اصحي يا بلد

اصحي يا بلد
سهير جرادات

اصحي يا بلد .. فالأمر لن يتوقف عند عودة الحياة إلى طبيعتها بعد زوال آثار الجائحة ، لان العالم يسير نحو التغيير.. ستنهار دول عظمى ..ستتغير موازين القوى.. سيشهد العالم أزمات أمنية وغذائية.. ستتفشى البطالة .. ستتسع رقعة الفقر .. سيخسر العديد من الناس وظائفهم .. الاقتصاد سيتراجع ..ستزيد النفقات وتنخفض الرواتب .. والضرائب ستزيد .. ستتراجع الخدمات التعليمية والصحية.. سنشهد حالة كساد ..مشاريع ستتدمر وشركات ومؤسسات ستغلق، وأخرى ستدمج ..طبقة الفقراء ستتسع والطبقة الوسطى ستتلاشى.. والاستثمارات ستهرب .
اصحي يا بلد.. لا يغرنك قرار التخفيف من إجراءات الحظر، المقرونة بتهديدات صحية من عودة الوباء في مرحلة ثانية وثالثة بحسب بيان منظمة الصحة العالمية ، والتي ستكون أشد وطأة على الأردنيين، الذين لم يكتسبوا المناعة بحسب وزير صحتنا ، فجاء القرار – كما هوالحال في جميع دول العالم – سياسيا لا صحيا ، بعد أن وصل العالم إلى قناعة بأن الاستقرار الاقتصادي أولوية على الاستقرارالصحي.
اصحي يا بلد .. على الرغم من أن فيروس كورونا قدم للعالم بأسره ومنه الأردن فرصا ذهبية ، إلا أننا لغاية الآن لم نسمع أصواتا تطرح مقترحًا واحدا لإعادة مقدرات الدولة التي تم تخصيصها ، ولم نسمع عن إجراءات للحد من استقواء بعض القطاعات المالية والمصرفية والسياحية .. أو الحد من اللوبيات والشللية .. ومحاربة الرشوة والسمسرة .. والتوقف عن شراء الولاءات .. وكل ما شهدناه تأجيل الانتخابات النيابية واطالة عمر المجلس وعمر الحكومة .
اصحي يا بلد .. فالأثرياء وناهبو الوطن والمستفيدون منه حتى آخرقطرة ، والمتمتعون بالمناصب العليا والسياسية المتقدمة ، الذين بسنوات قليلة اصبحوا يقطنون القصور ويمتلكون المزارع والشركات والأرصدة في البنوك ، وفي وقت الشدة لم يقدموا فلسا واحدًا للدولة، وتحسبا لأي طارئ هربوا أموالهم للخارج ، لان الوطن بالنسبة اليهم”ممر وليس مستقر”.

اصحي يا بلد.. فالحكومة حصدت من الشعب خلال فترة الحجرالصحي قرابة مئة مليون من صندوق ” همة وطن ” .. وأكلت أموالدعم الخبز التي تقدر ب 80 مليونًا .. وبلعت علاوة المعلمين التي تقدرب 100 مليون .. وشطبت علاوات العسكر وعلاوة التنقل لجميع موظفي القطاع العام التي تتجاوز ال 70 مليونًا .. وحرمت جميع موظفي الدولة لعام 2020 من الزيادات التي تتجاوز ال 110 ملايين .. وبخرت المكافآت، ونصف رواتب العقود وشراء الخدمات التي تقدر بعشرات الملايين .. ونظفت أموال صندوق الضمان الاجتماعي .. وأخفت عنا مقدار المساعدات الخارجية.
اصحي يا بلد .. ان الحكومة لم تلجأ إلى طرح مقترح إعادة مقدرات الدولة التي تم تخصيصها !!.واستعانت بالمسؤولين القدامى لحمل مقترحاتها حتى لا تفهم على أنها توجه حكومي ، فأوصى رئيس وزراء سابق بمقترح حسم 2% من أموال الأغنياء ممن يمتلكون مئة الف دينار وأكثر ، متجاهلا هذا الرئيس شمول الأموال ( المهربة ) خارج البلد .. ليطل علينا نائب رئيس وزراء سابق بمقترح مغلف بالتهديد بان الدولة من حقها أن تأخذ نسبا من الأموال دون اللجوء إلى سن قوانين ، مقترحا حسم 30 % من أرباح الشركات مع الحفاظ على رأس المال على مبدأ ( خزانة الدولة من جيوب رعاياها ) .. فيما دعا رئيس ديوان أسبق إلى اغتنام فرصة الفراغ الذي احدثته الجائحة، لكنه لم يفسر الفراغ ولم يشرح ما الآليات لملئه..
اصحي يا بلد.. ولا تصدقي كل ما تقراي بأننا نحتل مرتبة متقدمة على المستوى العالمي في الحكومة الإلكترونية بحسب تقرير الأمم المتحدة ، لان أزمة كورونا كشفت زيف مرتبتنا التي ( تعثرت ) في أول امتحان لها ، حينما لجأت الى تحويل النمط التعليمي من ” وجاهي تلقيني ” إلى منصات التعليم الإلكتروني -عن بعد – ، ويريدون بيوم وليلة أن نصبح مجتمعًا إلكترونيًا وبكبسة زر التحول ؛ متجاهلين ضعف شبكة الإنترنت، وعدم شمول جميع مناطق المملكة بالخدمات .

اصحي يا بلد.. ليس كل ما يقرأ أو يشاهد يأخذ ( بحسن النوايا ) ، وعليك أن تبحث عن الرسائل المراد ايصالها ، ودراسة الشخصية التي يتم اختيارها لايصال هذه الرسائل، والجهة التي يتبع لها ويتحدث بلسانها ، لنعرف ما يراد من وراء هذه الرسائل .. فهناك رسائل تبث داخليا كما في قصة ( كبح جماح ) شعبية وزير الصحة التي زادت عن حدها – رغم مساهماتهم بها – بصورة ( أقلقتهم ) ، وتقرر تنزيلها باستدراجه – كبش فداء – واستضافته في برنامج تلفزيوني لا يليق بمسؤول عن وزارة حساسة في وقت في غاية الحساسية .. أما الرسائل الخارجية فتمثلت في توظيف أحد كتاب (التدخل السريع ) ليتحدث بكل ثقة بأن خزينة الدولة لا يتوفر فيها دينار واحد من رواتب شهر أيار.
اصحي يا بلد .. هناك لعب تحت الطاولة

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. يا اخت سهير ترى كلنا عارفين انهم حرامية من زمااان وبنعرف انهم رح يستغلوا سولافة كورونا لنهب المزيد ولكن تاكدي بانهم سيدفعون ذلك قريبا وقريبا جدا.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى