حسن ناجي
آلمني رحيلك..
هل ما تزال، كعادتك، تمزح معنا؟ صدّقني إنها مزحةٌ “بايخة”، لم نضحك منها أو عليها.
لقد فشلتَ في إضحاكنا هذه المرة، لكنك وبامتياز أبكيتَنا. هل سرّك بكاؤنا؟ إذن لماذا رحلت؟ كنت توجعنا ونضحك، واليوم أوجعتنا غياباً فبكينا، كيف بالله عليك فعلتها؟
لقد بكّرت الرحيل، هل مللت الإقامة بيننا؟ لقد تركت لنا سنوات للبكاء..
محمود،
حقاً لقد آلمنا رحيلك، كنت بيننا طفلاً يرفض “اللهاية”، لأنك لا تريد لأحد أن يجبرك على السكوت، كنت بيننا رجلاً يرفض “المحاية” في يد الرقيب، لأنها تحدد لون الكلام وشكل الكلام، بل وتحاول أن تمحو الكلام، وأنت اليوم هناك بينهم. لقد تركتنا أمام امتحان صعب، هل نستطيع أن نُكمل المشوار؟ قد تقول لي كما هي عادتك: “أنت استاذنا يا عم حسن”، وها هو حسين حبيبك وكل الحلوين معك.. لقد علمتنا على الابتسام، سنحاول أن لا نتعلم البكاء بعدك.
محمود،
أتذكر يوم التقينا في صيف 1976 حين كنت تعمل مع الفنان الذي نسيه الجميع حسني ذياب، والذي قمت معه بتقديم أربع مسرحيات، وقدمنا معاً مسرحيتين، أتذكر مشاركاتك في المعسكرات الكشفية مع فهد قاقيش، والتمثيليات القصيرة التي كنا نكتبها ارتجالياً وتحفظونها طازجة، كنتَ مبدعاً حقيقياً، أنت اليوم كما كنت أقول لك دائماً حين نلتقي، لست بحاجة إلى شهادتي، ولا شهادة حسني ذياب، فالجمهور قد أنصفك وقال كلمته عنك وعنا وأخذنا حقنا عند كل تكريم لك أنت وحسين. صدقني، لقد كان نجاحكما يشكل عندنا أنا وحسني حالة من الزهو.
محمود،
لن أقول عنك كل ما أعرف، فقد اختزنت كل ذلك في الكتاب الذي أقوم بإعداده كما قلت لك، وسأكون وفياً لك ولحسين ولكل فنان شاركنا الهمَّ المسرحي والفرح المسرحي.
محمود صايمة صام عن الحياة وأفطر على الموت، أيّ عذاب هذا يعيشه الفنان الأردني؟ أيّ حزن؟ أيّ دمع؟
أ.ر