سواليف _ بالتزامن مع قطع شبكة الإنترنت في العاصمة وباقي مدن العراق، نفذت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة وُصفت بغير المسبوقة، طاولت ناشطين ومتظاهرين في بغداد وكربلاء وذي قار وميسان والبصرة ومدن عراقية أخرى.
وأكدت مصادر أمنية وحقوقية، لـ”العربي الجديد”، اليوم الثلاثاء، أنّه “تم اعتقال عدد كبير من الناشطين والمتظاهرين من منازلهم بلا مذكرات قضائية، واقتيد آخرون من الشوارع دون معرفة مكان احتجازهم أو السند القانوني لذلك”، من دون أن تحدد عددهم.
يأتي ذلك مع استمرار عمليات قمع واسعة في البصرة والشطرة وسوق الشيوخ جنوبي البلاد، تسببت بسقوط عدد من القتلى والمصابين، مع استمرار التظاهرات في مناطق أخرى من جنوب ووسط البلاد والعاصمة بغداد.
وعقد رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، ليلة أمس، اجتماعاً أمنياً مع وزراء الداخلية والدفاع وكبار القادة الأمنيين بحضور رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس القضاء فائق زيدان.
وكان لافتاً حضور القيادي بمليشيات “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس، بالاجتماع الذي بحث ملف التظاهرات في العراق، دون أن يشير إلى قرارات أو عودة مستوى القمع إلى مستوياته المرتفعة حيث تسبب بسقوط عدد غير قليل من العراقيين بنيران الأمن.
وقال المكتب الإعلامي لعبد المهدي، في بيان تلقى “العربي الجديد” نسخة منه، إنّ “القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي عقد اجتماعاً بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ووزيري الدفاع والداخلية وعدد من القادة الأمنيين، لبحث تطورات الأوضاع والإجراءات اللازمة لحفظ الأمن والنظام”.
وتم خلال الاجتماع “تأكيد دعم السلطتين القضائية والتشريعية لجهود الحكومة والأجهزة الأمنية بفرض الأمن والاستقرار في عموم البلاد وحماية المتظاهرين والممتلكات الخاصة والعامة والمنشآت الاقتصادية وضمان انتظام العمل والدوام وانسيابية حركة المواطنين”، بحسب البيان.
ووفقاً لمسؤول عراقي في وزارة الداخلية، فإنّ حملة اعتقالات نفذها جهاز الاستخبارات وقوات “سُوات” طاولت العشرات من الناشطين، خلال فترة قطع الإنترنت.
وأوضح المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته، لـ”العربي الجديد”، أنّ الاعتقالات جرت في الإسكان والوشاش والعلاوي، غربي بغداد، وفي الصالحية ومحيط ساحة التحرير والحسينية والصدر والكاظمية وحي أور والمشتل وبغداد الجديدة.
ولفت إلى أنّ هناك اعتقالات مماثلة في كربلاء وميسان وذي قار والبصرة ومناطق أخرى، كاشفاً عن أنّ جميع الاعتقالات غير مسنودة بمذكرات قضائية، واستهدفت ناشطين ووجوهاً بارزة في التظاهرات، ومدونين.
وفي السياق، أكد شهود عيان رصدهم سيارات “بيك أب” تابعة للأمن، تحمل شباناً معصوبي الأعين قرب نفق العلاوي، متجهة بهم إلى مركز شرطة في منطقة الكرادة ببغداد.
ومع ساعات الصباح الأولى، اليوم الثلاثاء، قطع المتظاهرون الخط السريع باتجاه أبو غريب والذي يربط بغداد بمحافظة الأنبار، تنفيذاً للإضراب العام، كما قطعوا خط محمد القاسم السريع الذي يربط جنوب العاصمة بشرقيها وشمالها، وأغلقوا طريق مناطق الكمالية والعبيدي، وطريق الرصافي باتجاه سوق الشورجة، وساحة الخلاني.
وفي محافظة ذي قار التي شهدت ليلة دامية، أمس الإثنين، خلال تظاهرات حاشدة ببلدة الشطرة، تجددت التظاهرات، صباح اليوم، وسط إطلاق نار كثيف وقنابل الغاز من قبل عناصر الأمن.
وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، في بيان، “مقتل متظاهرين اثنين وإصابة 23، واعتقال 238، أطلق سراح 156 منهم في ذي قار”، مبينة أن “الحالة باتت مقلقة في المحافظة، وخاصة بلدة الشطرة وسوق الشيوخ”.
وأشارت المفوضية إلى “قطع الكهرباء والطرق واستخدام الرصاص الحي والمطاطي والغازات المسيلة للدموع من قبل القوات الأمنية تجاه المتظاهرين”.
كما تجددت التظاهرات في البصرة، التي شهدت، ليل أمس، إعلان حظر التجوال في بلدة أم قصر، وبحسب مصادر تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإنّ “قتيلين سقطا صباح اليوم ووقع عشرات الجرحى قرب ميناء أم قصر بنيران الأمن”.
وأوضحت المصادر أنّ “مدرعات الفرقة التاسعة من الجيش هاجمت المتظاهرين والمعتصمين، فيما لايزال الاعتصام مستمراً أمام بوابة الميناء والمعتصمون سيطروا على إحدى المدرعات التي هاجمتهم”.
وشهدت محافظة النجف إغلاق أغلب الشوارع الرئيسة فيها، تطبيقاً للإضراب العام، وقد توقفت الحركة بشكل واسع فيها، وسط دعوات لإغلاق مطار النجف. أما بابل المحافظة الحدودية مع بغداد (جنوباً)، فقد أغلق المتظاهرون عدداً من الدوائر الحكومية فيها، كما أغلقوا طرقاً رئيسة.
ومع تسارع وقع التظاهرات العراقية التي تتسع بشكل كبير، عبّرت العشائر العراقية عن غضبها لقتل المتظاهرين، حيث أمهلت عشائر محافظة كربلاء الحكومة 72 ساعة لتسليم قتلة المتظاهرين من شباب المحافظة، ملوحة بإجراءات أخرى في حال لم تستجب الحكومة.
ودعا تحالف “الفتح” (الجهة السياسية الممثلة لمليشيا الحشد الشعبي)، رئيس الحكومة والأجهزة الأمنية إلى “اتخاذ كافة الإجراءات لحفظ الأمن ومحاسبة الخارجين على القانون وعدم السماح بما يجري من فوضى لا تضر إلا بمصالح الشعب العراقي ومستقبل اأبنائه”، مؤكداً أنّ “البعض يقوم بخرق النظام العام والتعدي على ممتلكات الأمة باسم الاعتراض والعصيان والحقوق الاجتماعية”.
العربي الجديد