منظمة الصحة العالمية و المر؛ز الإعلامي العراقي –١٤ أيار ٢٠٢٠

انتشار «كورونا» اثر و سيؤثر على الأمن الاقتصادي العالمي لكل الدول دون استثناء و لكن بدرجات متفاوتة و تتابعية انهيار الدومينو و سيطيح بأنظمة اقتصادية و سياسية اذا استمر و اعتقادي انه سيستمر استنادا الي المعطيات علي الساحة و الاغلاقات و تصريح مدير منظمة الصحة العالمية الاخير.
وسينعكس تأثيره على حياة الأفراد والشركات بتسارع متوالية عددية يصعب تحديدها و تقديرها مثلما حدث مع امراض ووباءات اخري مثل الطاعون الذي تسبب بخسارة بلغت في حينها ستمائة مليون دولار آنذاك و الذي تراجعت فيه قيمة الدولار الشرائية خلال ثمانين عاما من عام ١٩٣٩ الي عام ٢٠٢٠ ما قيمته ٦٥٠٠ ٪، وكلما طال أمد الأزمة سيدفع بخيارات ومخططات ستهدم القوة والمناعة الاجتماعية الدولية والاستقرار الاقتصادي للدول نتيجة ركود عميق سيؤدي إلى تراجع حادّ في الناتج العالمي و يهدد المنتجات الزراعية و إمكانية امداد العالم بالغذاء والدواء نتيجة اغلاقات لممرات الشحن و النقل والاراض المتاحة المفتوحة للزراعة و الاختلاط مما سيؤدي الي نقص في الناتج الزراعي ينعكس علي الصناعة..

على المستوى العالمي ،إعادة تعريف و تحديد الأولويات لدي الدول العظمي سيوثر علي دول العالم الثالث و العكس صحيح حيث سيهدد وضع تلك الدول الغارقة في الديون الدول المقرضة و البنك الدولي و الدول المانحة لعدم إمكانية السداد و سيرفع نسب الدين و نقص السيولة لدي جميع الدول يما فيها الدول العظمي، و سينقسم العالم بين محورين: اولهما يدعو إلى إغلاق فعلي للمرافق الاقتصادية والإعلان عن حال طوارئ، انسجاماً مع توصية منظمة الصحة العالمية، بهدف الحدّ من اتساع نطاق انتشار الفيروس، و بالطبع النتيجة ركود اقتصادي وافلاسات ، لكن هذا لا يقي الدول من انتشار الوباء في حال غيرها من الدول لم تتبع ذلك الاجراء ولم تفرض إغلاق على مناطق موبوءة.
و الثانية التي تدعو إلى العودة الي ما كانت عليه الحال قبل فيروس كورونا مع طرح النموذج البريطاني باكتساب «المناعة الجماعية» عبر «السماح» للوباء بالانتشار مع الاكتفاء بحماية المسنّين والمرضى المزمنين، و هو أيضا خطر.
تكاليف الإغلاق حتي الان لشهر أو شهر ونصف شهر في بعض من الدول تسبب في تراجع الناتج المحلي لكثير من الدول الي إلى أكثر من ٢٤%، وارتفاع نسبة الدين من الناتج المحلي إلى حوالى ٨٠٪ لعديد من دول الشرق الأوسط تحديدا.
التهديد الاقتصادي تغول علي الميزانيات العسكرية أيضا و صحة الجنود في المحيطات و البوارج و السفن العسكرية مهدده وبدآت دول مثل أمريكا تطبع دولارات خارج الأنظمة الاقتصادية و تم ايقاف قطاعات كاملة من العمل وإخراج ملايين من دائرة العمل في كندا و أمريكا علي سبيل الذكر ، وجعلت اكثر من ٣٠ مليون شخص عامل في دول شتى من العالم يتحولون الي عاطلين عن العمل بحلول نهاية نيسان ٢٠٢٠، ما كلف العالم خسارات تعددت ٣١ تريليون دولار، و تحققت خسارات لكبريات الشركات و الصناعات منها صناعة الطيران التي خسرت خلال شهر اكثر من ١٣ مليار دولار و أغلقت شركات طيران بأكملها و سرح الاف الطيارين ، في كندا علي سبيل المثال احد الشركات انهت التعاقد مع ٦٠٠ طيار بكتاب واحد ، و اصبح العالم يتجه للعمل من المنازل وبنصف الرواتب في الوقت الذي كبر حجم التعامل مع شركات التوصيل للمنازل و الانترنت و التقنيات نتيجة لهذا الواقع الذي يُتوقع أن يزداد تدهوراً مع مرور الوقت.

مقالات ذات صلة

مع كل هذا يتعامل البعض مع الفيروس باعتبار محاولة إيجاد مصل بينما هو اكثر تآثيرا من الحرب العالمية الاولي و الثانية.

اكثو من ٤٠٪ من دول العالم تتجه الي تفكك المنظومة المدنية و ستتعمق الهوة بين المجتمعات و نفسها و بين الشعوب و حكامها خصوصا ممن جعلن “الكورونا” لقطة تضاف لصورهم ، مع اعلان نسبة العجز الكامل في ميزانيتها وتراجع النمو عكسيا لاكثر من ٢٠٪ سنويا ، في وقت ثلث تلك الدول علي حافة الإفلاس ما لم يتم تحريك عجلة الاقتصاد و ضخّ أموال توفر سيولة بالعملة الأجنبية، و بالطبع هذا ليس ترفا متاحا لأغلبهم، كما وأن سيناريوهات الحرب و عودة ” نظرية المستعمرات” و الاحلال البشري وارده مع عودة لظهور ” نظريات المؤامرات” الداعية الي افناء نصف البشرية خلال عشر سنوات قادمة .

وهنالك دول امتد وانتشر فيها الفساد ستتخذ من “انتشار الفيروس والاغلاقات” شماعة لتضع عليها فشل منظومة حكامها و حكوماتها و سرقتهم لمقدرات بلادهم، في محاولة لإخفاء معالم جرائمهم الاقتصادية.

الحل يكمن في أجراء تغيير مفاهيمي مكتمل المعالم لإدارة العالم، بعد سقوط خصوصية اقتصاديات الدول ، لا التسليم لدولة بعينها ان تفرض و تقود ” الكرة الأرضية “ ، و اعتقادي حسب نظرية المؤامرة ان هناك دولا عظمي خلف كل ما يحدث من تداعيات خطيرة لإعادة انتاج عالم جديد بمفهوم “كرة أرضية جديدة” من جديد، و لكنهم لم يتوقعوا او يضعوا في حساباتهم الا ” العلاقة الاقتصادية الصينية الامريكية ” و تناسوا وجود غير الصين و أمريكا في كاس “البقاء حيا” .

د. م. عبد الفتاح طوقان
تورنتو – كندا
aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى